دشنت المعارضة التونسية أمس «أسبوع الرحيل» بتظاهرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف، بالتوازي مع الكشف عن مفاوضات سرية تقودها حركة النهضة مع قوى المعارضة لضمان خروج آمن لوزرائها بعد حل الحكومة، متحدثة عن سيناريو عقد تحالفات جديدة في الحكم تقضي بالدخول في تحالف مع حركة نداء تونس والجبهة الشعبية لتشكيل حكومة جديدة والتنازل عن شركائها في الترويكا.
وانطلقت تظاهرات أمس التي نظمتها المعارضة التونسية، مدشنة «أسبوع الرحيل»، من باب سعدون وصولا الى ساحة باردو في العاصمة، حيث ينظم منذ أسابيع اعتصام الرحيل، ما عزز الزخم الذي تشهده الساحة منذ شهر. وشارك في الاحتجاجات، التي طالبت بحل الحكومة والمجلس التأسيسي وتشكيل حكومة كفاءات، عشرات الآلاف من المعارضين لحكم الترويكا.
ومن شأن هذا التجمع، الذي جرى كالعادة أمام مقر المجلس التأسيسي في ضاحية الباردو بتونس العاصمة، أن يعطي انطلاقة أسبوع تعبئة عبر مختلف أنحاء البلاد بعد أن ركز المعارضون حتى الآن تحركاتهم على العاصمة. وبدأت هذه الحملة بعد أن فشلت وساطة الاتحاد العام للشغل في تقريب مواقف حركة النهضة الحاكمة في تونس ومعارضيهم في جبهة الإنقاذ الوطني، الائتلاف الذي يجمع أحزابًا من أقصى اليسار إلى وسط اليمين.
وأوضح الناطق باسم حركة نداء تونس رضـا بلحاج، أحد الأطراف المكونة لجبهة الإنقاذ الوطني، أن «أشـكال التعبير في ساحة باردو أصبحـت متنوعـة وتأخذ منحى تدريجياً وفـي إطار قانوني بدء من أسبوع الرحيل وذكرى اغتيال شكري بلعيد وعيد المرأة الى حملة ارحل، لكنها تلتقي جميعاً في مطلب واحد وهو حل الحكومة المؤقتة الحالية».
مفاوضات سرية
إلى ذلك، أكدت مصادر تونسية مطلعة لـ«البيان» أن حركة النهضة تقود مفاوضات سرية مع قوى المعارضة لضمان الخروج الآمن لوزرائها بعد حل الحكومة. وأضافت المصادر ذاتها أن أهم ما يشغل حركة النهضة حالياً هو إمكانية ملاحقة بعض مسؤوليها قضائياً في حالة والكشف عن تورطهم في قضايا متعلقة بالفساد أثناء ممارستهم العمل الحكومي أو تورطهم في قضايا متصلة بالأمن.
وأوضحت المصادر المطلعة لـ«البيان» أن رئيس الحركة راشد الغنوشي تناول قضية الخروج الآمن لوزراء حركته مع زعيم حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي خلال لقائهما في باريس الأسبوع الماضي، وأنه طلب منه لعب دور الوساطة مع بقية قوى المعارضة وجبهة الإنقاذ الوطني من أجل توفير ضمانات بعدم ملاحقة وزراء الحركة».
التنازل عن «الترويكا»
وفي سياق متصل، اكدت مصادر مطلعة لـ«البيان» أن «النهضة» تجري بالتوازي مفاوضات سرية مع بعض أطراف المعارضة للتفاوض معها حول عقد تحالفات جديدة في الحكم تصل الى حد إجراء تعديلات على القانون المنظم للسلطات والدخول في تحالف مع حركة نداء تونس والجبهة الشعبية لتشكيل حكومة جديدة يمكن أن يرأسها وجه آخر من الحركة مثل حمادي الجبالي أو عبد اللطيف المكي بدلًا عن علي العريض، إضافة الى إمكانية منح رئاسة المجلس التأسيسي لزعيم الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي عوضاً عن مصطفى بن جعفر. كما أن المفاوضات يمكن أن تصل الى حد تمديد الفترة الانتقالية ومنح منصب رئاسة الدولة الى السبسي، وإيجاد صيغة تفاهم مع الجبهة الشعبية عبر تمكينها من حقائب وزارية «مهمة».
وأضافت المصادر ذاتها أن حركة النهضة «تقود المفاوضات السرية بالتوازي مع المشاورات المعلنة التي يقودها الاتحاد العام للشغل، وهي تعلم بقوة المعارضة وخطورة الحراك الشعبي، وبالتراجع الكبير لشعبية شريكيها الحاليين في الحكم، وهما حزبا المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتّل الديمقراطي للعمل والحريات اللذين يفتقدان للثقل الشعبي في الشارع حتى باتا يمثلان عبئاً عليها»، مضيفةً أن «أطرافاً خارجية تدعم هذا التوجه لحلحلة الأزمة والخروج بتونس من النفق المظلم».
