تاريخ الأسد مع الكيماوي (جرافيك)
في موقف تصعيدي منفرد هذه المرة، لوّحت فرنسا أمس باستخدام القوة ضد نظام بشار الأسد في حال ثبوت استخدامه الأسلحة الكيميائية في الهجوم الدامي في الغوطة الشرقية بريف دمشق، بموازاة موقف أميركي معاكس كشف عنه تأكيد قائد الجيوش الأميركية الجنرال مارتن دمبسي أن أي تدخل عسكري «لن يكون في صالح بلاده»، في وقت أكدت روسيا والصين موقفهما الثابت بدعم الأسد عبر تصريحات متقاربة المضمون مع موقف دمشق.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن «الأمر يتطلب رد فعل قويا في سوريا من جانب المجتمع الدولي لكن إرسال قوات على الأرض غير مطروح». وأضاف عقب لقائه في عشاء عمل بباريس مع نظيره البريطاني وليام هيغ أنه «اذا لم يكن مجلس الأمن الدولي قد تمكن من اتخاذ قرار، فإن الأمر يتطلب سلوك طرق أخرى لاتخاذ قرار في حال ثبوت وقوع الهجوم». إلا أنه لم يخض في التفاصيل. وأردف أن «الهجوم يبرز شعورا داخل حكومة الأسد بالحصانة». وقال إنه «إذا رفض الأسد السماح لفريق التفتيش الدولي بالتحقيق في الموقع فإن هذا سيعني أنه كان سيضبط متلبسا».
تردد أميركي
وفي واشنطن، شدد قائد الجيوش الاميركية الجنرال مارتن دمبسي في رسالة وجهها الى النائب الديمقراطي اليوت انغل، في مجال معارضته أي تدخل عسكري في سوريا ولو حتى محدودا، «على تشتت المعارضة السورية وعلى ثقل المجموعات المسلحة المتطرفة داخل هذه المعارضة». واضاف: «اعتبر ان المعسكر الذي نختار دعمه يجب ان يكون مستعدا لتعزيز مصالحه ومصالحنا عندما تميل الدفة لمصلحته. الوضح حاليا ليس كذلك».
وتابع دمبسي: «بإمكاننا ان ندمر الطيران السوري» المسؤول عن العديد من عمليات قصف المدنيين، لكنه تدارك: «لن يكون الامر حاسما على صعيد عسكري بل سيدخلنا حتما في النزاع»، مضيفا انه «في حال تمكنت القوة الأميركية من تغيير التوازن العسكري (في سوريا) فهي لن تكون قادرة على حل المشاكل الاتنية والدينية والقبلية التاريخية التي تغذي النزاع». وأشار إلى أن الاضطرابات في سوريا «ذات جذور عميقة». واعتبر دمبسي، أن أي تدخل عسكري أميركي «سيكون له أيضا تداعيات ستضعف من امن حلفائنا وشركائنا».
لا خط أحمر
من جانبها، طالبت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي بأن «يسمح فورا» للأمم المتحدة بالوصول الى موقع الهجوم الكيميائي، ورفضت الحديث بعد اليوم عن «خط أحمر» تجاوزته دمشق. وقالت: «لا أتحدث عن خطوط حمراء. لم أناقش أو أتحدث عن خطوط حمراء، لا احدد خطوطا حمراء ولا نتحدث عن خطوط حمراء اليوم». أما الناطق باسم البيت الأبيض جوش ايرنست، فقال في تصريحات إن «المسؤولين الأميركيين لم يتمكنوا بعد من التأكد بصورة مستقلة من التقارير عن استخدام مثل هذه الأسلحة في سوريا وانهم يسعون للحصول على معلومات إضافية».
رد بريطاني
وفي لندن، دعت وزارة الخارجية البريطانية الى رد دولي قوي على مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في الهجوم على مناطق بريف دمشق، وإحالة هذه المزاعم إلى الأمم المتحدة. وقال ناطق باسم الوزارة إن «المملكة المتحدة كتبت إلى جانب 36 دولة أخرى إلى الأمين العام بان كي مون لإحالة هذا الحادث إلى الأمم المتحدة، والدعوة إلى منح فريقها الموجود في سوريا حرية التحرك لتمكينه من التحقيق في المزاعم الأخيرة كمسألة عاجلة».
ألمانيا وتركيا
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله عقب لقائه مع نظيره التركي أحمد داوود أوغلو في برلين، «إنه يتعين السماح الفوري لدخول مفتشي الأسلحة الكيميائية التابعين للأمم المتحدة إلى سوريا للتحقيق في تلك الاتهامات». وأضاف فيسترفيله أنه «إذا صحت التقارير فإن ذلك سيكون جريمة نكراء ضد الإنسانية». أما نظيره التركي أوغلو فطالب بفرض فوري لعقوبات جديدة ضد النظام السوري، وقال: «هناك العديد من الخطوط الحمراء التي تم تجاوزها، وإذا لم يعقب ذلك عقوبات فورية سنفقد نفوذ الردع». كما التقى أوغلو في لندن بنظيره البريطاني وبحثا الملف السوري، في وقتٍ أدانت كل من أستراليا وكندا وإيطاليا «مجزرة الغوطة» وطالبت بفتح تحقيق دولي.
حلفاء الأسد
وفي المعسكر المقابل، قالت روسيا إن فريق المفتشين الدوليين عن الأسلحة في سوريا يجب ان يحصل على موافقة دمشق لزيارة موقع الهجوم الكيميائية. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش ان «موقع الهجوم الكيميائية الذي وقع الأربعاء يسيطر عليه المسلحون المعارضون، وانه يجب معالجة المخاوف الأمنية قبل أية عمليات تفتيش دولية». وأضاف: «ليس من قبيل الصدفة ان يقول نائب الأمين العام للأمم المتحدة جان الياسون انه لكي تتم مثل هذه الزيارة فيجب وقف النشاطات العسكرية على اقل تقدير».
وفي أول رد فعل من بكين، قالت الصين انه «على خبراء الأمم المتحدة للأسلحة الكيميائية التحلي بالموضوعية، وان يتشاوروا بشكل كامل» مع النظام السوري.
أما في طهران، فاعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن دمشق ليست المسؤولة عن الهجوم المزعوم بأسلحة كيميائية في سوريا بل مجموعات «إرهابية وتكفيرية من مصلحتها تصعيد الأزمة وتدويلها»، على حد زعمه.
