ازداد غموض المشهد السياسي في مصر، أمس، مع إعلان نائب الرئيس للعلاقات الدولية محمد البرادعي تقديم استقالته من منصبه، اعتراضاً على قيام عناصر الأمن بفض اعتصامي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، في وقت أكد نائب رئيس الوزراء حسام عيسى لـ «البيان»، أن ما يهم الحكومة هو سلامة الجبهة الداخلية وأمنها، في حين توعدت الحكومة بملاحقة المخربين وحماية الممتلكات «باستخدام كافة الوسائل».
وناشدت رئاسة الوزراء المصرية في بيان: «الموجودين على الأرض في أماكن الاعتصام بالعودة إلى الضمير الوطني والاستماع إلى صوت العقل وحفظ الدماء والكف الفوري عن استخدام العنف ومقاومة السلطات، كما تطالب القيادات السياسية لتنظيم الإخوان بإيقاف عمليات التحريض التي تضر بالأمن القومي، وتحمل الحكومة تلك القيادات المسؤولية كاملة عن أي دماء تراق، وعن كل عمليات الشغب والعنف الدائر».
وتابع البيان: «كما تُحيي الحكومة جهود قوات الأمن في تطبيق القانون في ما يخص فض تجمعي رابعة والنهضة، وتشيد بالتزام تلك القوات بأقصى درجات ضبط النفس، والأداء الاحترافي العالي خلال عملية فض الاعتصام».
وأكدت الحكومة أنها «سوف تتصدى بكل حسم وحزم للمحاولات التي بدأتها بعض العناصر التخريبية للاعتداء على الممتلكات العامة وأقسام الشرطة والمنشآت الحيوية»، محذرة من أنها ستقوم «باستخدام كل الوسائل الكفيلة بملاحقة تلك العناصر وحماية ممتلكات الشعب».
وشددت الحكومة على «المضي قدماً في تنفيذ بنود خريطة المستقبل بشكل يتوخى عدم إقصاء أي طرف من المشاركة في العملية السياسية على أسس ديمقراطية تحقق الانتقال الديمقراطي الذي يليق بمصر»، مؤكدة «استمرار حرصها والتزامها ودعمها لضمان حق التعبير السلمي عن الرأي والتظاهر، طالما كان في إطار القانون وحماية حرية الآخرين والحفاظ على سلامة وأمن المجتمع».
البرادعي ينسحب
وفي ردود الفعل على الأحداث، اعتبر البرادعي في كتاب الاستقالة الذي تقدم به إلى الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، أنه «كانت هناك بدائل سلمية لفض هذا الاشتباك المجتمعي، وكانت هناك حلول مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا إلى التوافق الوطني».
واستطرد قائلاً: «ولكن الأمور سارت إلى ما سارت إليه، وإنه من واقع التجارب المماثلة، فإن المصالحة ستأتي في النهاية، ولكن بعد تكبدنا ثمناً غالياً كان من الممكن، في رأيي، تجنبه».
كما اعتبر البرادعي أنه «كان يؤمل من انتفاضة الشعب الكبرى في 30 يونيو التي أطاحت بنظام مرسي والعام السابق الذي تولى فيه مرسي الحُكم، وهو من أسوأ الأعوام التي مرت على مصر، وضع حد لاستقطاب العامة والتأثير فيهم بشعارات دينية، وأن تضع البلاد على مسارها الطبيعي بعد ثورة 25 يناير، إلا أن الأمور سارت في اتجاه مخالف، فقد وصلنا إلى حالة من الاستقطاب أشد قسوة وحالة من الانقسام أكثر خطورة، وأصبح النسيج المجتمعي مهدداً بالتمزق، لأن العنف لا يولد إلا العنف».
الجبهة الداخلية
وفي سياق متصل، قال نائب رئيس مجلس الوزراء المصري حسام عيسى، في تصريحات خاصة لـ «البيان»، إن مجلس الوزراء «لم يعد يهتم أو يقيم وزناً إلى ردود الفعل الغربية إزاء التطورات التي تحدث في مصر بوجه عام»، مؤكداً أن الحكومة الحالية «أضحت لا تعبأ بتصريحات المسؤولين الغربيين بشأن تطورات الأوضاع». وأضاف عيسى، الذي يشغل كذلك منصب وزير التعليم العالي: «ما نهتم به ونقيم له وزناً في الحكومة الحالية الآن، هو الجبهة الداخلية، وكل ما يهمنا الآن هو سلامة وأمن تلك الجبهة التي تأتي على رأس أولوياتنا، إذ نسعى بكل الآليات والسبل نحو الحفاظ على أمن الوطن، ولا نعبأ بتلك التصريحات المغرضة التي يدلي بها البعض».
