سيكون على التونسيين مواجهة ظروف صعبة خلال الأيام والأسابيع المقبلة. فالأزمة السياسية بدون أفق حل، والوضع الاقتصادي مهدد بالانهيار بحلول شهر سبتمبر، بحسب ما نقله زعيم الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي عن قيادات منظمة أرباب العمل. والانهيار الاقتصادي سيدفع الى تعقيد أكبر للوضع الاجتماعي.
وفي حين حذرت رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة وداد بوشماوي من تدهور منتظر للاقتصاد التونسي بسبب الأزمة السياسية الحادة، اعتبر رئيس الاتحاد التونسي للشغل، المنظمة النقابية الأكبر في البلاد، حسين العباسي أن تونس «مقبلة على نفق مظلم إذا لم يتوافق الفرقاء السياسيون على إيجاد حل يرضي الجميع»، في إشارة الى مبادرة الاتحاد التي توصي بحل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة كفاءات غير متحزبة، وتحديد المدة المتبقية من عمل المجلس الوطني التأسيسي.
ويجـد الرئيـس المنصـف المرزوقـي نفسـه عاجـزا عـن تدبيـر أي حـل، فهو، بحسب ما يرى الناطق الرسمي للحزب الجمهوري عصام الشابي «جزء من المشكلة وأحد أركان الفشل في البلاد».
ويرفض حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الانصياع لمطالب المعارضة، مجدّدا انحيازه لحركة النهضة، خاصة أن الأمين العام للحزب عماد الدائمي كان من الناشطين في الحركة، وهاجر الى السودان في بداية تسعينات القرن الماضي، حيث تعمّق في فكر جماعة الإخوان المسلمين الذي تتبناه حركة النهضة. أما الشريك الثالث في الحكم، حزب التكتّل الديمقراطي للعمل والحريات، فاختار لنفسه موقفا وسطيا تجسّد في إعلان زعيمه مصطفى بن جعفر تعليق أشغال المجلس الوطني التأسيسي الى حين التوصل إلى حل يرضي كافة الأطراف.
خط أحمر
وما يزيد تعقيد الوضع أن حركة النهضة تعتبر حل الحكومة والاستغناء عن رئيس الوزراء علي العريض خطّا أحمر، في حين ترى المعارضة وجبهة الإنقاذ أن لا تراجع عن مطلبها بتشكيل حكومة إنقاذ وطني على أنقاض حكومة العريض. وإلا، فإن البديل هو العصيان المدني واللجوء الى الشارع. ويجمع المراقبون على أن للمعارضة قدرة فعلية على تنفيذ تهديداتها، خاصة في حالة وصول النقابات الى حالة اليأس من إمكانية إقناع حركة النهضة بالتخلي عن مقاليد الحكومة.
خريف عاصف
وهكذا تسير الأوضاع في تونس الى خريف عاصف بعد الصيف الحارّ، حيث يسعى كل طرف الى تحدّي الطرف المقابل. فالمعارضة لا ترى إمكانية لتنظيم انتخابات نزيهة في ظل حكم حركة النهضة ذات المرجعية العقائدية والارتباط بمشروع دولي يتجاوز البلاد، على اعتبار أنها ملتزمة بشروط انتمائها للتنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين.