أدت العديد من العوامل إلى تراجع المصالحة الفلسطينية وغياب الحديث عنها، إلا في إطار الدفاع و الهجوم في ساحة المناكفات السياسية التي عادت إلى تصدر الواجهة الفلسطينية من جديد.

ومن بين تلك العوامل: استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بالإضافة إلى الأزمة الحالية في مصر وتأثر حركة حماس بسقوط الإخوان المسلمين، وعدم قدرة مصر الآن على الاستمرار في لعب دور الوسيط في المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس.

ويتكرس الجهد في رام الله باتجاه ملف المفاوضات وسط انشغال القطاع بأزمة حركة حماس مع القاهرة والتهم الموجهة إليها ، والصفعة التي تلقتها الحركة الأم، الإخوان المسلمين، على إثر عزل محمد مرسي وسقوط الجماعة، وتطاير أحلام «حماس» التي تطلعت إلى استثناءات جمة في ظل حكم الإسلاميين.

حضور وغياب

ويرى المحلل السياسي سمير عباهرة أن حركة حماس «يتهددها الخطر الآن بعد أن فتحت عليها النار بعد هزيمة الإخوان، وما يعنيه ذلك من مخاطر تتخوف منها حماس في المستقبل القريب يجعل من نصرة الإخوان المسلمين وإعانتهم في العودة للحكم هدف أسمى وأولوية قصوى قد تعطل حماس لأجلها كافة أجندتها وملفاتها الاخرى ومن بينها المصالحة الفلسطينية».

ويضيف: «عودة الإخوان المسلمين للحكم هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ حماس التي خسرت أبرز حلفائها القدامى حزب الله وايران وسوريا والإخوان المسلمين الذين لم يعد بيدهم حيلة، وهذا ما دفع بحماس إلى الهجمة التي شنتها على حركة فتح والأجهزة الامنية الفلسطينية فيما يتعلق بالوثائق المهربة التي شككت الغالبية العظمى في صحتها».

وقال عباهرة: «نضيف الى ذلك التقدم الذي يمكن أن تحققه حركة فتح في موازاة تراجع حركة حماس في حال تم إطلاق سراح الأسرى القدامى وغيرهم، حيث أسفرت المفاوضات عن استقرار يبحث عنه معظم الشعب الفلسطيني، ولهذا أرى أن الوقت الآن يشير إلى تصعيد بين الحركتين ، والظروف غير ملائمة للحديث عن المصالحة».

عوامل داخلية

وعلى النقيض من ذلك، يخالف المحلل السياسي هاني حبيب الرأي، مشيرا إلى أن استئناف المفاوضات وما تواجهه حركة حماس الآن من مشاكل ومتاعب «لم يؤثر على المصالحة الفلسطينية التي كانت غائبة ومغيبة قبل إطلاق العملية التفاوضية وسقوط الإخوان».

ويضيف: «المصالحة تتأثر بعوامل فلسطينية داخلية بحتة نتيجة غياب الإرادة الحقيقية والنية الفاعلة والتمسك بأدوات التعطيل بدل أدوات التفعيل».

وكانت حركتا فتح وحماس حددتا في مايو الماضي مهلة ثلاثة اشهر لتشكيل حكومة وحدة وطنية والدعوة إلى انتخابات متزامنة بحيث يستقيل رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ورئيس حكومة حماس اسماعيل هنية لمصلحة حكومة انتقالية يقودها الرئيس محمود عباس، وتكون مكلفة بتنظيم انتخابات في غضون ثلاثة اشهر.

ولكن هذه الاتفاقات الموقعة في القاهرة والدوحة، بقيت معظم بنودها من دون تطبيق.

مربع الانقسام

ومن جهته، يشير المحلل السياسي تحسين داوود إلى أن عباس «كان أشار بالتزامن مع التوصل إلى اتفاق حول استئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي إلى أن الوقت حان لإجراء الانتخابات الفلسطينية». ويشير إلى أن «الحقيقة أن حركة الإخوان المسلمين في مصر وفلسطين وتونس تتصرف جميعها وفق رؤية المرشد الوحيد الأحد الذي يرى في استئثار حركته بالحكم في هذه البلاد ضرورة وبالتالي لم يكن ليسمح بأن يتصالح الشعب الفلسطيني وتخسر حركة حماس سيطرتها الكاملة والمطلقة على القطاع».

واعتبر داوود أن مصر الآن «غير مهيئة للعب دور الوساطة، ويجب أن لا يتوقف العمل على هذا الملف ويتأثر بانطلاق المفاوضات التي حدد سقفها الزمني بتسعة شهور».

ويردف أن «استمرار هذه الحالة بالتوازي مع استمرار الأزمة المصرية التي ستطول ينذر بعودة إلى مربع الإنقسام الأول حيث العنف المفرط ، وبالتالي أي تدخل الآن لصالح هذه الملف من شأنه أن يجنب الشعب الفلسطيني ما قد لا تحمد عقباه».

 

اعتقالات

شنت قوات أمن تابعة لحركة حماس حملة اعتقالات واستدعاء واسعة بحق قيادات وكوادر ميدانية لحركة فتح في إقليم وسط خان يونس جنوب قطاع غزة.

وقالت مصادر في «فتح» أمس إن هناك عددا من الكوادر الميدانية الفتحاوية مطلوبة من قبل حماس. البيان