تسعى جبهة الإنقاذ الوطني (أكبر جبهة للمعارضة ناهضت حكم الإخوان)، أمن أجل «لملمة» شعبية الإخوان المتناثرة لصالحها، بعد أن فقد تنظيم «الإخوان» في مصر طيلة العام الماضي جزءاً كبيراً من شعبيته التي كونها على مدار 85 عاماً، هي عمر التنظيم الذي انطلق في مصر على يد الشيخ حسن البنا.

إذ إن وجودهم في السلطة عرى مبادئهم، وقدمهم بصورتهم الحقيقية للمصريين الذين كانوا يتعاطفون معهم في فترة من الفترات، وخسر «الإخوان» في ذلك العام جل ما اكتسبوه منذ التأسيس، ويعتبر الكثيرون أنهم يعيشون الآن ببقايا شعبية ممثلة في حشودهم التنظيمية فقط، في الوقت الذي انفض المتعاطفون من حولهم، وكذلك المؤيدين لهم، فظهر «الإخوان» بحجمهم الطبيعي بالمشهد المصري.

وفور أن سقط نظام جماعة «الإخوان» من سدة الحكم، بفرمان قوي من القوات المسلحة نفسها، كان السقوط مفاجئاً بصورة أذهلت حتى المعارضة التي كانت غير مستعدة له، وذلك وفق ما أكده الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل مؤخراً، والذي ألمح إلى أن أخطر ما يواجه المشهد المصري حالياً، هو كون المعارضة غير مُهيئة، الأمر الذي يجب عليها لم شملها سريعاً.

وتقدير الظرف التاريخي الراهن، ومسؤوليتها الوطنية الآن بخلاف مسؤوليتها السياسية من أجل التكاتف، لتمرير المرحلة الانتقالية الحالية بصورة سليمة، من خلال تشكيل حكومة قوية، وتعديلات دستورية مُرضية للشارع.

شعبية متناثر

وذكر مصدر بارز داخل جبهة الإنقاذ الوطني، أن الجبهة تسعى حالياً من أجل «لملمة» شعبية الإخوان المتناثرة لصالحها، وكسب ود الشارع، وذلك مع تهاوي جماعة «الإخوان» التي كان يثق عدد من الناس فيها، حتى دون انتمائهم التنظيمي إليها..

و«الجبهة» في سبيل ذلك، تتخذ جملة من التحركات على الصعيد العملي، من خلال طرح شخصيات من داخلها لتولي مهام حكومية، أو طرح رؤى وخطط للمستقبل، وكذلك حملات توعوية، لإزالة آثار الماضي البائس الذي شهدته مصر طيلة العام الماضي.

ولم يُخفِ القيادي في جبهة الإنقاذ د. محمد أبو الغار، سعي «الجبهة» لتحل بديلاً عن «الإخوان» من حيث الشعبية، إذ أكد «على أن ذلك أمرٌ طبيعيٌ عقب تهاوي الجماعة التي كانت تحظى بنسبة الأغلبية طيلة الفترة الأخيرة، وعلى القوى المدنية ودعاة مدنية الدولة عموماً، أن يثبتوا أنفسهم بالشارع سريعاً».

الشرعية الثورية

ورغم ذلك، أكد مراقبون على كون انتفاضة المصريين في 30 يونيو تجاوزت حدود جبهة الإنقاذ، على اعتبارها ممثلاً قوياً للمعارضة، وكذلك تجاوزت جماعة «الإخوان» التي كانت تحكم، إذ أظهرت وجهاً مغايراً للشارع المصري وللعالم كله، وهو وجه «قوى الثورة» و«الشرعية الثورية»، التي ظن كثير من المحللين أنها اختفت.

ولم يعد لها دورٌ عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، إذ ظهرت في 30 يونيو، لتعيد ترتيب موازين القوى، وتثبت نفسها القوة الأكبر التي تتجاوز الجميع، وتقفز على توقعات ومخططات كافة العناصر ذات المصلحة، وفي مقدمهم الولايات المتحدة الأميركية.

حملة تشويه إلكترونية ضد الجيش

رغم التشديد على وسائل الإعلام التي تحرض على الفتنة في مصر، إلا أن أنصار «الإخوان» ومؤيديهم استطاعوا اختراق ذلك الحاجز من خلال الشبكة العنكبوتية «الانترنت»، بجانب ترويج بعض الفضائيات الأجنبية والعربية الداعمة لهم.

وظهرت مجموعات من انصار جماعة الاخوان المسلمين عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» ساعية إلى تشويه صورة القوات المسلحة المصرية، ومُروجة لشائعات ضد الجيش، مثل شائعات حدوث انقسامات أو انقلابات داخل الجيش نفسه.

حيث روّج «الاخوان» نبأ عن انشقاق بعض قيادات القوات المسلحة؛ دعما للرئيس مرسي ولما يسمونه بـ«الشرعية»، ومنهم قائد الجيش الثاني الميداني، تزامنًا مع جملة من الأنباء التي تُبث بشأن اعتداءات «وهمية» من قبل قوات الجيش على عدد من المؤيدين لمرسي، في محاولة من «كتائب الإخوان الالكترونية» لتشويه الصورة، وإثارة الفتن والبلبلة في البلاد، على أمل عودة مُرسي رئيسًا من جديد.

تكذيب

وفي خضم ذلك نشرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانًا أكدت فيه على عدم صحة تلك الأنباء، والتي تأتي في إطار العمليات المستمرة؛ لنشر الشائعات والأكاذيب والافتراءات كإحدى وسائل حرب المعلومات الممنهجة والموجهة ضد القوات المسلحة بهدف تحقيق أهداف سياسية مشبوهة.

وجددت مطالبها لكافة وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بضرورة تحري الدقة في ما يتم تداوله عن المؤسسة العسكرية والأوضاع الداخلية في مصر.

ألاعيب «الإخوان»

وأكد مراقبون على كون تنظيم «الإخوان» وجد المجال مفتوحًا أمامه الآن لممارسة واحدة من أبرز وأهم «ألاعيبه» على مدار التاريخ، وهي نشر الشائعات، ومُحاولة الظهور في دور «الضحية»، بالتالي وصفوا الحراك الثوري الحادث في مصر على كونه انقلابًا وليس تدخلا من الجيش لتصحيح مسار الثورة، «كما راحوا يحاولون كذلك تزييف وعي الشارع المصري عبر أنباء مُضللة تشعل فتيل الفتنة.

وهي عادة إخوانية لا تجد أية غضاضة في استخدامها بالمشهد المصري، إذ أن كُرسي الحكم هو أسمى أمانيها، وفي سبيل استرداده مرة أخرى إليهم سوف يفعلون أي شيء حتى لو على حساب الوطن نفسه أو على حساب دماء الملايين من شباب وأبناء الأمة المصرية».

وفي السياق، استنكر إعلاميون مصريون بعض ممارسات عدد من الصحف ووسائل الإعلام العالمية إزاء الأزمة المصرية، مؤكدين على أن «هناك العديد من المعالجات الإعلامية المضللة التي تسير في ركب صناعة الفتنة في مصر».