نواب المعارضة اعتبروه «خيانة» للبلاد و«النهضة» تصفهم بـ«الأقزام»

الشتائم تعكّر أولى جلسات مناقشة الدستور التونسي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تحوّلت الجلسة العامة التي عقدها المجلس الوطني التأسيسي التونسي، امس، لمناقشة مشروع الدستور الجديد، إلى صاخبة تبادل خلالها النواب الاتهامات والشتائم، ما حال دون استمرار عمل هذه الجلسة التي وُصفت بـ«التاريخية».

وبدأت أعمال هذه الجلسة بشكل هادئ في البداية بحضور الرؤساء الثلاثة، والرئيس السابق فؤاد المبزع، وعدد من رؤساء الأحزاب السياسية الممثلة بالمجلس الوطني التأسيسي، منهم رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي، وممثلو المنظمات الراعية للحوار الوطني، وعدد من الشخصيات السياسية الوطنية.

اتهام بالتزوير

وألقى، رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، كلمة أشار فيها إلى أن المجلس التأسيسي «احترم التوافقات التي توصّلت لها الأحزاب وتم تضمين البعض منها في مشروع الدستور الجديد». ودعا إلى ضرورة التفاعل الإيجابي للمصادقة على مشروع الدستور بالأغلبية، ثم أعطيت بعد ذلك الكلمة للمقرر العام للدستور الحبيب خذر، وهو عضو بحركة النهضة الإسلامية، لتقديم التقرير العام حول مشروع الدستور التونسي الجديد، لتسود حالة من الفوضى، حيث قاطعه عدد من النواب واتهموه بـ«التزوير». ووقف النواب كل من مقعده داخل قاعة الجلسة، يتلون بيانهم الموجّه الى الرأي العام بأصوات عالية، مما أحدث صخباً في المجلس، حاول المقرْر العام للدستور الاستقواء عليه بمضخّم الصوت بعد أن كان رئيس الجلسة قطع نواقل الصوت عن بقية النواب.

مغادرة الجلسة

واعتبر النوّاب الذين قاطعوا كلمة المقرر العام، أن مشروع الدستور الذي أعدته لجنة الصياغة والذي عرضه الحبيب خذر، «تدليس وخرق للمادة 104 من النظام الداخلي للمجلس التأسيسي، وتجاوز للنسخة القانونية للمشروع الذي أعدته اللجان التأسيسية». وأكّدوا على أنها نسخة لدستور جهة أرادت فرض قراءتها ورؤيتها، في إشارة الى حركة النهضة، وطالبوا باعتماد نسخة أعمال اللجان.

ولم يكتف النواب المقاطعون بذلك، بل عمدوا إلى توزيع بيان أكدوا فيه رفضهم لعقد جلسة عامة لمناقشة مشروع الدستور الجديد قبل التوصّل إلى توافقات، لتشهد بذلك جلسة المجلس التأسيسي نقاشات صاخبة وصلت إلى حد الصراخ، وتبادل الاتهامات، ما دفع الحضور من قادة الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية إلى مغادرة المجلس التأسيسي.

وأمام استفحال الفوضى داخل المجلس التأسيسي، قرر رئيس المجلس مصطفى بن جعفر، وقف أعمال هذه الجلسة، ودعوة رؤساء الكتل النيابية إلى اجتماع عاجل لبحث هذه الفوضى.

غضب

وأثار هذا الوضع حفيظة حركة النهضة، حيث لم تتردد النائب الأول لرئيس المجلس التأسيسي والقيادية في حركة النهضة محرزية العبيدي، في وصف نواب المعارضة الذين اعترضوا على مناقشة مشروع الدستور لهيئة الصياغة بـ«الأقزام الذين يعارضون مصلحة البلاد». كما قال المقرر العام للدستور الحبيب خذر، إن «ما أقدم عليه عدد من النواب داخل المجلس هو فوضى، لأن حرية التعبير مكفولة داخل الجلسة العامة»، داعيا كل النواب إلى الالتحاق بركب الانتقال الديمقراطي بالمصادقة على الدستور لأن «المجلس ماض في طريق تمرير مشروع الدستور» واعتبر أن من سيتخلف «سيلحقه الخزي والعار» حسب قوله.

انقلاب

ومن جهته، اعتبر رئيس لجنة السلطتين التشريعية والتنفيذية عمر الشتوي والعلاقة بينهما بالمجلس التأسيسي، تقديم مقرر هيئة الصياغة لنسخته لمشروع الدستور «انحرافاً وعملية تزوير سيسجلها التاريخ، وانقلابا على اللّجان التأسيسية».

احتجاج

الى ذلك نظم أنصار الجبهة الشعبية وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي للمطالبة بدستور لكل التونسيين. ندّدوا خلالها بمشروع الدستور واعتبروه يؤسس لدولة استبداد جديدة بغطاء ديني فرضته حركة النهضة. كما اعتبرت أن مشروع الدستور لا يعترف بسيادة الشعب ولا بالسيادة الوطنية ولا بالمساواة بين الجنسين ولا يضمن الحقوق الاجتماعية، وأنه يمثل خطرا على مستقبل تونس، حيث ان حركة النهضة شرّعت من خلاله بيع خيرات البلاد واستعمارها من جديد.

يُشار إلى أن الإعلان عن المشروع النهائي للدستور التونسي الجديد أثار في حين جدلاً واسعاً، حيث اختلفت الآراء حول مضامين هذا المشروع بين رافض ومؤيد ومتحفظ.

كما أثار هذا المشروع قلقاً متزايداً لدى الأوساط السياسية التونسية، وكذلك المنظمات الحقوقية الأجنبية التي اعتبرته يؤسس لـ«أخونة» البلاد، ويُشكل خطراً حقيقياً على الحقوق والحريات.

وأعلن 60 نائباً بالمجلس الوطني التأسيسي في منتصف الشهر الجاري رفضهم لمشروع الدستور التونسي الجديد، ودعوا الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي إلى تحمّل مسؤولياته.

 

تحقيق قضائي ضد «حماية الثورة»

طالب رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، بفتح تحقيق أمني وقضائي فوري حول مقطع فيديو لرابطة حماية الثورة بولاية تونس، تم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبره تشويهاً متعمداً لصورة وسمعة نواب المجلس، حيث تم فيه نشر صورهم تحت عنوان «قائمة أعداء الثورة وخونة دماء الشهداء»، ما يهدّد سلامتهم الشخصية ويضعهم في خانة الاستهداف المباشر من قبل المتطرفين فكرياً ودينياً.

Email