شهدت الفترة الماضية تغيرًا واضحًا في خريطة الانتماءات السياسية لأهالي محافظات صعيد مصر، وهو ما ظهر بوضوح من خلال حجم الاحتجاجات والتظاهرات بمعظم هذه المحافظات، وإعلان فئة كبيرة منهم المشاركة في فعاليات المطالبة بإسقاط الرئيس مرسي، من خلال المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة؛ للتخلص من حكم جماعة الإخوان.

وتأتي وقفة المحافظات المصرية، كتغييرٍ ملحوظ ٍفي انتماءات الصعيد السياسية، وخاصة أن معظم أهالي صعيد مصر قد أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية الماضية إلى الرئيس د.محمد مرسي، وبعد أن كانت أصواتهم الانتخابية مضمونة لمرشحي التيارات الإسلامية انقلبت تلك المحافظات على الحكم الإسلامي بعد عامٍ واحدٍ فقط من تولي الرئيس محمد مرسي الرئاسة.

في محافظة بني سويف محل ميلاد مرشد جماعة الإخوان د.محمد بديع، اندلعت تظاهرات حاشدة على مدار الأيام الماضية من أمام مسجد عمر بن عبد العزيز بميدان المديرية، جابت شوارع وميادين بني سويف حتى وصلت إلى ديوان عام المحافظة، إذ ردد المتظاهرون هتافات معادية للمرشد والرئيس مرسي، مطالبين المواطنين بالمشاركة في الفعاليات الثورية المطالبة بإسقاط مرسي وجماعته من سدة الحكم.. وفي محافظة الفيوم والتي تزخم بعائلات ذات أصول مرتبطة بالجماعات السلفية، ويقترب عدد سكانها من 2.7 مليون، خرجت عشرات المسيرات بشوارعها ضمن فعاليات مليونية الكارت الأحمر، المطالبة بإسقاط الرئيس.


أما محافظة المنيا (التي يبغ عدد سكانها نحو 4.5 مليون نسمة) فلم تكن بعيدة عن كل تلك التطورات، إذ شارك العديد من شباب القوى الثورية والحركات الثورية والأوساط الشعبية كذلك في تظاهرات أمام ديوان عام المحافظة للمطالبة برحيل النظام والرئيس مرسي.. والأمر نفسه في أسيوط التي شهدت تظاهرات شارك فيها نحو 20 حركةً وحزبًا سياسيًا، وهي المحافظة التي تزخم بالعشرات من العائلات ذات الأصول المنتمية لجماعات إسلامية.


وتحت شعار (سوهاج لن يحكمها إلا الأحرار) شاركت قوى شبابية مختلفة في تظاهرات عمت أرجاء المحافظة التي يبلغ عدد سكانها نحو 4 ملايين نسمة؛ للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. وفي الأقصر (التي يبلغ عدد سكانها نحو 482 ألف نسمة) قامت حركة بنت مصرية بتنظيم العديد من اللقاءات والمؤتمرات على مدار الأيام الماضية؛ لدعوة أهالي المحافظة للمشاركة في فعاليات مليونية الكارت الأحمر، حيث تم تنظيم سلاسل بشرية؛ لتحفيز سيدات الأقصر على النزول بشكل أكبر في المظاهرات..

وكذلك الحال في محافظة أسوان التي شهدت حشدًا كبيرًا من ميدان الشهداء أمام محطة سكة حديد أسوان، وفي مدينة كوم أمبو، ثم مسيرات جابت الشوارع  الرئيسية هناك، في الوقت الذي أعلن فيه العديد من النشطاء الاعتصام اعتراضًا على حكم الإخوان.

وفي السياق ذاته، طافت تظاهرات محافظة الوادي الجديد (البالغ عدد سكانها نحو 200 ألف نسمة) ميدان البساتين بالخارجة؛ للمطالبة برحيل مرسي والتنديد بحكم جماعة الإخوان.

هذا التحول الخطير في الخريطة السياسية لمحافظات الصعيد يفسره الأمين العام للحزب التحالف الاشتراكي والمنسق العام للحركة المصرية؛ للتغيير المهندس أحمد بهاء الدين شعبان في تصريحات خاصة لـ"البيان" قائلاً: إن رفض الصعيد لحكم جماعة الإخوان دليل على فشل الرئيس مرسي في إدارة البلاد، مؤكدًا على أن الجماعة انكشفت في جميع أنحاء الجمهورية، وخاصة في الصعيد، بعد أن كانت قديمًا أصواتها مضمونة لمرشحي الجماعات والتيارات الإسلامية.


وفي السياق ذاته، قال نائب رئيس حزب الوفد بهاء الدين أبو شقة إن تظاهرات (الكارت الأحمر) عمت جميع محافظات مصر، ولم تقتصر فقط على القاهرة، مضيفًا أن التغيير السياسي في مدن الصعيد كان أمرًا متوقعًا بعد ما عانى منه على مدار السنوات الماضية، وما أكمله الرئيس مرسي من إهماله بصورة جعلت محافظات الصعيد من أكثر المحافظات فقرًا وأميةً وتدني مستوى المعيشة.