اختتم، أمس، في تونس المؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب في غياب رئيسي الدولة المنصف المرزوقي والحكومة علي العريّض، وسط اتهامات للرئيس التونسي بمحاولة إفشال المؤتمر، في وقت أكدت مصادر لـ«البيان» أن مكتب المجلس التأسيسي سيحدد غداً جلسة «عزل» المرزوقي من منصبه.
وأكدت مصادر مطلعة من مكتب المجلس التأسيسي لـ«البيان» أنه سيتم يوم غد الجمعة تحديد موعد الجلسة العامة المخصصة لمناقشة لائحة إعفاء المرزوقي من منصبه، وموعد الجلسة العامة المخصصة لمناقشة قانون العزل السياسي المعروف باسم قانون «تحصين الثورة».
ومن المنتظر أن يتم تحديد جلسة إعفاء المرزوقي لتكون خلال الأسبوع المقبل، على أن تشهد مناقشة اللائحة المقدمة والتصويت السري عليها، كما ينتظر أن يحضر الرئيس المرزوقي الجلسة رغم أن الناطق الرسمي باسم الرئاسة عدنان منصر استبعد ذلك.
قانون العزل السياسي
على صعيد آخر، سيتم غدا تحديد موعد الجلسة العامة المخصصة لمشروع قانون العزل السياسي الذي أثار جدلاً واسعاً واختلافات في وجهات النظر بين أطراف تدعو إلى إقصاء الفاعلين السياسيين في العهد السابق وبين أطراف ترفض تمرير هذا القانون بدعوى أنه يتعارض مع العدالة الانتقالية ويتعارض مع الاتفاقيات الدولية الضامنة للحقوق المدنية والسياسية.
وقال القيادي في الجبهة الشعبية وزعيم حزب العمال حمّة الهمامي لـ«البيان» إن حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس تستقطب قواعد الحزب المنحل، وترفع قانون العزل في وجه من لا يسير على منهجها، مضيفا أن الحكومة الحالية تعتمد على عدد كبير من رجالات الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وفي مقدمتهم محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري.
وقال الهمامي «في العام 1989 كانت حركة النهضة تمضي على ميثاق بن علي في حين عارضنا نحن بن علي منذ أول يوم استولى فيه على السلطة في السابع من نوفمبر 1987»
ضد حقوق الإنسان
ويرى خبراء في القانون الدستوري أن قانون العزل السياسي وتحصين الثورة فاقد الشرعية ويتنافى مع المعاهدات الدولية كما يتناقض مع ما جاء في توطئة مسودة الدستور ومفهوم العدالة الانتقالية، فضلاً عن انه مخالف للمبادئ الدستورية.
واعتبر أستاذ القانون الدستوري رافع بن عاشور أن قانون تحصين الثورة هو قانون فاقد كل مشروعية غايته ظاهريا أخلاقية غير أن الهدف الحقيقي منه بعيد عن كل غاية أخلاقية، إذ يرمي إلى تحصين فئة سياسية معينة أربكتها استطلاعات الرأي التي تؤكد تنامي شعبية رئيس حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي على حد قوله.
وفي السياق ذاته، يتساءل وزير العدل الأسبق العميد الأزهر القروي الشابي، هل من المنطق والمعقول أن يفكر إنسان أو مسؤول في إصدار قانون يدّعي تحصين الثورة والغاية منه القضاء على حقوق الإنسان؟
انقلاب وليس ثورة
يأتي ذلك في حين أوضح المستشار السياسي لدى رئيس الجمهورية عزيز كريشان خلال إعلان عدد من الأحزاب والمنظمات تأسيس تنسيقية قوى الثورة، أن ما حصل يوم 14 يناير 2011 لم يكن ثورة بل كان على حدّ تعبيره انقلاباً، واعتبر كريشان أن ظهور رئيس الحكومة الأسبق محمد الغنوشي بعد هروب بن علي ليتحدّث باسم الثورة دليل على أن ما حصل كان انقلابا.
مقاطعة كلمة المرزوقي
في غضون ذلك، قاطعت الجبهة الشعبية كلمة موفد المرزوقي إلى المؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب، خالد بن مبارك والتي عبّر فيها عن أسفه لما جدّ من أحداث عنف في افتتاح المؤتمر. واعتبر القيادي بالجبهة، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد زياد الأخضر أنه لا يحق لرئاسة الجمهورية التي تدافع على حدّ تعبيره عن الميليشيات واستقبلتها في قصر قرطاج أن تعبّر عن أسفها وتقارن بين روابط حماية الثورة والجبهة في ممارسة العنف، وذلك في إشارة إلى استقبال المرزوقي لعدد من قياديي رابطات حماية الثورة ولمجموعة من المتشددين.
كما انتقد الأخضر عدم مشاركة المرزوقي في اختتام المؤتمر، واتهمه بالرغبة في إفشاله قائلاً: «رئيس الجمهورية لا يريد المشاركة في إخراج البلاد من الوضع المتردي».
وتم اسدال الستار أمس على المؤتمر الوطني لمناهضة العنف والإرهاب بمقر منظمة الصناعة والتجارة بتونس، بحضور عدد من زعماء الأحزاب السياسية وممثلين عن المجتمع المدني وعدد من نواب المجلس التأسيسي أهمهم: وزير العدل سمير ديلو ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر وأمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي.
دعوة لحل «الشعبية»
أصدر تنظيم رجال الثورة بضاحية الكرم، القريب من حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس، بياناً دعا فيه إلى حل الجبهة الشعبية على اثر العنف الذي مارسته ميليشياتها خلال أشغال مؤتمر مناهضة العنف.
وندّد رجال الثورة بما وصفوها شعارات عنصرية مناوئة للإسلام رفعتها ميليشيات الجبهة الشعبية، داعية الحكومة إلى فتح تحقيق في ما حصل في المؤتمر، وإلى حلّ الجبهة الشعبية والأحزاب المنتمية إليها.
