«لن نلتفت إلى الوراء في علاقاتنا مع بغداد فمصلحة العراق والكويت فوق كل شيء». بهذه العبارة تكلّلت زيارة رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك الصباح إلى العراق، مدشناً صفحة جديدة بعد 23 عاماً من الشد والتوتر.

فالكويت والعراق اتفقا الأربعاء الماضي على إبلاغ الأمم المتحدة ومجلس أمنها وفاء بغداد بالتزاماتها الأممية إزاء الكويت تمهيدا لخروجه من طائلة الفصل السابع.. في قرار تاريخي يؤذن بإنهاء حالة من الاشكاليات السياسية والاقتصادية شابت علاقات البلدين، تكلّلت بتوقيع ست اتفاقات في العديد من القطاعات.

وزيارة الأربعاء الماضي لرئيس الوزراء الكويتي إلى بغداد ما هي إلاّ لبنة جديدة في مدماك التوافق والتفاهم الذي انطلق قبل عامين مع تبادل السفارات والسفراء رسختها الزيارة التاريخية لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد إلى بغداد العام الماضي ومشاركته في القمة العربية التي عقدت في بغداد.

الزيارة ومخرجاتها فتحت الباب أمام العراق للخروج من طائلة الفصل السابع رغم أنّ قضايا مهمة للكويت لاتزال بحاجة للتلبية والتعاون العراقي، مثل: الالتزام العراقي بالكشف عن رفات عشرات الأسرى والمفقودين وكذلك إعادة الأرشيف الوطني الكويتي، و11 مليار دولار هي باقي التعويضات المقرة بموجب القرارات الأممية ذات الصلة بغزو العراق الغاشم لجارته الجنوبية قبل 23 عاماً.

والآن، باتت العلاقات أمام محك تطوير التعاون الاقتصادي الاستثماري وتعضيد العلاقات الشعبية.. إلى جانب «إقناع» الأطراف السياسية التي لاتزال تفضّل تمديد عمر التشنّج.. فضلاً عن ضرورة أن يلتزم العراق قرارات مجلس الامن المتعلقة بالكويت والاستحقاقات المتعلقة بها.

وهذا الخروج من مفاعيل الفصل السابع يعد «هدية» كويتية بامتياز وبخاصة في ضوء بقاء عدد من الملفات مثل (المفقودين، والتعويضات، وصيانة العلامات الحدودية، والحدود البحرية) مفتوحة الحيثيات في غياب الاتفاق الكامل، وخروج أطراف عراقية بين فينة وأخرى للتحرش بالحدود العراقية والخلاف على ميناء مبارك الكبير الذي أكدت الكويت غير مرّة انّ خيره سيعم البلدين وأنّ لا انتهاك للأراضي العراقية في مخطّطاته وموقعه. وهنا يبدو أن الاجتماع المقبل لمجلس الأمن لإصدار بيان خاص بهذا الاتفاق الكويتي والعراقي بعدما أخذ علماً رسمياً به والإعلان عن إخراج العراق من الفصل السابع لن يكون «شيكاً على بياض» إذ أن الوضع العراقي الجديد سيرتّب متطلّبات جديدة واجبة الوفاء.

الخبر السعيد الذي ينتظره العراق منذ سنوات ليس بقرار الكويت ولا بقرار العراق، وهو بالتأكيد بيد مجلس الأمن والأمين العام والدول دائمة العضوية التي ستنظر في رأي البلدين والرسالة التي حملها مبعوثان مشتركان من الكويت والعراق إلى الأمين العام للأمم المتحدة.