شنّت ألوية مقاتلة في الجيش الحر أمس هجوماً منسّقاً على محافظة القنيطرة التي تعتبر الجزء المحرر من الجولان المحتل وسيطروا على غالبية المناطق فيها باستثناء المعبر الحدودي حيث انسحبوا منه بعد ساعة من السيطرة عليه، وسط معارك طاحنة تتركز داخل المدينة تم خلالها تدمير عدد كبير من الآليات العسكرية للنظام، فيما أقرّت إسرائيل بشكل ضمني أن استعادة النظام للمعبر جاء بعد استغلاله للمنطقة المنزوعة السلاح في هضبة الجولان والتفافهم على مقاتلي المعارضة، معلنة حالة الاستنفار، في وقت أعلنت النمسا أنها ستسحب قواتها المرابطة في الجولان.

وقالت مصادر عسكرية تابعة لـ«مجلس قيادة الثورة في القنيطرة والجولان» التابعة للجيش الحر: إن الثوار شنّوا هجوماً منسقاً على قواعد النظام ونقاط تمركزه في القنيطرة، وأنه تم تحرير معظم المساحة الجغرافية للمحافظة من قوات النظام باستثناء المعبر الذي عادت إليه دبابات النظام بعد التفافها على المعبر من داخل المنطقة المنزوعة السلاح وسط تغاضٍ من إسرائيل وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وأكد مصدر أمني إسرائيلي أن قوات النظام السوري استعادت السيطرة على المعبر الواقع ضمن منطقة وقف إطلاق النار بين اسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان بعد أن كان مسلحو المعارضة السورية سيطروا عليه قبل ساعات.

وقال المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إن «الجيش السوري استعاد السيطرة على المعبر. تسمع أصوات انفجارات من وقت لآخر لكن أقل بكثير من الصباح». وكانت إذاعة الجيش الاسرائيلي نقلت عن مسؤولين عسكريين أن «معبر القنيطرة سقط بأيدي المقاتلين المعارضين» وأعلنت حالة الاستنفار في المنطقة واستقدمت تعزيزات عسكرية. وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان والإذاعة عن مواجهات مسلحة مستمرة في المنطقة.

واوضح المرصد ان مقاتلي المعارضة هاجموا حواجز اخرى لقوات النظام في المنطقة. وتحتل اسرائيل الجزء الاكبر من هضبة الجولان التي تمتد مساحتها على 1200 كيلومتر مربع منذ العام 1967، وقد ضمتها الى اراضيها، وهو قرار لم يعترف به المجتمع الدولي.

المنطقة المحظورة

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر في الجيش الاسرائيلي قولها: إن «الجيش السوري أدخل دبابات ومدرعات إلى المنطقة المنزوعة السلاح من أجل احتلال معبر الحدود في القنيطرة» من أيدي الثوار. ووفقاً لتقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن الثوار «سيحاولون مجدداً السيطرة على معبر القنيطرة». وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه سمح للمستوطنين بالعودة إلى البيارات والحقول القريبة من خط وقف إطلاق النار، بعد أن هدأت المعارك بين الجيش السوري والمسلّحين. وقال اليكس شالوم، وهو مزارع اسرائيلي في الجولان، إنه رأى دخانا كثيفا يرتفع من المعبر وسيارات إسعاف تابعة للجيش الاسرائيلي تجلي أناسا من الموقع. وذكرت ناطقة باسم الجيش الاسرائيلي أن المنطقة المؤدية الى القنيطرة أغلقت. وأضافت أنه تم نقل اثنين من السوريين أصيبا في القتال الى اسرائيل للعلاج. ولم تستطع تحديد ما اذا كانوا من المعارضين أم من قوات الاسد.

انسحاب النمسا

من جهتها، أعلنت حكومة النمسا أنها ستسحب قواتها من بعثة حفظ السلام بالجولان نظرا لاشتداد القتال.

وهناك نحو 380 نمساوياً في قوة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة في الجولان وقوامها ألف فرد وبالتالي فإن انسحاب القوات النمساوية سيضر كثيرا بالبعثة. وقال مستشار النمسا فيرنر فايمان ونائبه مايكل سبندلجر في بيان مشترك: «في واقع الأمر لم تعد هناك حرية تحرك في المنطقة. وتصاعد الخطر الداهم الذي يهدد الجنود النمساويين ويصعب تجنبه إلى مستوى غير مقبول». وأضاف البيان النمساوي: «تظهر التطورات التي وقعت أنه لم يعد هناك مبرر لمزيد من التأجيل (لسحب الجنود)».

قصف محيط القصير

إلى ذلك، تقدمت القوات السورية ومقاتلو حزب الله اللبناني نحو قريتين قرب بلدة القصير وذلك بعد يوم من إجبارهم مقاتلي المعارضة على الخروج من البلدة الحدودية التي شهدت قتالاً لأكثر من أسبوعين.

وقال نشطاء ومصور بالمنطقة: إن مقاتلي المعارضة الذين يسعون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد خاضوا معارك شرسة حول قريتي الضبعة والبويضة فيما هاجم خصومهم مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة.

وقال مصدر أمن قريب من القوات السورية: إنها تركت عمدا مسارات خروج مفتوحة من القصير على أمل تفادي وقوع خسائر فادحة في الأرواح في البلدة حيث ذكرت تقارير ان مئات المدنيين الى جانب نحو الف جريح مازالوا داخلها. وكان عدد سكان القصير الاصلي يقدر بنحو 30 ألفا.

احتفال وانتقام

ورغم التعب احتفل الجنود المبتهجون بانتصارهم وسط الدمار والخراب. قال حسام (25 عاما) وهو جندي من محافظة السويداء في جنوب سوريا: «سعادتي لا توصف... هذا نصر حقيقي لنا. القصير عادت لسوريا والسوريين». وقال أحد رفاقه في الجيش: «إننا متجهون الآن لسحق الضبعة» في إشارة إلى الشمال الشرقي من القصير حيث تحصن مقاتلو المعارضة في وقت سابق هذا الأسبوع. وكان بالإمكان في مرحلة ما مشاهدة ست دبابات تتجه على الطريق المؤدي إلى الضبعة.

وقال جندي آخر إنه سيعود إلى البيت ليأخذ قسطا من الراحة بعد أربع ليال لم يذق فيها النوم. وقال: «عندما دخلنا كان هناك قتال ثم انسحبوا (مقاتلو المعارضة)... رأيناهم يغادرون في حوالي 400 سيارة».

 

أعضاء مقطوعة ونهب

 

بالقرب من الساحة الرئيسية لمدينة القصير يوجد مبنى من طابقين كان يستخدم كعيادة لعلاج مقاتلي المعارضة، وساق رجل موضوعة في كيس على الأرض الملطخة بالدماء وأكواب الشاي تركت ومروحة لا تزال تدور لتلطيف حر بداية الصيف. وكتبت على لافتة عند مدخل العيادة عبارة تطلب عدم إدخال أسلحة إليها. والعيادة ممتلئة بمئات من علب الدواء معظمها لم يفتح. وفي واحدة من غرف الجراحة الثلاث في الطابق العلوي القيت على الأرض عشرات الضمادات الممتلئة بالدم فيما كانت رائحة العرق تفوح في أرجاء المبنى.

وأظهر أحد المنازل القريبة علامات على أن شاغليه غادروه على عجل. وتشير فجوة كبيرة في الأرضية إلى نفق فتح كجزء من شبكة أنفاق استخدمت لربط الأحياء في معقل المعارضة المسلحة. وفي شارع آخر أمكن مشاهدة بعض جنود الجيش وهم ينهبون بضائع من متجر آخذين معهم مروحتين كهربائيتين. رويترز