تواصلت التفجيرات وأعمال العنف في العراق لليوم الثالث على التوالي بمقتل ما لا يقل عن 21 شخصاً في تفجيرين منفصلين في العاصمة بغداد وضواحيها، فضلاً عن اغتيال ضابط برتبة عميد في منطقة أبوغريب، في وقت استنجد رئيس الحكومة نوري المالكي بأبناء العشائر للوقوف بوجه «المتطرفين ودعاة الفتنة»، مشيرا إلى أن الدولة لن تتساهل مع الميليشيات.
وقال المالكي، في بيان صدر أمس على هامش استقباله بمكتبه الرسمي عدداً من شيوخ ووجهاء عشيرة البوعيسى من مختلف أنحاء العراق، إنّ «الأصوات المتعقلة والمعتدلة يجب أن ترتفع بوجه المتطرفين وأصحاب مشاريع الفتنة والتقسيم، لتعزيز اللحمة الوطنية وتقوية وشائج الأخوة بين العراقيين».
ودعا المالكي وجهاء العشائر إلى مساعدة الأجهزة الأمنية للقيام بمهمتهم، مشيراً إلى أن «الدولة لن تتساهل مع أي مظهر مخل بالأمن».
وشدد رئيس الوزراء العراقي على أهمية «الدور الذي تلعبه العشائر العراقية في الحفاظ على وحدة العراق والتصدي للأخطار المحدقة به».من جانبهم أكد وفد عشائر البوعيسى وقوفهم إلى جانب الحكومة وتعاونهم معها لتعزيز الأمن والاستقرار، لافتين إلى أنهم يجدون أمنهم واستقرارهم مرتبط بتعزيز هيبة الدولة والنظام.
يوميات التفجيرات
وفي اليوم الثالث من مسلسل التفجيرات قتل ما لا يقل عن21 شخصا في هجمات متفرقة في عديد من المدن والبلدات.
وفي الهجوم الأول انفجرت قنبلتان في حي الدورة بجنوب بغداد ما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص وإصابة 27 آخرين وانفجرت قنبلة أخرى في سوق بحي الشعب في شمال بغداد فقتلت عشرة أشخاص في تفجيرين في بغداد.
اغتيال ضابط
وفي السياق ذاته، اغتال مسلّحون مجهولون ضابطاً في وزارة الدفاع العراقية برتبة عميد بهجوم على منزله في منطقة أبوغريب غرب بغداد. وذكر مصدر أمني أن «مسلّحين مجهولين اقتحموا في وقت مبكر من صباح أمس منزل العميد طالب محمد الزوبعي في قرية حميد شعبان وفتحوا النار عليه ما أدّى الى مصرعه بالحال».
وتشير آخر الإحصائيات الى أن عدد ضحايا أعمال العنف في العراق خلال الشهر الحالي بلغت اكثر من 550 قتيلاً و1400 مصاب، حيث يشهد العراق منذ أسابيع تصاعداً في هذه الأعمال أثار مخاوف من عودة البلاد الى الاقتتال الطائفي الذي شهدته بين عامي 2006 و2007.
نجاة محافظ
من جهة أخرى، نجا محافظ صلاح الدين أحمد عبد الله الجبوري من محاولة اغتيال شمال تكريت.
وقال مصدر في شرطة المحافظة إنّ عبوة ناسفة «انفجرت الى جانب الطريق في المدخل الشمالي لمدينة تكريت أثناء مرور موكب محافظ صلاح الدين أحمد عبد الله الجبوري، من دون أن تسفر عن إصابات».
يذكر أن مسلحين ينتمون الى مختلف الميليشيات بدأوا في الظهور في مناطق بغداد أخيراً.. في وقت تزايدت عمليات اغتيال على الهوية كما تنصب ميليشيات دوريات متحركة للاختطاف.. بينما تشهد محافظات عدة شهدت في الآونة الأخيرة تدهوراً أمنياً ملحوظاً، تمثل بتفجير سيارات مفخخة وعبوات ناسفة ولاصقة وهجمات مسلحة استهدفت مدنيين وقوات أمنية ومسؤولين محليين على حد سواء.
تناقض التصريحات بشأن الميليشيات يربك المشهد
في إرباك للوضع الأمني العراقي تتناقض تصريحات المسؤولين حول تزايد الشكاوى من انتشار عناصر تابعة لميليشيات مسلحة في العاصمة بين تأكيدات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ونفي وزارة الداخلية التي يتولى مسؤوليتها، في حين تأكد مقتل 550 مواطنًا وإصابة 1400 آخرين خلال الشهر الحالي.
وقال المالكي، في كلمة له في مؤتمر صحافي عقده عقب انعقاد جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية الاعتيادية، إن المجلس قرر «دعم الأجهزة الأمنية في مواجهة الإرهاب والميليشيات، وضرورة مواجهة الخارجين عن القانون بغض النظر عن انتماءاتهم ومذاهبهم وأحزابهم السياسية». وأضاف المالكي أنّ «مجلس الوزراء قرر الوقوف صفا واحدا في مواجهة الأزمة التي تمر بها البلاد»، لافتا الى ان جميع المسؤولين في اجتماع مجلس الوزراء اتفقوا على اهمية تحمل المسؤولية ومواجهة الخارجين عن القانون.
ولفت المالكي الى أن «المجلس خلص إلى عدة نقاط منها دعم الأجهزة الأمنية في ملاحقتها للمحرضين على الفتنة الطائفية والمنفذين للأعمال الإرهابية»، موضحا أن «هذه الأجهزة ومعها جميع العراقيين الذين يقفون إلى جنبها يشكلون درعا لمواجهة الهجمة الإرهابية الشرسة التي تعصف بالبلاد».
وأوضح أنّ اجتماع حكومته قرر «ملاحقة كل أنواع الميليشيات والضرب بقوة على كل من يخرج على النظام العام، وهو أمر يؤكد وجود هذه الميليشيات فعلاً». وحذر فضائيات قال إنها تعمل على تفجير الفتنة الطائفية وقال «إن الحكومة ستقاضيها وتتخذ ضدها إجراءات رادعة تمنع محاولاتها هذه».
نفي وجود الميليشيات
لكن هذه التأكيدات للحكومة العراقية تتناقض مع نفي وزارة الداخلية العراقية، التي يتولى حقيبتها المالكي بالوكالة، وجود أي ميليشيات مسلحة تنتشر في الشوارع واتهمت بعض وسائل الإعلان بالترويج في الأيام الماضية «ادعاءات عن انتشار ميليشيات بأزياء مدنية وعسكرية يقومون بقطع الشوارع ويتفحصون الهويات ويوجهون أسئلة على أساس طائفي ويقومون بقتل خطف وما شاكل ذلك».
وقالت الوزارة إنها ومن خلال «متابعة أجهزة وزارة الداخلية وتدقيقها في المناطق التي ذكرتها وسائل الإعلام لم تتحقق لها وجود مثل هكذا ميليشيات كما لم يرد إلى مراكز الشرطة ودوائر وزارة الداخلية أي أخبار أو شكاوى على هذا الأساس، وإنما أغلب الحالات المرصودة هي جرائم ذات طابع جنائي».
وأشارت الى أنه «لتحقيق أقصى درجات الأمن للمواطن وكإجراء احترازي فقد خصصت وزارة الداخلية أرقام هواتف مؤمنة، حيث تبقى فيها شخصية المبلغ طي الكتمان لإرشاد القوات الأمنية في الوزارة عن مثل هذه الحالات أو أي تحرك مريب أو تصرفات غريبة ليتسنى القيام بواجبنا المطلوب وتأكيد حالات التنسيق بين المواطن ورجال الأمن».
