تواصلت الاشتباكات الدموية الطائفية أمس في مدينة طرابلس شمالي لبنان حاصدة خمسة قتلى جدد بينهم جندي لبناني وعشرات الجرحى، فيما لم تجد الخطة الأمنية التي طرحها اجتماع طرابلس الوزاري برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي صدىً يذكر بين الأطراف المتحاربة في المدينة، في وقت شنّ حزب الله وحلفاؤه هجوماً عنيفاً على الرئيس اللبناني ميشال سيلمان الذي انتقد في تصريحات سابقة مشاركة الحزب في الحرب الدائرة في سوريا بين نظام دمشق والمعارضة السورية.
وارتفع إلى 29 شخصاً أمس عدد قتلى الاشتباكات بين مقاتلي جبل محسن المؤيدين للرئيس السوري بشار الأسد وباب التبانة المؤيد للمعارضة السورية، وقال مصدر أمني لبناني إن «أربعة أشخاص بينهم ثلاثة من منطقة باب التبانة (السنية)، وشخص من منطقة جبل محسن (العلوية) قتلوا أمس وأصيب العشرات بجروح في الاشتباكات بين الجانبين والمستمرة بشكل متقطع منذ الاحد الماضي».
كما كشف المصدر عن مقتل جندي في منطقة جبل محسن قرب مستشفى الزهراء. وأوضح المصدر أن عدد الجرحى وصل إلى 212 شخصاً.
أعمال قنص
وأفاد مراسل «فرانس برس» في طرابلس أن أعمال القنص تجددت ليل الجمعة بعد ساعات من الهدوء، لتتحول مع حلول فجر أمس السبت إلى اشتباكات عنيفة. وقال المراسل إن «حدة الاشتباكات تراجعت لكن في ظل استمرار أعمال القنص المتبادل بين الطرفين».
وأفادت الوكالة «الوطنية للإعلام» اللبنانية أن الاشتباكات على محاور جبل محسن، باب التبانة، الريفا، البقار، المنكوبين، الملولة والشعراني، استمرت طوال الليل بالأسلحة الرشاشة، واشتدت حدتها فجراً مع استعمال القذائف الصاروخية، كما استمر سماع إطلاق الرصاص حتى الظهر حيث هدأت الامور نسبياً، ثم عادت أعمال القنص على مختلف المحاور.
وأعلنت مديرية الدفاع المدني في طرابلس عن تعرض دورياتها إلى إطلاق نار كثيف حال دون تمكّنها من إخماد حريق شبّ في خراج بلدة اكروم في وادي اكروم شرقي المدينة. كما أعلنت «الجمعية الطبية الاسلامية» عن تعرض إحدى سيارات الاسعاف التابعة لجهاز الطوارئ والإغاثة في الجمعية لإطلاق النار في منطقة التبانة.
خطة أمنية
وفي سياق المساعي لحل الأزمة الدامية في المدينة، عقد وزراء ونواب طرابلس اجتماعاً أمس في منزل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ضم إلى ميقاتي الوزراء: أحمد كرامي، فيصل كرامي، أحمد الصفدي ممثلي الوزير محمد الصفدي، والنائبين: محمد كبارة وسمير الجسر، وتناول ما وصلت إليه الإجراءات التي تم اتخاذها من أجل عودة الحياة إلى طبيعتها في طرابلس.
وأصدر المجتمعون بيانا طالبوا فيه بـ «تطبيق القرارات المتخذة سابقا كافة، وتنفيذ خطة امنية تعيد لطرابلس استقرارها».
إلا أن مصادر قلّلت من احتمال تأثير البيان والخطة الأمنية على مسار الاشتباكات. إلى ذلك، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إلى عدم افساح المجال لإسرائيل للنفاذ إلى الداخل اللبناني لمحاولة زعزعة الأمن.
وقال ميقاتي في بيان بمناسبة الذكرى الـ 13 لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي «إن تعزيز هذا الانتصار يكون بعدم الإفساح في المجال للعدو الاسرائيلي للنفاذ مجدداً إلى الداخل اللبناني ومحاولة زعزعة الأمن والاستقرار فيه».
هجوم على سليمان
من جانب آخر، أكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين إن «الذي يتوقع أن نترك المقاومة وشعبها وجمهورها وأهلها لقمة سائغة للمتآمرين والذين يعملون لخدمة المشروع الاميركي والاسرائيلي هو واهم»، في إشارة واضحة لانتقادات الرئيس اللبناني ميشال سليمان لمشاركة الحزب في الحرب الدائرة في سوريا، وأضاف صفي الدين «وإذا كان هؤلاء يتوهمون أننا سنسكت، عليهم أن يعرفوا وأن يتعلموا من كل التجربة أننا لن نسكت في يوم من الايام على استهداف المقاومة وشعبها وجمهورها وحقها على الاطلاق، وأي جهة تستهدف المقاومة وسلاحها وقدرتها وقوتها لمصلحة الاميركي والاسرائيلي سنواجهها مهما كان الثمن».
أما حليف حزب الله، رئيس تيّار «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب فعلّق على انتقادات سليمان قائلاً: «إنّ رئيس الجمهورية السابق إميل لحود أخرج السياسة من الجيش في حين أعاد لإدخاله الرئيس ميشال سليمان».
قلق أميركي
أعربت الولايات المتحدة عن قلقها العميق من الوضع في لبنان، معتبرة أن الاشتباكات التي تشهدها مدينة طرابلس تمثل تذكيراً بمخاطر النزاع السوري على استقرار البلاد وأمنها.
وأصدر نائب الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية باتريك فنتريل بياناً قال فيه إن «الولايات المتحدة تعرب عن قلقها العميق من الوضع في لبنان». وقال فنتريل إن «الاشتباكات الأخيرة في مدينة طرابلس الشمالية تشكل تذكيراً صارخاً بأن النزاع في سوريا يشكل تهديداً خطراً متزايداً لأمن واستقرار لبنان».
وشدد على دعم بلاده لأمن واستقرار وسيادة لبنان، مرحباً بالجهود التي يبذلها القادة اللبنانيون لاتخاذ كل الخطوات الضرورية بغية وضع حد للعنف في طرابلس. واشنطن- يو.بي.آي
