كان المشهد السياسي الكويتي خلال الساعات الـ 36 الماضية مختلفاً عن الجزء الذي انقضى من العام.. فعنوان الأجواء هو التوتر والتصعيد.. فخلال ساعات، وما إن انتهت «الهدنة» الحكومية النيابية التي حيّدت الاستجوابات.. تلقت الحكومة استجوابين: الأول، ضد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود.

والثاني، ضد وزير النفط هاني حسين فيما لوح نواب آخرون باستجواب وزيري الدفاع والصحة.. بالتزامن مع حال ترقب لقرار محكمة الاستئناف في قضية النائب السابق مسلم البراك المتهم بالعيب بالذات الأميرية والتي رحّلت النطق بالحكم إلى 27 الجاري.

وفي جديد التطورات الدراماتيكية في العلاقة بين الحكومة وأعضاء مجلس الأمة الجديد (الذي يعرف في الكويت باسم مجلس الصوت الواحد) التي سادها الهدوء طوال خمسة شهور، باغت النواب الحكومة باستجوابين: الأول، ضد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود.

والثاني، ضد وزير النفط هاني حسين وسط تلويح نيابي بأنّ قائمة الاستهداف قد تطول لتطال وزيري الدفاع والصحة.. وهو ما استدعى عقد مجلس الوزراء اجتماعاً اسثنائياً لتدارس الأمر والاحتمالات، لكن لم يرشح شيئ عما دار.

وأكد النائبان د. يوسف الزلزلة وصفاء الهاشم على أنها سيدعمّان استجوابها المقدم لوزير الداخلية بالأدلة التي تؤكد عدم إصلاح الوزير للأمور، مبينين بأن الاستجواب سيتكون من أربعة محاور.

وقال الزلزلة إن الاستجواب سيقوم على محاور: عدم التعاون مع السلطة التنفيذية، وانتهاك الأحكام القضائية، والانفلات الأمني، والتستر علي الخلية الإرهابية، معتبراً أن الوزير «لم يقدم أي شيء يدل على الإصلاح لذا لزم تقديم الاستجواب والوزير تم إعطائه أكثر من فرصة»، وفق تعبيره.

وبيّن أنه والنائب الهاشم سيقدمان المستندات خلال مناقشة الاستجواب للتأكيد على أن الوزير لم يقم بدوره. وقال إن «الاستجواب لن يؤجل» كاشفاً عن «اتفاق نيابي نيابي على مناقشة أي استجواب يقدم وفي جلسة علنية».

وقالت صفاء الهاشم إن «الاستجواب سيشهد مفاجآت» وأنها لن تكون رحيمة على أداء الوزير.

إلى ذلك وبعد انتهاء اجتماع طارئ عدد من النواب في مكتب الأمين العام لمجلس الأمة صباح أمس لمناقشة دمج الاستجوابات التي هدد بها غير نائب ضد وزير النفط، اتفق النواب على استجواب واحد يقدمه كل من سعدون حماد ويعقوب الصانع وناصر المري.

وكما استجواب الوزير الحمود، سيتألّف استجواب وزير النفط من أربعة محاور: غرامة صفقة الداوكيميكال، وبيع الخمور في الاستثمارات الخارجية، والترقيات في القطاع النفطي ومحطات الطاقة الخارجية، والفساد الإداري.

ولفت المطوّع إلى أن دمج الاستجوابات هدفه التقنين والتركيز، موضحاً أنّه ليس لدى النواب «استهداف لشخص وزير معين والستة شهور المهلة التي أعطيت للحكومة انتهت ولن نختلف على التأجيل ولن نختلف على تقديمها ولم تأت الاستجوابات نتيجة هاجس معين».

«طق مطاقق»

وانتقد النائب فيصل الدويسان هجمة الاستجوابات التي وصفها بأنّها أصبح «طق مطاقق» (مصطلح خليجي يدل على التهافت على الشئ)، وشدّد على أنّ «الإصلاح لن يكون بهذه الطريقة!».

محاكمات

في غضون ذلك، حجزت محكمة الاستئناف قضية النائب السابق مسلم البراك المتهم بالعيب بالذات الأميرية للحكم بجلسة 27 الجاري.

وكان البراك وفريق دفاعه أصر على استدعاء رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك للاستماع إلى شهادته كما طلب البراك استدعاء النائبين السابقين خالد السلطان وجمعان الحربش للاستماع إلى شهادتهما.

وأكد أنه لا ينكر ما قاله ولكنه ينكر ما تم تفسيره لما قال، وأضاف: «لا أريد ولا أطالب سوى بالضمانات والحقوق المكفولة للمتهم طبقاً للقانون».

 وكانت الدائرة الجزائية الثانية عشرة بالمحكمة الكلية قد قضت في 15 إبريل الماضي بحبس البراك خمس سنوات مع الشغل والنفاذ، وهو الحكم الذي أشعل مظاهرات شعبية مؤيدة للبراك.

 

البرلمان والحكومة من الهدنة إلى الانفجار

بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار هيمنت على الكويت أجواء مسبوقة عادة ما تحيط بظروف حل أحد السلطتين التشريعية (مجلس الأمة) أو التنفيذية (الحكومة)، إذ قدّم ولوّح عدد من نواب مجلس الأمة باستجوابات ضد أعضاء في الحكومة بعد ساعات من اجتماع نيابي موسع في ساعة متأخرة الليلة قبل الماضية، ليعلن عقبها رئيس المجلس علي الراشد ان «مهلة تأجيل الاستجوابات انتهت»!

وما ان انتهت مرحلة حتى بدأت أخرى جديدة تناقض ما قبلها بعد هدوء ومرونة عالية أبداها نواب مجلس الأمة طوال الفترة الماضية، وهو الأمر الذي ينذر باشتعال العلاقة التي لم تهدأ أصلا إلا لفترات قصيرة ولظروف معينة.

ولعل سيناريو «الاستجوابات المجتمعة» الذي يهدف إلى الضغط على الحكومة عادة ما يفضي إلى حل البرلمان أو الحكومة كاستباق لحل متوقع للمجلس وتسجيل «بطولات إعلامية» يستخدمها النواب فيما بعد لمعاركهم الانتخابية اللاحقة، خاصة وان بعض المطالبات النيابية كانت تتمحور حول ضرورة تعديل وزاري لأكثر من 50 في المئة دون تحديد ما هي الحقائب الوزارية المقصودة.

ووفقا للتهديدات النيابية فإن المعنيين بالمساءلة السياسية هم: وزراء الداخلية والدفاع والصحة والنفط فيما يمثل الأخير «الحلقة الأضعف» بسبب الغرامة المالية الكبيرة التي تكبّدتها الكويت (نحو 2.2 مليار دولار تقريباً) شرطاً جزائياً لفسخ عقد الشراكة مع شركة داوكيميكال الأميركية، وهو الأمر الذي أثار حفيظة النواب ومن قبلهم الشارع والكتل السياسية في الكويت.

المادة 106

ورغم هيمنة «الحمائم» على مجلس الأمة إلا ان «المخالب» التي أظهرها النواب تنذر بعودة العنوان العريض للعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو الأمر الذي يعيد سيناريو سابق إلى الأذهان عبر تفعيل المادة 106 من الدستور والتي تنص على إصدار مرسوم أميري بتأجيل جلسات مجلس الأمة شهراً واحداً، كما حصل خلال المجلس المبطل لنزع فتيل الأزمة بين السلطتين قبل التوجه إلى حل أحديهما.

تأجيج إضافي

وليس ببعيد عن هذه الأجواء التي تدخل ضمن ظروف تأجيجها حكم المحكمة الدستورية بشأن دستورية قانون الصوت الواحد المتوقع صدوره الشهر المقبل، ضخت المعارضة منشطات لأعضائها الذين «لملموا» صفوفهم رغم الخلافات الداخلية وأعلنوا عن تجمعات أسبوعية في «ساحة الإرادة حتى عشية صدور حكم «الدستورية» كوسيلة لحشد شعبي وإعلامي ضد المجلس والصوت الواحد.

تلك المفاجآت التي اتسمت بها العلاقة بين السلطتين في الكويت طوال تاريخها، تنذر بجديد بدأ عمليا منذ يومين يجري تحليل سيناريوهاتها التي ستتكشف خلال الأيام المقبلة!

 

حجز وتأجيل

حجزت محكمة الاستئناف الكويتية أمس قضية المغرد راشـد العـنزي المتهم بالعيب بالذات الأميرية، كما أجلت محكمة الجنح قضية مظاهرات منطقة صباح الناصر والمتهم بها نواب سابقين إلى 27 الجاري.