رغم ترقب المصريين للانتخابات البرلمانية المقبلة باعتبارها أحد ركائز استكمال المؤسسات، فضلا عن قياسها لثقل كافة القوى السياسية في الشارع، إلا أن هذه الانتخابات تواجه مأزقا دستوريا يتمثل في قانون الانتخابات الذي ستجرى على أساسه عملية الاقتراع، وذلك حال أن قرر القضاء وجود مواد غير دستورية على غرار القانون الأول، فتعود الأمور إلى المربع الأول.
المشكلة تكمن في أن الدستور الجديد حدد فترة زمنية للرقابة السابقة للقوانين لكنه لم يحدد فترة زمنية لنظر المحكمة الدستورية للقانون عقب إدخال التعديلات المطلوبة من قبل مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) ما يعني أنه ليس هناك فترة ملزمة للمحكمة لأن تصدر قرارها الثاني عقب التعديلات التي أجريت من قبل المجلس.
نصوص دستورية
وفقا للمادة 177 من الدستور الجديد فإنه: «يعرض رئيس الجمهورية أو مجلس النواب مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصدارها، لتقرير مدى مطابقتها للدستور وتصدر قرارها في هذا الشأن خلال 45 يوما من تاريخ عرض الأمر عليها وإلا عد عدم إصدارها للقرار إجازة للنصوص المقترحة».
هذا المأزق يهدد إجراء الانتخابات في المنظور القريب حيث هناك بعض القضايا تنظر أمام المحكمة الدستورية ربما تستغرق ليس شهوراً ولكن أعوام.
وإذا ما عدنا قليلا إلى الوراء وبالتحديد في شهر فبراير الماضي فإننا سندرك حجم المأزق الذي يهدد إجراء الانتخابات البرلمانية، حين قضت المحكمة الدستورية ببطلان بعض مواد قانون الانتخابات وألزمت مجلس الشورى صاحب السلطة التشريعية حاليا في البلاد بتعديلها. وحين قام مجلس الشورى بإجراء التعديلات المطلوبة لم يقم بعرض تلك التعديلات على المحكمة الدستورية لإقرار ما إذا كانت تلك التعديلات مطابقة لما أرادته المحكمة أم لا،.
واكتفى المجلس حينها برفع تلك التعديلات إلى الرئيس محمد مرسي الذي دعا بدوره إلى إجراء الانتخابات في أبريل الماضي، قبل أن يوقفها القضاء الإداري في مارس وذلك على خلفية عدم عرض القانون بعد التعديلات على المحكمة الدستورية لتبت في مدى قانونية التعديلات التي أجريت على قانون مباشرة الحقوق السياسية.
قانون جديد
هذه الأزمة جعلت مجلس الشورى يقرّ قانونا جديدا للانتخابات من ثم يعيد إرساله إلى المحكمة الدستورية في شهر أبريل الماضي. وعقب تلك الخطوة فإن المحكمة أمامها 45 يوما لنظر مدى دستورية مواد القانون فإن أقرته فإن الانتخابات ربما تجرى في أكتوبر المقبل وإلا فإن القانون من جديد يعاد إلى مجلس الشورى (المربع الأول)،.
وساعتها تدور مصر في رحى دوامة لا يعلم أحد متى ستخرج منها. ويدرك المراقب للشأن المصري الأزمة الراهنة بين السلطة القضائية من جهة، والسلطتين التنفيذية والتشريعية من جهة ثانية حيث تكال الاتهامات للقضاء من قبل أنصار النظام أنه كان السبب وراء ما يسمى «مهرجان البراءة» في قضايا «قتل المتظاهرين»، الأمر الذي دفع مجلس الشورى إلى مناقشة قانون السلطة القضائية.
والذي يرمي إلى تخفيض سن التقاعد إلى 60 بدلا من 70 وهو ما أثار موجة غضب عارمة في صفوف القضاة، وحدا بالرئيس مرسي للتدخل لنزع فتيل الأزمة عبر إقراره مقترحا تقدم به المجلس الأعلى للقضاء بعقد مؤتمر «العدالة» والذي يناقش كافة القضايا المتعلقة بالقضاة.
