دعا الاردن وإيران أمس الى ايجاد حل سياسي للنزاع الدائر في سوريا منذ مارس 2011 فيما حذرت طهران من أن الفراغ المحتمل في سوريا قد تنعكس آثاره السلبية على جميع دول المنطقة.
وقال وزير الخارجية الايراني علي صالحي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الاردني ناصر جودة في عمان «نحن نعتقد بأن الأزمة السورية يجب ان تحل بشكل سلمي وبشكل سوري-سوري، وعلى الشعب السوري ان يحدد مصيره المستقبلي بنفسه»، مضيفاً القول: «نحن نؤمن بوحدة الاراضي السورية وبالمتطلبات المشروعة للشعب السوري، الشعب السوري يجب ان يعيش مثل بقية الشعوب التي تحظى بالديمقراطية، لذلك طلبنا من المعارضة ان تجلس مع الحكومة وان يشكلوا حكومة انتقالية وان يحدد السوريون انفسهم مستقبلهم».
وشدد صالحي الذي سلم العاهل الأردني رسالة من الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، على القول: «نحن نرفض أي حل يفرض من الخارج، ونرفض أي تدخل اجنبي في سوريا، فلقد رأينا ما حصل في بعض الدول نتيجة التدخل الاجنبي، لذلك نحن لا نريد ان يعيد التاريخ نفسه مرة اخرى في سوريا».
فراغ محتمل
وأضاف صالحي الذي غادر عمان إلى دمشق في زيارة مفاجئة القول: «لا سمح الله لو حصل أي فراغ في سوريا فإن هذه التداعيات السلبية ستنعكس على جميع الدول ولا يدري أحد ما الذي سيجري بعدها وما ستكون عليه تلك النتائج».
وأكد صالحي وجود اتصالات بين بلاده والمعارضة السورية، وقال «لقد قلنا منذ البداية، منذ السنتين الماضيتين بأننا على اتصال مع المعارضة وتكلمنا مع الحكومة السورية بأن عليها الجلوس مع المعارضة وان يتفاوضوا مع بعضهم البعض»، مضيفا القول «نحن نعترف بالمعارضة السورية السليمة ولكن ليس جبهة النصرة والآخرين، الذين هم متهمون بسفك الدماء ونبش قبور أولياء الدين»، مشيرا الى ان «الدافع وراء نبش قبور الاولياء هو نفسه الدافع وراء قتل الابرياء»، بعد التقارير التي تداولتها مواقع عدة على الانترنت حول نبش قبر الصحابي حجر بن عدي في ريف دمشق ونقل رفاته الى مكان مجهول.
مساعدات
من جانب آخر، أكد صالحي ان بلاده «تساعد الشعب والحكومة السورية من الناحية الاقتصادية بسبب دمار كل البنية التحتية» لهذا البلد.
ورأى صالحي ان «الشعب السوري يعاني الكثير وهناك عبء كبير أيضا على الدول المجاورة نتيجة وجود اللاجئين السوريين» على أراضيها. وقال «نحن مستعدون وحسب امكانياتنا المتواضعة ان نساعد إخواننا في الاردن من الناحية المالية لكي نخفف ولو قليلاً من العبء الموجود في هذه القضية».
ويؤكد الاردن انه استقبل اكثر من 500 الف لاجئ سوري منذ بداية النزاع في مارس 2011، بوتيرة 1500 الى 2000 يوميا في الوقت الحاضر. وتتوقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة ان يرتفع عددهم الى مليون ومئتي الف مع نهاية العام 2013، اي ما يوازي خمس التعداد السكاني الاردني.
لجنة مشتركة
وأعرب صالحي عن الامل في تشكيل لجنة سياسية ايرانية-اردنية مشتركة «حتى نكون على اتصال وتشاور دائم حول الامور التي تحصل في المنطقة»، مضيفاً القول: «علينا ان نكون على اتصال وتشاور دائم، ولا مفر من ذلك لأن التداعيات سوف تنعكس علينا، لذلك علينا ان نسعى بكل ما بوسعنا لأن نخفف من السلبيات التي يمكن ان تنتج عن هذه التطورات ونزيد من الايجابيات»، مشيرا الى أن «العقلانية والحنكة والحكمة السياسية هي من الامور الضرورية في وقتنا الراهن».
من جانبه، اكد وزير الخارجية الاردني ناصر جودة على «موقف الاردن الثابت بضرورة وقف هذا العنف والقتل ومسلسل سيل الدماء وضرورة الدخول في مرحلة انتقالية تضمن حلا سياسيا شاملا تشارك فيه كل مكونات الشعب السوري العريق بشكل يحافظ على وحدة سوريا الترابية وكرامة الشعب السوري الاصيل»، مضيفاً القول: «نحن نؤمن بالحوار والقنوات المفتوحة مع الجميع ومواقفنا مبدئية وثابتة ونعبر عنها بكل صراحة وبكل وضوح».
وأوضح جودة أنه «يجب ان نكون جميعا جزءا من الحل في هذا الاطار»، مشيرا الى ان «هناك جهودا تبذل وهناك اجتماعات الآن مكثفة من قبل المعنيين»، دون ان يعطي المزيد من التفاصيل.
وقال «أكدنا ضرورة الاستمرار في هذا الحوار وضرورة التأكيد على كل ما هو مطلوب للخروج من الأزمة السورية التي وقع بسببها عشرات الآلاف من الضحايا».
ونفى جودة وجود انتشار لقوات اميركية على الاراضي الاردنية، وقال «لا يوجد بتاتاً انتشار لأي قوات اجنبية على الاراضي الاردنية ولسنا بحاجة لمثل هكذا انتشار»، موضحاً أن «هناك برامج تدريب سنوية ودورية مع قوات مسلحة من دول اجنبية مختلفة وعديدة»، مشيرا الى ان «هذا مستمر منذ عقود من الزمن».
كما نفى جودة أيضا، وبشكل قاطع، وجود اي تدريبات لأي مجاميع مسلحة فوق الأراضي الاردنية لإرسالهم لسوريا، وقال «هذا كلام مرفوض، لا يوجد اي نوع من هذا التدريب، نحن ومن خلال قواتنا المسلحة وأجهزتنا الامنية ألقينا القبض على الكثير ممن حاولوا ان يتسللوا الى داخل سوريا لأهداف غير سلمية».
عمّان: نحن ضد احتلال جزر الإمارات والتدخل في البحرين
أظهر المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده وزير الخارجية الأردني ناصر جودة مع نظيره الإيراني علي أكبر صالحي يوم أمس عدداً من النقاط الخلافية بين عمان وطهران أبرزها الجزر المحتلة للإمارات، والتدخل الايراني في الشؤون العربية وخصوصاً البحرينية.
لكن لم يكن هذا الموقف الخلافي الوحيد بين الجانبين، فوفق جودة فإن بلاده ضد التدخل الإيراني بالشؤون الداخلية العربية، وضد أي تهديد لدول الخليج العربية.
وقال إن بلاده تختلف مع إيران حول الكثير من القضايا الإقليمية، لكن ذلك لا يمنع الحوار بين البلدين، مضيفاً القول إن «هناك قضايا شائكة وعالقة بين جامعة الدول العربية ودول أعضاء فيها مع الجانب الإيراني نأمل ونتمنى أن يكون لها حل جذري»، في إشارة إلى احتلال إيران الجزر الاماراتية الثلاث: طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى منذ العام 1971.
وأضاف جودة أن موقف بلاده «واضح من الجزر الثلاث الإماراتية، ونحن ضد التدخّل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وضد المواقف التي يمكن أن تفسّر بأنها تهديد لأمن دول مجلس التعاون الخليجي»، وتابع «نحن كنا واضحين جداً في ما يتعلق بموقفنا من مملكة البحرين الشقيقة وضرورة عدم التدخّل في شؤونها».
وقال جودة إن «موقف الأردن واضح من البرنامج النووي الإيراني ومن الضرورة حل هذا الملف عن طريق الحوار والقنوات الدبلوماسية، وموقفنا من التدخل العسكري في أي دولة، ولا نريد سباق تسلّح في المنطقة، ولا نريد ما من شأنه أن يزيد من التوتر وعوامل عدم الاستقرار وزعزعة الأمن في المنطقة».
ولكن وزير الخارجية الأردني شدد على «ضرورة التواصل والحوار مع إيران».
من جهته أكد رئيس الوزراء د. عبدالله النسور لوزير الخارجية الإيراني الدكتور علي اكبر صالحي خلال لقائهما في رئاسة الوزراء أمس ان الأردن معني بتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة وخاصة امن واستقرار دول الخليج العربي.
وقال رئيس الوزراء خلال اللقاء ان المملكة محاطة بظروف صعبة نتيجة الأوضاع الإقليمية الدقيقة والصعبة، مؤكدا ان ما يحدث في سوريا يقلقنا اكثر واكبر من أي دولة أخرى.
