وسط احتقان سياسي شديد ومناوشات بين الإسلاميين وقوى المعارضة في مصر، وفي خطوة من شأنها زيادة خلط الأوراق في المشهد، أجرى رئيس الوزراء المصري هشام قنديل تعديلاً وزارياً واسعاً بالتنسيق مع الرئاسة شمل تسعة وزراء، فشل في إرضاء المعارضة التي لم تر فيها سوى «مسرحية هزيلة».
وأعلن رسمياً أمس عن تعديل وزاري في مصر شمل تسعة وزراء جدد في حكومة هشام قنديل من بينهم اثنان على الأقل من جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي، فيما تضم الحكومة 35 وزيراً.
والوزراء الجدد هم: أحمد محمد أحمد سليمان وزيراً للعـدل، وحـاتم بجاتو وزيراً للدولة لشؤون المجالس النيابية، وشريف حسن رمضان هدارة وزيراً للبترول والثروة المعدنية، وأحمد عيسى وزيراً للآثار وأحمد محمود علي الجيزاوي وزيراً للزراعة، وفياض عبدالمنعم حسنين ابراهيم وزيراً للمالية، وأحمد محمد عمرو دراج وزيراً للتخطيط والتعاون الدولي، وعلاء عبدالعزيز السيد عبدالفتاح وزيراً للثقافة، ويحيى حامد عبدالسميع وزيراً للاستثمار».
وأدى الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمس أمام الرئيس محمد مرسي قبل توجهه إلى البرازيل في زيارة هي الأولى من نوعها.
ترحيب ودعوات
في السياق، أكّد حزب الحرية والعدالة وضع كل إمكانات الحزب في خدمة الحكومة الجديدة لعبور المرحلة الانتقالية والوصول إلى مرافئ الانتخابات النيابية.
وأكّد رئيس حزب الحرية والعدالة محمد سعد الكتاتني أنّ «الحزب يتفهّم الصعوبات التي تواجه تشكيل الحكومات في المراحل الانتقالية، وأنها قد لا تلبي كل الطموحات»،
ورحَّب الكتاتني، عبر تعليق على صفحته على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، بالتشكيل الوزاري الجديد، مجدّداً دعم الحزب الكامل للحكومة، مشيراً إلى أنّه «أصدر تعليماته لوضع كل إمكانات الحزب الفنية وكوادره في خدمة الحكومة الجديدة حتى تستطيع عبور المرحلة الانتقالية بسلام والوصول إلى انتخابات مجلس النواب»، داعياً كل القوى الوطنية والسياسية لتقديم العون للحكومة الجديدة.
رفض معارضة
وردّاً على الخطوة، اعتبر التيار الشعبي الذي أسسه المرشح السابق للانتخابات الرئاسية حمدين صباحي التعديل الجديد مجرد «مسرحيةٍ هزلية»، مشيراً إلى أن «مُرسي استبدل وزراء في التعديل الجديد ببعض الموالين للإخوان المسلمين»، مما يعني استمرار السياسات القديمة ومعها الحالة الاجتماعية والاقتصادية المتردية، ما يزيد من الأزمات في المشهد المصري، على حد قوله.
بدوره، أكّد القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني عمرو موسى، أنّ التعديل الوزاري لا يضيف جديداً ولا يغير كثيراً، وبالتالي فسوف يحتاج الأمر إلى تشكيل جديد في المدى القصير القادم، مشدّداً على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية ذات كفاءات عالية تنال ثقة الشارع.
التعديل الوزاري مداراةُ فشل وترسيخُ «أخونة»
بعد طول انتظار خرج إلى أرض الواقع التعديل الوزاري في مصر بتغييب وجوه وتلميع أخرى، فيما يؤكّد مراقبون للشأن أنّ الخطوة أتت مقصورة لتحقيق هدف رئيسي لا رجعة عنه فحواه «استكمال أخونة المؤسسات»، واستمرار أداء حكومة هشام قنديل على ذات النسق لتستكمل سيناريو «محلك سر»!.
ويشير مراقبون إلى أنّ التعديل الوزاري «لن يحدث تأثيراً على طبيعة الحكومة الجديدة، ولن تظهر دلالات إيجابية على عمل الوزراء الجدد أو الذين لم يشملهم التعديل»، لافتين إلى أنّ «التعديل صوري قصد من ورائه إظهار الرئيس محمد مرسي أمام المجتمع الدولي مُستجيباً لرغبات المعارضة»، ما أفرز تغيير وجوه مع تشبّث بالسياسات والأفكار، واصفينه بـ «جزرة» الملقاة للشارع والمعارضة في محاولة مرسي المراوغة.
تعديل بلا تأثير
ولعل الكارثة الكبرى على حد وصف مراقبين تتمثّل في أنّ التعديل الوزاري لم يشمل وزير الإعلام صلاح عبد المقصود الذي أثير بشأنه جدلٌ موسعٌ ولغط كبير حول تصريحات له مثيرة للجدل، مشيرين إلى أنّ الإبقاء على عبدالمقصود أتى لكونه مُنتمياً لجماعة الإخوان المسلمين، وأنّ الجماعة لم ترغب في إعلان فشلها على هذا النحو بإقصائه من الوزارة، استمراراً في سياسة العناد والإصرار على الفشل داخل الحكومة.
ويلفت المراقبون إلى أنّ التعديل الوزاري لم يشمل كذلك وزارة الداخلية التي أثير جدلٌ موسعٌ حول وزيرها أخيراً، فضلاً عن عدم اشتمال التعديل وزير الكهرباء في أعقاب فشله في حل أزمة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وتعيين بجاتو وزيراً للشؤون القانونية رغم وابل الانتقادات التي أمطرت بها الجماعة الأخير إبّان عضويته في اللجنة العليا للانتخابات.
عبء وزيرين
ويبيّن المراقبون أنّ الوزراء الجدد لاسيّما وزيري التخطيط والمالية والاستثمار يقع عليهم العبء الأكبر باعتبارهم من وزراء المجموعة المالية الذين تولوا حقائبهم في وقتٍ عصيب جداً تشهد فيه البلاد انهياراً اقتصادياً، مشيرين إلى أنّه «ووفق أجندات حكومة قنديل فإنّ الأولوية الأولى لهم سوف تكون من نصيب حسم ملف قرض صندوق النقد الدولي البالغة قيمته نحو 4.8 مليارات دولار، والذي تعتبره الحكومة والنظام رغم رفض كثير من المعارضين الحل الأمثل للخروج من النفق المظلم».
مسرحية هزيلة
وردّاً على الخطوة، اعتبر التيار الشعبي الذي أسسه المرشح السابق للانتخابات الرئاسية حمدين صباحي التعديل الجديد مجرد «مسرحيةٍ هزلية»، مشيراً إلى أن «مُرسي استبدل وزراء في التعديل الجديد ببعض الموالين للإخوان المسلمين»، مما يعني استمرار السياسات القديمة ومعها الحالة الاجتماعية والاقتصادية المتردية، ما يزيد من الأزمات في المشهد المصري، على حد قوله.
بدوره، يشدّد الناطق باسم حزب التجمع نبيل زكي على أنّ «التعديل كان متوقعاً ولا يحمل فائدة تذكر»، لافتاً إلى أنّ «المعارضة لا تقبل بأي تعديل لاسيّما أنّ المطلب الرئيسي يتمثّل في تغيير الحكومة برمتها، مبيّناً أنّها مُصرة على الفشل وأخفقت في كل ما طرح على مائدتها من ملفات مهمة، فيما رأت حركة شباب 6 إبريل أنّ التعديل فاشل ولم يحقق أية آمال.
رفض إسلامي
ولم يتوقف وابل الانتقادات التي وُجهت إلى التعديل الجديد على المعارضة، إذ أمطر التيّار السلفي ممثلاً في جماعة الدعوة التعديل تعنيفاً بتأكيد نائب رئيسها ياسر برهامي على أنّ التعديل غير ذات جدوى بما شمله من أسماء عليها كثير علامات استفهام في مقدمتها المستشار حاتم بجاتو، على خلفية الجدل الذي أثير حوله حين كان عضواً باللجنة العليا للانتخابات الرئاسية 2012.
في السياق، وصف أمين عام اتحاد القوى الصوفية عبدالله الناصر التعديل بـ «محاولة دعم» توجّهات جماعة الإخوان المسلمين، مشيراً إلى أنّ «التعديل لا يعدو كونه إحدى حلقات أخونة الدولة ومؤسساتها».
ولفت الناصر إلى أنّ النظام الحاكم تجاهل كافة مطالب المعارضة بتشكيل حكومة جديدة تعبّر عن الشارع، مؤكّداً على أنّ «التعديلات الجديدة مُحاولة لضم المزيد من الموالين لجماعة الإخوان المسلمين».
تعديل ساخر
لم يغب حس الدعابة عن الشارع المصري، إذ قامت مجموعة من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بطرح عدد من الشخصيات، متوقعين إطاراً ساخراً لتولي الحقائب الوزارية في التشكيل الوزاري الجديد.
ورشح البعض الإعلامي باسم يوسف لتولي حقيبة الإعلام، فيما سخر أحد النشطاء من التعديل الوزاري، قائلين: إنّ التشكيل الوزاري الجديد، سيشمل رئيس الوزراء نفسه، فيما توقّع أحد النشطاء أن يكون حازم صلاح أبوإسماعيل وزيراً للدفاع والإنتاج الحربي.
وبرّر النشطاء تأخّر الإعلان عن التعديل الوزاري بانتظار عرضه على المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.
