شنّت إسرائيل غارة جوية على سوريا هي الثانية من نوعها خلال العام الجاري مستهدفة شحنة سلاح متجهة إلى حزب الله وفق ما أكدته مصادر أميركية وإسرائيلية ، وسط تضارب حول أمرين: الأول، ما إذا كانت الطائرات الإسرائيلية دخلت المجال الجوي السوري أم أن الغارة التي أصابت هدفها على الحدود الغربية السورية مع لبنان نفّت من المجال اللبناني، والثانية، تباين في التصريحات حول ما إذا كان الهدف منشأة سلاح أم شحنة سلاح، وسط صمت رسمي سوري، فيما تدور مخاوف لبنانية من أن تؤدي الخروقات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية إلى «تفجير الاوضاع».

وفي التفاصيل، قال مسؤول إسرائيلي أمس إن طائرات حربية إسرائيلية استهدفت شحنة صواريخ في سوريا كانت في طريقها إلى مقاتلي حزب الله اللبناني. وأضاف المسؤول طالبا عدم نشر اسمه أن الضربة الجوية شنت أول من أمس بعد أن تمت الموافقة عليها في اجتماع سري للحكومة الإسرائيلية المصغّرة برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو مساء الخميس الماضي.

وبينما التزمت السلطات الاسرائيلية الرسمية بالصمت حول الغارة وطبيعتها، قال مسؤول إسرائيلي كبير إن الرئيس السوري بشار الأسد يحتفظ بالسيطرة على الأسلحة الكيماوية في سوريا ولا يسعى إليها حلفاؤه في جماعة حزب الله اللبنانية. وقال الخبير الاستراتيجي بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد: «سوريا لديها كميات كبيرة من الأسلحة الكيماوية والصواريخ. وكل شيء هناك تحت السيطرة (سيطرة حكومة الأسد)».

 وأضاف: «لا يمتلك حزب الله أسلحة كيماوية. لدينا سبل لمعرفة المعلومات. فهم (الجماعة اللبنانية) لا يتطلعون إلى امتلاك مثل هذه الأسلحة بل يفضلون المنظومات القادرة على تغطية جميع أنحاء البلاد».

تدقيق المعلومات

وكان مصدر امني في منطقة الشرق الأوسط صرح لوكالة «رويترز» بأن الهدف لم يكن منشأة أسلحة كيماوية سورية.. في حين أشارت قناة «سي.إن.إن» الاخبارية الى ان وكالات الاستخبارات الاميركية والغربية تدقق في معلومات استخبارية تحدثت عن قيام اسرائيل بضربة جوية على سوريا.

وقال مسؤول اميركي رفيع المستوى لقناة «ان.بي.سي نيوز» ان الضربات الجوية استهدفت على الارجح انظمة اطلاق لأسلحة كيميائية. غير ان قناة «سي.إن.إن» أوضحت نقلا عن مسؤولين اميركيين ان المعطيات المتوافرة لا تدعو الى الاعتقاد بان اسرائيل استهدفت مخازن أسلحة كيميائية في سوريا.

ولم يعلق البيت الابيض او وزارة الدفاع الأميركي (البنتاغون) على هذه المعلومات. إلا أن عضو مجلس الشيوخ الاميركي ليندسي غراهام اكد بحسب معلومات صحافية ان اسرائيل قصفت سوريا.

من جهتها، ذكرت شبكة «فوكس نيوز» إن طائرات عسكرية إسرائيلية استهدفت منشأة أسلحة سورية. ونقلت عن مسؤول أميركي لم تكشف عن اسمه أن منشأة أسلحة سورية استهدفت من قبل طائرات إسرائيلية مقاتلة.

وأوضح مصدر أنه لا يزال من غير المعروف ما إذا كانت الطائرات قد عبرت إلى المجال الجوي السوري أو قصفت الصواريخ عبر الحدود.

نشاط غير معتاد

وكانت السلطات اللبنانية أشارت لنشاط مكثف غير معتاد للقوات الجوية الإسرائيلية فوق اراضيها ليلة أول من أمس. وقال مصدر أمني لبناني ان انطباعه الأولي ان الطلعات الاسرائيلية تستهدف رصد شحنات اسلحة محتملة بين سوريا ولبنان ربما لحزب الله. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه: «نعتقد ان يتصل بمخاوف إسرائيل بنقل اسلحة لاسيما اسلحة كيماوية من سوريا لحلفائها في لبنان». إلى ذلك، نفت مصادر في الحكومة السورية ان لديها معلومات عن الضربة الجوية. وقال مندوب سوريا لدى الامم المتحدةبشار الجعفري لـ«رويترز»: «ليس لدي علم الآن بأي هجوم».

يشار إلى انّه في يناير الماضي من هذا العام قصفت اسرائيل قافلة في سوريا واصابت على ما يبدو اسلحة كانت في طريقها لحزب الله، حسبما قال دبلوماسيون ومعارضون سوريون ومصادر امنية في المنطقة.

في الأثناء، قال وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال اللبناني عدنان منصور ان الخروقات الاسرائيلية للسيادة اللبناني ستسفر عن تفجير الاوضاع.

واضاف منصور في تصريح صحافي ان الخروقات الاسرائيلية ستسفر عن مزيد من التوتر وتفجير الاوضاع ولن توفر لاسرائيل الامن والسلام اللذين تريدهما على طريقتها وانما ستزيد من دفع المنطقة الى تأجيج الصراع فيها وادخالها في المجهول.

 

أوباما: «الكيماوي» ليست مشكلة أميركا وحدها

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما انه لا يتوقع أي سيناريو تكون فيه قوات أميركية موجودة على الأرض في سوريا، لكنه قدم انعطافة جديدة تمهد لتفادي تغيير السياسة الأميركية حتى في حال العثور على «أدلة إضافية» لاستخدام النظام السوري السلاح الكيماوي، عبر تأكيده أن الأدلة ستقدم إلى المجتمع الدولي لأن هذه ليست مشكلة أميركا وحدها، بل مشكلة العالم.

وقال أوباما، خلال مؤتمر صحافي في كوستاريكا مع نظيرته الكوستاريكية لاورا تشينشيلا، انه «كقاعدة عامة أنا كقائد للأركان لا أستبعد أموراً، لأن الظروف تتغير وأريد ضمان أن تكون لدي دائماً السلطة الأميركية الكاملة لتلبية المصالح الأمنية القومية الأميركية».

لكنه شدد على انه لا يريد لأي أحد أن يفسر كلامه على انه يعتبر إرسال قوات أميركية خياراً قابلاً للتطبيق.

وأضاف: «أنا لا أتوقع ان أي سيناريو يتواجد فيه جنود على الأرض في سوريا».

وكرر ان لدى واشنطن أدلة على استخدام أسلحة كيميائية، ولكن «لا نعلم متى وأين أو كيف استخدمت، ونحن نبادر للتحقيق والتعاطي بشكل أفضل مع الحقائق داخل سوريا».

وتابع: «نحن نعمل أيضاً مع المجتمع الدولي ومع شركائنا لمعرفة ما حصل بشكل أفضل وسبق أن توجهنا إلى الأمم المتحدة لنقول اننا نريد تحقيقاً كاملاً داخل سوريا، وحتى الآن لأسباب غير مفاجئة قاوم الرئيس (السوري بشار) الأسد الأمر».

لكنه أكد ان العمل جار لإيجاد أدلة إضافية، وعندها ستقدم هذه الأدلة إلى المجتمع الدولي لأن هذه ليست مشكلة أميركا وحدها، بل مشكلة العالم «وثمة قواعد دولية وبروتوكولات ومعايير وأخلاقيات، وعندما يتعلق الأمر باستخدام أسلحة كيميائية لا بد أن يقلق العالم بأسره من الأمر».

وقال: «في حال وجدنا دليلاً قوياً يسمح لنا بالقول ان الجيش أو الحكومة السورية تستخدم أسلحة كيميائية فسيكون الأمر مغيراً للعبة بالنسبة إلينا، لأن المطروح ليس احتمال انتشار استخدام الأسلحة الكيميائية داخل سوريا وحسب، بل احتمال وصولها إلى أيدي منظمات مثل حزب الله أيضاً».

 

تورط

أكد رئيس المجلس السياسي في حزب الله ابراهيم أمين السيد ان «حزب الله مستعد لمنع سقوط سوريا لتحكم من تل ابيب وواشنطن» على حد قوله.

وقال امين السيد خلال احتفال حزبي في حسينية الخميني في بعلبك: «حزب الله مستعد لمنع سقوط سوريا لتحكم من تل ابيب وواشنطن، وهذه استراتيجية وليست خط دخول على أزمة سوريا بل خط دخول على أزمة الصراع مع امريكا واسرائيل»، بحسب ما أوردته الوكالة الوطنية للاعلام اللبنانية. بيروت- د.ب.أ