أثار إعلان الرئيس المصري د. محمد مرسي عن إجراء تعديل وزاري قريب، يطال عدداً كبيراً من الوزارات، جدلاً موسعاً بالمشهد المصري، خاصة في ظل توقيته المُثير، لأنه يأتي عقب ما أثير حول وجود ضغط دولي قوي تجاهه من أجل النزول على رغبة المعارضة والاستجابة لمطالب الثوار، في أعقاب زيارة الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، وانتهاء زيارة بعثة صندوق النقد الدولي للقاهرة أخيراً.
ورغم نفي مرسي في حوارٍ مع فضائية «الجزيرة» ليل السبت، أن يكون التعديل الوزاري ناتجاً في الأساس من ضغوط دولية أو من قبل صندوق النقد الدولي، الذي يشاع أنه اشترط على مصر إجراء تعديل وزاري لدعمها بقرض قيمته 4.8 مليارات دولار، إلا أن مراقبين يرون الرئيس مراوغاً، وخاصة أن توقيت التعديل جاء في أعقاب زيارة بعثة القرض وزيارة آشتون.. لكن مُرسي يقول «أنا لا أخضع لأي ضغوط من أي جهة أياً ما كانت»!.
ضغوط دولية
واعتبر مراقبون إقرار الرئيس لتعديلات وزارية، هي في الأساس أمر نبع مُباشرة من الضغوط الدولية التي تُمارس على مرسي وعلى نظام جماعة الإخوان المسلمين بصفة عامة، والتي حرّكتها بقوة الضغوط الداخلية من قبل جبهات المُعارضة القوية، تزامناً مع إثارة عدد من وزراء حكومة د. هشام قنديل الجدل، وآخرهم وزير الإعلام، بتصريحاته ذات البُعد أو الطابع «الجنسي»، والتي تزامن معها هجوم حاد على وزيري الداخلية والعدل لضعف أدائهم..
كما يأتي ذلك التعديل عقب تلميحات جبهة الإنقاذ (أكبر تجمع للمعارضة)، بشأن خوضها الانتخابات البرلمانية، ما قد يُنذر بوجود نوع من أنواع الاتفاقات غير المعلنة أو المواءمات.
وفي هذه الأجواء من الترقب، يؤكد مراقبون على أن مُرسي سيُحاول في التعديلات أن تكون متوازية بصورة كبيرة مع رؤى جماعة الإخوان المسلمين ورؤى المعارضة، بحيث تأتي تلك التعديلات في وقت يستعر فيه الجدل حول جملة من الملفات، وأبرزها ملف الانتخابات البرلمانية، والقانون الخاص بها المنظور على مائدة المحكمة الدستورية حالياً، في ظل جدل متوازٍ حول أجندات جماعة الإخوان المسلمين.
أبرز التعديلات
وكشفت مصادر مسؤولة داخل جبهة الإخوان المسلمين، أن من أبرز الوزارات التي من المُحتمل أن يشملهم التعديل الوزاري الجديد، يأتي في مقدمها وزارة العدل، وقد اتضح ذلك جلياً من خلال فعاليات التظاهر التي دعت إليها جماعة الإخوان، واستبقت فيها قرارات مُرسي هاتفين ضد وزير العدل..
إضافة إلى وزير الإعلام صلاح عبد المقصود، ووزير الداخلية، في ظل ما يثار حول الوزارة من علامات استفهام، وفي ظل فشلها حتى الآن في أن تحفظ الأمن الداخلي، وتسيطر على المشكلات الأمنية، إضافة إلى وزارة التعليم العالي، في ظل ما تشهده جامعات مصر من اضطرابات كبرى، أدت إلى إرجاء الدراسة في عدد من الجامعات، ووزارة الدولة للشؤون القانونية وشؤون المجالس النيابية..
فضلاً عن تغيير وزير الكهرباء، بسبب أزمة الكهرباء الطاحنة حالياً.. في ظل أنباء عن تعيين قيادات إخوانية في الحكومة الجديدة.
مراوغات مرسي
وأكد عدد من رموز المعارضة المصرية، أن توقيت إعلان التعديل الوزاري دلالة واضحة على كون الرئيس يراوغ بذلك التعديل، من أجل إلهاء المواطنين عن قضايا جوهرية رئيسة في مصر، ويشغل بال الناس عن مساعي الجماعة للتمكين والسيطرة والاستحواذ، وقد عبر عن ذلك العضو السابق بمجلس النواب محمد أبو حامد، لما أكد قائلاً «إن مؤسسة الرئاسة تحاول أن تلفت نظر ال ناس عن مشكلات وملفات بعينها، من خلال إلهائهم بتعديل وزاري»..
في الوقت الذي أكد فيه رموز جبهة الإنقاذ بمصر، على أنها لم تدخل في مواءمات سياسية أو اتفاقات غير معلنة مع الرئاسة حالياً، وخاصة أن التعديل جاء عقب بيانها الذي تم تفسيره على كونه إيذاناً بمشاركتها في الانتخابات البرلمانية، ليؤكد القيادي بالجبهة عبد الغفار شكر على أن الجبهة ترفض تلك المواءمات، وقد حددت مطالبها سابقاً بصورة واضحة، كما أن رموزها لن يشاركوا بأي حال من الأحوال في الوزارة الجديدة.
أنباء ونفي
وأثيرت أنباء بشأن إمكانية تولي مستشار الرئيس مرسي للشؤون الخارجية د. عصام الحداد وزيراً للخارجية، خلفاً لمحمد كامل عمرو، وخاصة أن الحداد قد لعب دوراً بارزاً في ملفات خارجية، وكانت توكله الرئاسة لحسم عدد من الأمور، وهو أمر مُتعلق بـ «أخونة الدولة»، وخاصة أن الحداد أحد أبرز قيادات الإخوان.
كما أثيرت أنباء بشأن تعيين مستشارة الرئيس د. باكينام الشرقاوي بمنصب نائب رئيس الوزراء، وتعيين هادي خشبة وزيراً للرياضية، وهي الأنباء التي نفتها رئاسة الجمهورية، مؤكدة على أن الرئيس التقى رئيس مجلس الوزراء هشام قنديل لساعات، بحثا خلالها التعديلات الوزارية المرتقبة.
