توالت ردود فعل السلطة القضائية في مصر أمس، على التظاهرات التي خرجت أول من أمس تحت شعار «تطهير القضاء». وبينما أكد مجلس القضاء الأعلى أن التظاهرات «تحمل إساءات بالغة إلى السلطة القضائية وجموع القضاة»، معتبرا أنها تعرقل سير العدالة، دعا نادي القضاة لاجتماع طارئ الأربعاء لمناقشة الأزمة.

وأكد مجلس القضاء الأعلى في بيان شديد اللهجة أصدره عقب اجتماعه طارئ أمس أن التظاهرات التي أدت إلى وقوع مصادمات دامية نتج عنها إصابات عديدة بين المتظاهرين، تضمنت إساءات بالغة لقضاة مصر والسلطة القضائية برمتها.

وأوضح مجلس القضاء الأعلى أن قضاة مصر «كانوا ولا يزالون ملاذ كل مظلوم، وأنه لا هم لهم سوى تطبيق صحيح حكم القانون، وأنهم يقولون كلمة الحق وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم، وما تسفر عنه أوراق كل قضية على حدة، وأنه على كل متضرر من حكم قضائي أن يطعن فيه بالطرق التي رسمها القانون».

وأشار المجلس إلى أن القول بوجود تجاوزات تكون قد وقعت من بعض القضاة، هو أمر مجاله المحاسبة وفق الطرق المقررة قانونا داخل المنظومة القضائية وهو ما يتم فعلا، مؤكدا أنه لا مجال لإثارة مسائل تعكر الصفو العام وتعرقل سير العدالة وتنال من استقلال القضاء.

اجتماع طارئ

من جانبه، يعقد مجلس إدارة نادي القُضاة اجتماعاً غير عادي الأربعاء المقبل لبحث تداعيات ما وصفته مصادر قضائية بمحاولات «هدم القضاء والتطاول عليه».

وقرَّر مجلس إدارة نادي القضاة أمس توجيه الدعوة لعقد جمعية عمومية غير عادية، للقضاة الأربعاء المقبل بمقر دار القضاء العالي بوسط القاهرة، برئاسة رئيس النادي المستشار أحمد الزند.

وذكرت مصادر قضائية متطابقة أن الجمعية العمومية لنادي القُضاة ستناقش أبعاد وتداعيات الحملات التي تدبر «لمحاولة هدم السلطة القضائية والتطاول عليها والنيل من أعضائها»، وكذلك مناقشة مشروع قانون السلطة القضائية المعروض على مجلس الشورى حالياً، الذي يمثل «اعتداء» على استقلال القضاء وانتقاصا لسلطاته.

وأضافت المصادر أن الجمعية العمومية ستبحث أيضاً سُبُل تنفيذ الحكم القضائي الصادر مؤخراً من دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة ببطلان تعيين النائب العام الحالي المستشار طلعت عبدالله باعتباره حُكماً واجب النفاذ.

طعون وقف الانتخابات

في هذه الأجواء، يترقب المصريون اليوم الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بحق الطعون المقدمة لقرار وقف الانتخابات البرلمانية التي كان دعا إليها الرئيس محمد مرسي في 27 أبريل الجاري إلا أنها أرجئت لأجل غير مسمى.

ورغم أن المحكمة الإدارية العليا من المُقرر أن تحسم اليوم مصير دعاوى تطعن على قرار وقف الانتخابات البرلمانية، إلا أن ذلك الحُكم لن يكون له ترجمة عملية على أرض الواقع، سواء أبطلت المحكمة القانون أو انتصرت للطعون المقدمة من قبل هيئة قضايا الدولة وكيلاً عن مرسي ورئيس مجلس الشورى أحمد فهمي ووزير العدل المستشار أحمد مكي، وذلك نظراً لأن نواب مجلس الشورى سارعوا بإقرار قانون جديد، هو الآن على مائدة المحكمة الدستورية العليا لمزاولة دورها في الرقابة السابقة على القوانين.

لكن فقهاء القانون يرون أن تلك الجلسة لها أهمية خاصة لمؤسسة الرئاسة في سياق صراعها مع المؤسسة القضائية، تكمن تلك الأهمية في ان الحكم سيكون اختباراً لمبدأ القرارات السيادية لرئيس الجمهورية وفق ما استندت إليه هيئة قضايا الدولة، خاصة أن مؤسسة الرئاسة حاولت بكل ما أوتي لها من سلطة أن تُمرر الانتخابات البرلمانية بالقانون الحالي، فأعلنت رفضها للحكم القضائي وقامت بالطعن عليه مُباشرة، إذ اعتبرت أن دعوة الرئيس للانتخابات «من الأمور السيادية»، ومن ثم فجلسة اليوم هي تكريس لذلك المبدأ.