شهد مجلس النواب الأردني (البرلمان) أمس جلسة عاصفة لمناقشة نيل حكومة عبدالله النسور الثقة، تخللتها مناقشات حامية وصعبة لم تحسم مصير الحكومة، وسط هجوم شديد اللهجة من قبل أعضاء المجلس على رئيس الوزراء المكلّف، الذي أعلن تراجعه عن قرار رفع أسعار الكهرباء الذي كان يُعدّ استراتيجيا في سياسته.
وبحسب مراقبين، يدل إعلان رئيس الوزراء تراجعه عن رفع أسعار الكهرباء على شدة الهجوم الذي واجهه بصمت إلى حين نيله الثقة، إذ وصل ذلك إلى حد وصف النواب له بـ«المراوغ»، بينما قال نواب آخرون انهم سيحجبون الثقة عنه.
الا ان ذلك لا يعني ان النسور مهدد بحجب الثقة عن حكومته، رغم ان بعض المراقبين لا يعتبرون ذلك مشهدا مستحيلا.
ووسط هذا السجال، يتوقع ان يستمر المجلس بمناقشة البيان الوزاري حتى مطلع الأسبوع القادم، إذ تم تخصيص لكل نائب مدة خمس عشرة دقيقة لمناقشة البيان، وللكتلة البرلمانية 20 دقيقة، ومن المتوقع ان يتحدث حول البيان حوالي 130 نائبا من أصل 150 عدد أعضاء مجلس النواب.
هجوم على الإعلام
وشهدت بداية الجلسة هجوما نيابيا على الاعلام الرسمي، وتحديدا التلفزيون الوطني بعد ان قطع البث المباشر عن جلسة مجلس النواب السابقة التي ناقشت أحداث الاعتداء على مسيرة اربد.
ولوّح رئيس مجلس النواب سعد هايل السرور بان المجلس «سيستعين بقنوات فضائية أردنية وإذاعات لنقل الجلسات، إذا واصل التلفزيون الاردني هذه الممارسات».
فيما تبرّأ رئيس كتلة وطن النائب عاطف الطراونة من تكليف النسور، قائلا إن «الحكومة وليدة خيارات رئيسها وليست وليدة مشاورات أو تحالفات او عمق نظر او استشراف بصيرة».
اهتمام اقتصادي
وتركزت كلمات النواب على الشأن الاقتصادي. وأعلن اكثر من نائب إن «الحكومات المتعاقبة ستبقى تراهن على جيوب مواطنيها في حل كل العقبات وعن طريق الضرائب واللجوء الى تدابير احتيالية».
كما ربط نواب منح الثقة لهذه الحكومة او الحجب عنها بعدم رفع اسعار الكهرباء حتى نهاية عام 2013 والماء والغاز، وعدم رفع الدعم عن الخبز والاعلاف. وهو ما فهمه النسور، الذي أبلغ كتلة وطن لدى الاجتماع معها انه لن يرفع اسعار الكهرباء.
وكانت إحدى اسخن كلمات النواب أمس ما جاء على لسان النائب محمود مهيدات عندما خاطب النسور قائلا: «جئتك من منطقة منكوبة مرتين، مرة باللاجئين السوريين الذين ما زالوا يتدفقون، ومرة باستباحة شوارعها من أجهزتنا الأمنية حتى داسوا على ميدان وصفي التل، واستأسد الشجعان على مسيرة إربدية، ويأتي الرئيس ليقنعنا بتشكيل لجنة محايدة يرأسها وزير عدل والداخلية».
إشادات
بالمقابل، سمع النسور بعض الاشادات من عدد من النواب، بينما وصفت أحزاب المعارضة بدورها نقاشات مجلس النواب بالشكلية.
وذكرت، في بيان أمس، أن «مشروع البرنامج الذي قدمته الحكومة أمام مجلس النواب لنيل الثقة على أساسه بمراوحة السياسات العامة في نفس المكان دون تغيير جاد على مستوى الإصلاح الاقتصادي والتوجه نحو محاربة منهجية للفساد الإداري والمالي».
وعورة سياسية
قال المحلل السياسي ماهر أبو طير إن أجواء مناقشات الثقة لحكومة عبدالله النسور تتسم بـ«الوعورة السياسية». وأضاف إن «النواب يريدون رفع مستوى شعبيتهم، ويحاولون مجاراة الشارع في عناوينه، غير أن أغلبهم في نهاية المطاف سيقوم بمنح الثقة للحكومة، خصوصاً بعد إشارات رئيسها المتكررة حول حساسية الظرف الداخلي ومخاطر الإقليم». وأوضح أبو طير أن «هذه الإشارات لا تسمح كثيراً بمجرّد التفكير بإسقاط الحكومة، كما أن ضغط النواب سيكون له دور وظيفي يتعلق بإلزام رئيس الحكومة بوعده السابق حول توزير النواب». يو.بي.آي
