في حلقة جديدة من حلقات التوتر غير المسبوق في مستواه بين الكنيسة القبطية في مصر وأجهزة الدولة، وبعد 24 ساعة من انتقاد لافت وجّهه بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تواضروس الثاني، حمّل المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس الرئيس محمد مرسي والحكومة المسؤولية الكاملة عن الأحداث الطائفية مؤخراً، متحدثاً عن «تواطؤ مشبوه وتقاعس مخز» للسلطة التنفيذية والقيادات السياسية، في وقت اتهم سكرتير تواضروس الثاني وزارة الداخلية بـ«رعاية» الفتنة.

وفي بيان شديد اللهجة بخصوص أحداث الخصوص وكنيسة العباسية، طالب المجلس أمس بـ«تحقيق مستقل في الأحداث»، معتبراً أن الاعتداءات الأخيرة أتت «نتيجة تراخي الدولة وكافة مؤسساتها عن القيام بدورها تجاه تطبيق القانون على الجميع بدون تفرقة، ولتقاعس القيادة السياسية عن تقديم الجناة المعروفين في أحداث سابقة للعدالة».

وأشار البيان إلى «غياب غير مسبوق في تاريخ مصر لدور القيادة السياسية في توحيد أبناء الشعب، والعمل المخلص على نزع فتيل الأزمات الطائفية».

وأفاد بأن «ما حدث من إلقاء الغاز داخل مبنى الكاتدرائية ووجود ملثمين في مدرعات الشرطة واستهدافهم للمقر البابوي ساعات طويلة، لم يحدث في أسوأ عصور قهر الحريات الدينية في موقف الدولة وأجهزتها تجاه أبناء الشعب المصري وتجاه مسيحيي مصر وكنائسها»، على حد وصفه، محملاً مرسي والحكومة «المسؤولية الكاملة عن غياب العدل والأمن والسكوت على التواطؤ المشبوه لبعض العاملين في السلطة التنفيذية في العنف الممنهج ضد المسيحيين».

تقاعس وسبل

وارتفعت حدة الانتقاد في البيان لتصل إلى درجة الحديث عن «تقاعس مخز للسلطات والقيادات السياسية عن ردع المعتدين وإقامة العدل واحترام القوانين والمواثيق الدولية».

وشدد المجلس على أنه لن يقف «مكتوف الأيدي تجاه استمرار العنف الطائفي والتحريض عليه، وعدم المساواة في تطبيق القانون على أبناء الوطن»، مستطرداً: «لن ننسى الأحداث الطائفية التي لم يحاسب عليها أحد منذ جريمة كنيسة القديسين مروراً بأحداث أطفيح وماسبيرو وإمبابة ودهشور، وصولا إلى حوادث الخصوص والكاتدرائية».

وأوضح البيان: «نؤكد في سبيل ذلك أننا سنلجأ لكل السبل الشرعية والقانونية لحماية حقوقنا الكاملة كمواطنين مصريين ولن نفرط فيها تحت أي ظرف»، مختتماً بالتنويه إلى أن المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس «سيستمر في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطور الموقف وسير التحقيقات».

اتهام الداخلية

وفي السياق ذاته، قال سكرتير بابا الاقباط انجيلوس إسحق في تصريحات تلفزيونية إن أحداث كنيسة العباسية «جرت تحت رعاية وزارة الداخلية»، مشيراً إلى «إلقاء المولوتوف والحجارة على المشيعين بدون تدخل أي من رجال الأمن».

وأضاف إسحق أنه «يجب اتخاذ موقف جاد وحازم تجاه أحداث الاعتداء الطائفي، لأن عدم القبض على المتهمين في حوادث مشابهة يعطي ضوءا أخضر لاستمرار مسلسل الاعتداءات»، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن تواضروس الثاني «في خلوة، حزنًا، وليس معتكفًا».

وفد رئاسي

وفي هذه الأجواء، تبرأ وفد رئاسي، أثناء اللقاء الذى تم بينهم وبين مندوبي الكنيسة في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لبحث الأزمة، من بيان مساعد الرئيس المصري عصام الحداد، مؤكداً أنه «يعبر عن رأيه الشخصي».

وقال وكيل البطريركية القمص سرجيوس سرجيوس إن الوفد الرئاسي «تبرأ من البيان الذي أعلنه الحداد»، مؤكدين أنه «لا يعبر عن الرئاسة»، إلا أنهم لم يعلقوا على ما تضمنه الحداد من اتهامات للأقباط بافتعال الأحداث.

وأفاد مصدر كنسي أن اللقاء «تناول تفعيل بيت العائلة المصرية وإنشاء مجلس قومي للوحدة الوطنية». وضم الوفد الرئاسي مساعد الرئيس المصري لشؤون التواصل المجتمعي عماد عبدالغفور ومساعده للشؤون السياسية باكينام الشرقاوي.

وكان الحداد اتهم الأقباط بالتسبب في بدء العنف بأحداث الخصوص والكاتدرائية، معتبراً أنه «أثناء تشييع جنازة قتلى اشتباكات الخصوص من الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، قام بعض المشيعين الغاضبين بالاعتداء على السيارات، ما أدى إلى قيام البعض بإلقاء الحجارة وإطلاق النار».

 

مسيرة

نظم المئات من أهالي الأقصر الليلة قبل الماضية مسيرة بالشموع للتنديد بأحداث العنف الطائفية. وشارك في المسيرة عشرات الأقباط وأعضاء جبهة الإنقاذ الوطني وممثلو التيار الشعبي وأحزاب الوفد والتحالف الشعبي الاشتراكي والدستور وحركة 6 أبريل، بالإضافة إلى بعض القوى السياسية والشعبية من أهالي الأقصر. وردد المشاركون في المسيرة هتافات مناهضة لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي. الأقصر- البيان