أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي اختتم أمس زيارته الثانية للأراضي الفلسطينية المحتلة متوجها إلى العاصمة البريطانية لندن، أن المحادثات التي يجريها لدفع عملية السلام «حميمية ومثمرة جدا»، مشيرا إلى اتفاق لدعم الاقتصاد الفلسطيني، في وقت جدد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو موقفه المتعنّت حيال ملف المفاوضات، مشددا على شروط تعجيزية للفلسطينيين، منها الاعتراف بيهودية إسرائيل وعدم التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لمقاضاتها.
وبعد لقائه نتانياهو، الذي بحث سبل استئناف المفاوضات وإجمال الخطوات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف حسب تعبير موقع «يديعوت احرونوت»، وصف كيري المحادثات بأنها كانت «حميمية وطويلة ومثمرة جدا». وقال في هذا الشأن: «يمكنني القول بأننا حققنا تقدما، وإنني راض عن فحوى ومضمون المحادثات والنقاشات، وإننا اتفقنا على مراجعة كل طرف لمواقفه واعادة دراستها، وننوي القيام بهذه المراجعة خلال الأسابيع القليلة القادمة وسنواصل محادثاتنا بهدف معرفة كيفية ربط كافة الأجزاء بعضها ببعض والتوصل إلى نوع من التقدم».
وأضاف كيري أن المحادثات كانت «جدية ومركزة، وبإمكاني وصفها بالمثمرة جدا وتحدثنا عن مبادرة اقتصادية معينة، لكن نتانياهو طلب التوضيح بان كل خطوة اقتصادية سنتخذها لن تكون بأي شكل ما الإشكال بديلا، ولكنها ستكون مكملة وداعما للمسار السياسي الذي يحتل الأفضلية الأولى والأمور الأخرى مكملة له».
مراوغة إسرائيلية
من جانبه، زعم نتانياهو تصميمه ليس فقط على استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بل بذل كل جهد ممكن وجدي لإنهاء الصراع مرة وللأبد.
وقال نتانياهو مخاطبا كيري: «لإنهاء الصراع وتحقيق السلام مكونات اقتصادية لذلك فإننا نتلقى بالترحاب التام كل مبادرة تقدمها او يقدمها اخرون، ولكن لهذه الخطوة مكونات سياسية ايضا ونقاش سياسي يهتم بكل القضايا والتفاصيل، وعلى رأسها من وجهة نظرنا قضية الاعتراف والامن، ونحن نتحدث عن جهد جدي ونتوقع ان نتقدم سويا بهذا الامر».
شروط تعجيزية
ولكن صحيفة «معاريف» ذكرت أن مطالب إسرائيل من الفلسطينيين من أجل استئناف المفاوضات هي تجميد ما تصفه بالخطوات الأحادية الجانب بالأمم المتحدة ووقف «التحريض» من جانب السلطة الفلسطينية، كذلك تجميد التوجه للأمم المتحدة وعدم التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، ووقف الخطوات الفلسطينية الداخلية الرامية إلى المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس»، والاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.
ونقلت عن مصادر إسرائيلية وغربية تأكيدها أن «إسرائيل تضع أمام الفلسطينيين مطالب لا يمكنهم تنفيذها من أجل دفعهم إلى التنازل عن مطالبهم الأساسية»، في إشارة إلى مطلب الاعتراف بيهودية إسرائيل مقابل مطلب تجميد البناء في المستوطنات وطرح خريطة حدود.
انتقادات
وهذا عكس ما صرحت به وزيرة القضاء الإسرائيلي المسؤولة عن المفاوضات تسيبي ليفني أول من أمس بأنها لا تضع هذا الشرط للعودة إلى المفاوضات، والتي قابلت أمس سيلا من الانتقادات.
وقال رئيس الائتلاف الحكومي في الكنيست ياريف ليفين إن أقوال ليفني لا تمثل موقف حكومة إسرائيل، وأن «كون إسرائيل دولة يهودية يشكل أساسا لأية مفاوضات وأي اتفاق.. أقوال ليفني تعبر عن موقف شخصي وليس عن موقف الحكومة».
لقاءات لجنة المتابعة
في خضم هذا الزخم السياسي، أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس محادثات في الدوحة مع امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني غداة اجتماع اللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربية.
وبحسب وكالة الانباء القطرية، «جرى خلال المقابلة بحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها، إضافة إلى استعراض آخر التطورات على الساحة الفلسطينية لاسيما مبادرة السلام العربية».
وكانت اللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربية التي اجتمعت مساء الاثنين في الدوحة قررت ارسال وفد وزاري الى واشنطن يوم 29 ابريل الجاري للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما، أملا في احياء عملية السلام في الشرق الاوسط.
50 وحدة استيطانية في القدس المحتلة
قررت إسرائيل أمس توسيع مشاريعها الاستيطانية والتهويدية في مدينة القدس المحتلة بالإعلان عن بناء 50 وحدة استيطانية جديدة في الجزء الشرقي من المدينة، بذريعة تخصيصها للناجين من المحرقة النازية، في إعلان واضح لرفضها وقف الاستيطان لتحريك المفاوضات المتعثرة.
وقال وزير الاسكان الاسرائيلي اوري اريئيل، وهو عضو في حزب «البيت اليهودي» القومي المتطرف، للاذاعة العامة الاسرائيلية إن «هذه المساكن الخمسين التي ستضاف الى تلك الموجودة في الموقع من اجل مسنين في تلبيوت الشرقية، ستخصص للناجين من المحرقة». يذكر أن اسرائيل احتلت كامل القدس في العام 1967، وأعلنت المدينة المقدسة «عاصمتها الابدية والموحدة».
ويقيم اكثر من 310 الف مستوطن في مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وهو رقم في تزايد مستمر. ويقيم نحو 200 الف اخرين في اكثر من عشرة احياء استيطانية في الجزء الشرقي من القدس.
من جهة ثانية، وفي استمرار لسياسة حربها ضد الشجر والحجر، اقتلعت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس 350 شجرة في منطقة امديمنة جنوب بلدة الظاهرية في محافظة الخليل.
وقال مدير العلاقات العامة في بلدية الظاهرية محمد رباع إن «قوات الاحتلال اقتلعت أكثر من مئة شجرة زيتون، و250 شجرة لوزيات في المنطقة المذكورة، والتي تقدر مساحتها ب45 دونما، وتعود ملكيتها الى الشقيقين عبد لله ومحمد النجار الجبارين».
وأشار رباع إلى أن المنطقة الجنوبية من بلدة الظاهرية تعرضت في الآونة الأخيرة لعمليات هدم للمنشآت الزراعية واقتلاع للأشجار، والاستيلاء على الأراضي بشكل ممنهج، وذلك لقربها من حدود 1948.
لا جديد
أكد مسؤولون فلسطينيون أمس أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري لم يقدم أفكارا جديدة خلال جولة مباحثاته الحالية لكسر جمود عملية السلام مع إسرائيل. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف: إن مباحثات كيري في المنطقة لم تتضمن حتى الآن طرح أي أفكار جديدة، أو حدوث اختراق من شأنه المساعدة في استئناف المفاوضات. كذلك، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي: إن كيري ما زال بصدد الاستماع لمواقف الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ومناقشتها من أجل بلورة شيء جديد، لكنه حتى اللحظة لم يعرض أي أفكار جديدة. د.ب.أ
