فتحت موافقة مجلس الشورى، الذي يسيطر عليه التيار الإسلامي، والذي يزاول المهام التشريعية حالياً، على استخدام الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية أبواب الجدل بمصر، إذ اعتبرتها مختلف القوى السياسية والثورية المناهضة للتيار الإسلامي ومشروعه، إشارة البدء في انتخابات طائفية تُسهل مهمة الفصائل الإسلامية للعب على وتر الدين الإسلامي واستغلال المشاعر الدينية لدى الشعب المصري للحصول مجدداً على الأغلبية في البرلمان المقبل.
ويرى الناشط القبطي البارز إكرام لمعي أن استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات، يعد مفسدة للجو العام وللسياق الانتخابي والمشهد السياسي، مُتهماً الفصائل الإسلامية بمحاولة إقحام الدين واستغلاله كي تعلو سياسياً، وهي بذلك تُحدث فتنة بالشارع المصري، وتسهم في تزايد انقسامه وتفتته، وهو ما ينذر بتهاوي نظام الإخوان المسلمين وسقوطه سريعاً، وخاصة أن ما يصدر من قرارات وتصريحات لا يعبّر عن روح ثورة الخامس والعشرين من يناير ولن يرتضيه رجل الشارع.
بدوره يشير الرئيس السابق لحزب التجمع، أكبر وأعرق الأحزاب اليسارية، د.رفعت السعيد، إلى أن استخدام الشعارات الدينية يفتح الباب أمام الأقباط أيضاً لاستخدام شعاراتهم.
خداع الناخب
ويقول في هذا السياق، إن «الإخوان المسلمين يرفعون شعار الإسلام هو الحل، ومن ثم فمن حق الفصائل القبطية رفع شعار المسيحية هي الحل، ومن ثم تغلف الطائفية المشهد السياسي المصري وتنذر بالمزيد من الإشكاليات والتوترات على الصعيد السياسي بشكل عام»، موضحاً أن «الإسلاميين يحاولون بشتى الطرق خداع الناخب وتزييف وعي المصريين من أجل إنجاز مهمتهم عبر المشهد السياسي».
وفي السياق ذاته، تحذّر مختلف القوى والفصائل السياسية المعارضة للتيار الإسلامي في مصر من تبعات استخدام الدين في الدعاية الانتخابية، مؤكدة على كونه يمهد الطريق أمام حرب أهلية شاملة في مصر.
فحزب الوفد أكد على لسان الناطق الرسمي باسمه الدكتور عبدالله المغازي على أن «الإسلاميين يحاولون بشتى الطرق استغلال واستمالة البسطاء في مصر والذين يوقرون رجل الدين ويحترمونه وينخدعون في الشعارات الدينية التي تفتح الباب على مصراعيه لحرب أهلية طائفية في مصر».
عقوبات صارمة
وكانت القوانين المصرية الخاصة بالانتخابات البرلمانية تحظر استخدام الشعارات الدينية، وكانت تفرض عقوبات صارمة على من يستخدم الدين شعارًا لاستمالة الفقراء في الانتخابات، حتى عقب ثورة يناير، التي وصلت جملة العقوبات إلى حد شطب المرشح المخالف لأسس وقواعد الدعاية الانتخابية.
ودفع إقرار الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية مراقبين للتأكيد على كون الانتخابات البرلمانية المقبلة سوف تكون أكثر سخونة وقد تشهد أعمال عنف بارزة، كما أن استخدام الشعارات الدينية قد يأتي بمردود عكسي مغاير تماماً لما يأمله الإسلاميون، فالشارع سوف يقارن بين تلك الشعارات وممارسات الفصائل الإسلامية المسؤولة في الرئاسة والحكومة والأحزاب الفاعلة، ومن ثم تنكشف خُطط الفصائل الإسلامية بشكل عام وملامح عملهم بالمشهد السياسي.
ورغم ذلك، فإن الفصائل الإسلامية بررت تأييدها لاستخدام الشعارات الدينية في الانتخابات بأنه أمر عادي ومستساغ ومن حق الفصائل أن تعبّر عما تدعو إليه من فكر وأيديولوجيات، وعلى الشارع أن يختار ويميز الخبيث من الطيب، نافين أن تؤدي تلك الأمور لحرب أهلية كما هو متداول، مراهنين في السياق ذاته على الشعب المصري الذي وصفوه بالذكي والذي يستطيع أن يفرق بين الممارسات السياسية وعلاقة فصائل ونسيج الأمة.
منع
تمسكت الأنظمة المصرية السابقة لثورة الخامس والعشرين من يناير بحقها في منع استخدام الدعاية الدينية في الانتخابات البرلمانية، وذلك خشية تنامي دور الفصائل الإسلامية التي تُجيد اللعب بكارت الدين، وتخوفاً أيضاً من إفراز «انتخابات طائفية» تُعكر صفو المنافسة السياسية، ورغم ذلك كانت تظهر انتهاكات لهذا الحظر، وحتى عقب ثورة يناير فقد تم إقرار منع استخدام الدعاية الدينية . البيان