انتخب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية غسان هيتو رئيساً لأول حكومة انتقالية في سوريا ستتولى إدارة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وأكد في أول تصريحات له أنه لن يتحاور مع نظام الأسد، في حين بين قائد اركان الجيش السوري الحر استحالة ضمان حماية الحكومة الجديدة إذا عملت داخل الأراضي السورية.
وحصل هيتو على 35 صوتا من بين 49 ورقة انتخاب صحيحة في الجولة الأولى من الاقتراع، الذي جرى في الساعات الأولى من يوم أمس في إسطنبول التركية، فيما حصل المرشح الآخر أسعد مصطفى على سبعة أصوات، وتوزعت باقي الأصوات على باقي المرشحين.
توافق
وجاء انتخاب هيتو بعدما حقق التوافق بين الكتل المشكلة للائتلاف السوري بالنظر إلى خبرته الإدارية الكبيرة في شركات تكنولوجيا الاتصالات، والتي تمتد لأكثر من 25 سنة.
وفور انتخابه أكد هيتو أن إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد على رأس أولويات حكومته، وشدد على عدم الحوار معه، متعهدا بإرساء الأمن والقانون ووضع حد للفوضى في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
وأوضح هيتو، خلال استعراضه لأولويات عمل حكومته في الفترة المقبلة، أن اختيار الوزراء لن يكون وفقا لتوزيع الحصص السياسية بل ستحكمها الكفاءة، وأضاف أن مبدأ المواطنة للجميع سيكون الأرضية الأساسية لعمل الحكومة الجديدة، التي تنطلق في عملها على أساس وحدة سوريا أرضا وشعبا والحفاظ على النسيج الاجتماعي للشعب.
مقعد سوريا
وطالب رئيس الحكومة المؤقتة الذي تعهد بالنصر، بإعطاء مقعد سوريا في الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى المعارضة، وطالب المجتمع الدولي بالإقرار أن ما يحصل في سوريا ثورة شعب على «نظام مجرم وجائر» لا معركة بين طرفين، مطالباً باستعادة أموال النظام التي جمدتها الحكومات الغربية، لأنها ملك للشعب، ودعا الدول الداعمة لنظام الأسد بعدم المراهنة على «الجانب الخاسر» لأن الشعب السوري لن ينسى، وشعوبها ستحاسبها لاحقا.
بدوره كشف رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب أن هناك دولا تدفع ملايين الدولارات لإرسال مئات من الشباب للقدوم والقتال في سوريا للتخلص منهم، وأضاف، في كلمة سبقت استعراض هيتو، أنهم ضد أي «فكر تكفيري أو دموي، ولكنهم لن يسمحوا باستخدام هذه الحيلة لتدمير سوريا».
من جهته أكد رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرة أن هناك مساحات شائعة في سوريا «محررة» وتستطيع الحكومة الجديدة العمل منها، موضحاً أن الكرة باتت في ملعب الجامعة العربية التي عليها الإيفاء ببيانها الذي دعا المعارضة السورية لتشكيل هيئة تنفيذية لمنحهم مقعد سوريا في الجامعة. وأضاف القول: «قمنا باختيار رئيس حكومة بانتخابات ديمقراطية، عليهم الإيفاء بوعدهم».
استحالة
إلى ذلك قال رئيس المجلس العسكري الأعلى للمعارضة سليم إدريس إن قوة نيران قوات الأسد تجعل من المستحيل على الجيش السوري الحر ضمان سلامة الحكومة الجديدة إذا عملت من داخل سوريا، لكن يجب على المعارضة أن تقبل المخاطرة.
ووفقا لعضو المكتب التنفيذي للائتلاف سمير نشار، فإن رئيس الحكومة الجديد سيعمل خلال فترة تصل إلى شهر على الدخول إلى الأراضي السورية واللقاء بالقيادات الميدانية ومختلف القوى السياسية والقوى المدنية والمواطنين للاستماع إلى انشغالاتهم واستطلاع آرائهم والحصول على ثقتهم. وأشار نشار إلى أن هيتو سيقوم بعد تشكيل فريقه الحكومي بزيارة إلى عدد من الدول للحصول على اعتراف منها بحكومته.
رجل توافق
حتى العام الماضي، كان غسان هيتو مديراً تنفيذياً لمدة 11 عاماً في شركة «إينوفار» الأميركية لتكنولوجيا الاتصالات في تكساس. لكن في نوفمبر 2012 ترك منصبه فجأة «لينضم إلى الثورة السورية».
وكان هيتو، غير المعروف لأغلبية السوريين، ناشطاً منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في الولايات المتحدة في المجالين الإنساني والسياسي. وتولى منذ عام 2011 منصب نائب رئيس «تحالف سوريا الحرة» في الولايات المتحدة الذي شارك في تأسيسه، ويهدف التحالف إلى «دعم تطلعات الشعب السوري في تحقيق الحرية والعدالة والحريات المدنية واحترام القانون».
كما شارك في تأسيس «هيئة شام الإغاثية» في الولايات المتحدة في 2011 وتولى منصب نائب الرئيس. وتعمل الهيئة على «دعم الشعب السوري ورفع المعاناة عنه وتأمين الحاجات الأساسية له»، حسبما جاء في الإعلان عنها. ولد هيتو في دمشق في 1964، وتركها مطلع الثمانينات، وأمضى قسماً كبيراً من حياته في الولايات المتحدة حيث حصل على إجازتين في الرياضيات والمعلوماتية من جامعة بورديو في إنديانا عام 1989، وحصل على ماجستير في إدارة الأعمال عام 1994.
وبما أن هيتو كردي فهذا شكّل، حسب بعض أعضاء الائتلاف، نقطة في صالحه، وخصوصاً بعد تزايد الاتهامات للمعارضة بأنها «لا تُعير اهتماماً للأقليات». كما أن هيتو عضو مؤسس في جمعية الدعم القانوني للجالية العربية والمسلمة التي تأسست في الولايات المتحدة عام 2001، وتهدف إلى الدفاع عن الحريات الشخصية والمدنية ومكافحة التمييز ضد العرب والمسلمين والآسيويين، وخصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. تزوج هيتو من مُدرّسة أميركية وأنجب منها أربعة أبناء أحدهم يدعى عبيدة. الوكالات
