في هجوم مفاجئ يدل على تراخي قبضة قوات النظام، اقتحم الجيش السوري الحر أمس حي بابا عمرو وسط مدينة حمص، في الذكرى الأولى لاجتياح قوات بشار الأسد الحي، الذي اعتبر معقل المعارضة في المدينة، بالتوازي مع سيطرة الثوار على الفوج 137 في ريف دمشق والفرقة 17 في الرقة، فيما ارتكب الجيش النظامي مجزرتين بحق مدنيين في حلب وريف العاصمة.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، أن «مقاتلين من الكتائب المقاتلة شنوا هجوماً مفاجئاً على بابا عمرو، ودخلوا إليه وباتوا موجودين في كل أرجاء الحي» الذي سيطرت عليه القوات النظامية في الاول من مارس 2012. وأوضح المرصد أن النظام «بسيطرته على الأحياء الأخرى، خفف من وجوده فيها وركز على حي الخالدية، فاستغل المقاتلون هذا الأمر لشن هجوم مباغت على بابا عمرو».

من جهته، قال ناشط قدم نفسه باسم عمر، وهو على تواصل مع المقاتلين على الأرض، إن «الثوار تسللوا خلال الليل إلى بابا عمرو، ولم تدرك الحواجز العسكرية التابعة للقوات النظامية ذلك إلا بعدما أصبح المقاتلون في داخل الحي».

وتعرض الحي، ذو الرمزية العالية في وسط المدينة التي يعدها الناشطون المعارضون «عاصمة الثورة» ضد النظام السوري، إلى قصف عنيف طوال أكثر من شهر مطلع العام 2012، قبل أن تفرض القوات النظامية سيطرتها عليه. وتشن القوات النظامية منذ الرابع من مارس الجاري حملة على أحياء محاصرة وسط المدينة تعد معاقل للمعارضين، منها الخالدية وأحياء حمص القديمة.

مذبحتان ميدانيتان

ميدانياً أيضاً، أفاد نشطاء بالعثور على جثامين 14 شخصاً من عائلة واحدة مقتولين في محافظة ريف دمشق. وقال المرصد السوري في بيان: «عثر على جثامين 14 مواطناً من عائلة مقتولين قرب بلدة المليحة بريف دمشق بينهم سبع إناث، واتهم نشطاء من المنطقة القوات النظامية بقتلهم». كما تم انتشال 15 جثة لمدنيين تم إعدامهم ميدانيا من قبل قوات النظام وإلقاء جثثهم في نهر قويق عند جسر السنديانة في حي بستان القصر بمدينة حلب، والذي أسماه الناشطون «نهر الشهداء»، بعد العثور على جثث حوالي 80 شاباً معظمهم أيديهم مقيدة خلف ظهورهم في 29 يناير الماضي.

فرقة وفوج

وبالتوازي، أعلن نشطاء أن الجيش الحر سيطر على الفرقة 17 في الرقة شمال البلاد على الحدود مع تركيا. وقال ناشطون: إن كتائب من الجيش الحر سيطرت الليلة قبل الماضية على الفرقة 17 التي كان النظام يرسل منها تعزيزات عسكرية ويقصف منها مناطق الرقة. وأضاف هؤلاء أنه «لم يبق في الرقة بقبضة النظام سوى مطار الطبقة واللواء 93، لكن خلال أيام قليلة سيتم السيطرة عليهما»، على حد وصفهم.

وفي سياق متصل، نجحت كتائب تابعة للجيش الحر في السيطرة على الفوج 137 التابع للجيش النظامي بريف دمشق. وأفادت شبكة «سانا الثورة» الإخبارية أن عناصر الجيش الحر «تمكنوا من تحرير الفوج 137 في خان الشيح بريف دمشق بعد معارك عنيفة دارت مع جيش الأسد».

وذكرت صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» على «فيسبوك» أن الثوار «تمكنوا من قتل وأسر كل عناصر الفوج 137 من شبيحة الأسد في بلدة خان الشيح، واغتنام تسعة مدافع مضادة للطيران من عيار 23، إضافة إلى كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر».

تأهب إسرائيلي

إلى ذلك، ذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب على الحدود مع سوريا وسط تخوفات من وقوع هجمات مماثلة كالتي وقعت على الحدود مع مصر انطلاقاً من سيناء في ضوء «تراخي قبضة نظام الأسد في المناطق الحدودية».

وأضافت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي «عزز قواته على طول الحدود خلال الشهور الأخيرة وزاد من الحراسة خاصة في المناطق التي يعمل بها موظفو المقاولات الذين يبنون السياج الأمني الجديد الذي تم إقرار تنفيذه نهاية العام الماضي لمواجهة التهديدات الأمنية القادمة من سوريا في حال سقط نظام الأسد».

وأشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي «بدأ مؤخراً تحسين الإجراءات الأمنية على الحدود كزرع عبوات وتحسين البنية التحتية والإنذار المبكر والقيام بدوريات على امتداد الحدود باستمرار بمشاركة وحدات النخبة».

 

الثورة عصية على النصر.. والكسر

بعد عامين على الثورة ضد نظام بشار الأسد، لا تزال الأزمة عصية على كل محاولات الحل السياسي.

وعلى الأرض، التي يتقاسم السيطرة عليها جيش مرتبط ارتباطا عضويا بالنظام ومقاتلو الجيش الحر، هناك ملايين النازحين والمتضررين وعشرات آلاف المفقودين والمعتقلين. واعتبرت الأمم المتحدة مؤخراً ان سوريا دخلت مرحلة «الكارثة المطلقة». ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس-سود خطار ابو دياب: «في سوريا، الاهتراء هو العنوان الآن، أي المزيد من التدمير والتفتيت، ولا أرى أفقاً جدياً غير ذلك».

في النفق المظلم، بدا قبل أسابيع أن كوة يمكن ان تفتح بعد إعلان كل من دمشق والمعارضة استعدادهما للتحاور، واعتبار كل من واشنطن وموسكو أن لا حل إلا بالتفاوض.

لكن تبين سريعا ان حوارا كهذا يصطدم بعائق أساسي. فهل يجري في ظل بقاء الأسد على رأس السلطة كما يريد النظام وحلفاؤه؟ أم يكون حواراً على رحيل الأسد وأركان النظام، كما تطالب المعارضة؟.

وفي منتصف مارس 2011، هبت رياح الربيع العربي إلى سوريا، فخرج فتيان صغار في درعا ليكتبوا على احد جدران المدينة شعار «الشعب يريد إسقاط النظام». من درعا، عم الغضب مناطق عديدة، وخرج المتظاهرون بالآلاف يصرخون «حرية»، ليسقط إلى غير رجعة جدار الخوف الذي بناه حزب البعث على مدى خمسين عاما.

وفي حرب الاستنزاف الدائرة حاليا، يبدو واضحا انه لا يوجد طرف قادر على الحسم العسكري. ورغم الاختلال الكبير في ميزان القوى، يسيطر الجيش الحر، والذي يحظى بتعاطف شعبي، على أجزاء واسعة من الشمال والشرق. في المقابل، يقول خبراء عسكريون ان النظام يركز قواته في دمشق، ويسعى إلى الحفاظ على الخط الممتد من العاصمة صعوداً نحو محافظتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين اللتين تسكنهما الطائفة العلوية، معولاً في ذلك على ترسانة ضخمة من الأسلحة والطائرات الحربية وصواريخ سكود.

 

ترحيب فلبيني

رحبت وزارة الداخلية الفلبينية في بيان أمس بالإفراج عن 21 مراقباً دولياً من مواطنيها احتجزتهم قوات المعارضة السورية في هضبة الجولان المحتلة الأربعاء الماضي. وفيما أعرب البيان عن «امتنان» مانيلا للدور الأردني، شدد على «حياد قوة فض الاشتباك في ضمان تطبيق بنود اتفاقية فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا». مانيلا- يو.بي.آي