يرى مراقبون للشأن المصري أن سلاح «العصيان المدني» الذي ترفعه المعارضة في وجه الرئيس محمد مرسي وسياسات جماعة الإخوان المسلمين بأنه السلاح الأخير للمعارضة في مواجهة هذه السياسات، محذرين من مغبة عدم الاستجابة لمطالب الشارع.

وفي تطور خطير لتدهور الأوضاع السياسية في مصر، ومع استمرار تجاهل الإدارة السياسية لمطالب المعارضة، شرعت بعض المحافظات في إعلان العصيان المدني بهدف إسقاط النظام ورفض «أخونة» مصر واستعادة الدولة من حكم المرشد والاستمرار في الثورة، على حد قول القوى والحركات السياسية التي أطلقت الدعوة للعصيان.

ويحذر الخبراء من العواقب الوخيمة لتلك الدعوات والتي وصفها البعض بأنها «المسمار الأخير في نعش الإخوان المسلمين» والتي تهدد عرشهم حال رفضهم الاستجابة للشعب، مشيرين إلى أنه خلال الأيام الأولى للثورة في 25 يناير 2011 وحتى 11 فبراير مارس الشعب المصري عصيانًا مدنيًا واسعًا، حيث امتنع عن الذهاب للعمل والدراسة وظل الشعب متظاهرًا ومعتصمًا ومضربًا عن العمل بالملايين حتى تم إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك وحاشيته.

نضال سلمي

ويصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان جهاد عودة الدعوات للعصيان المدني بأنها «آخر أشكال النضال السلمي، واللجوء إليه يكون بعد نفاد كافة الوسائل السلمية»، وذلك مع استمرار ممارسة النظام استبداده وسد أذنه عن مطالب الناس. موضحًا أنه بمثابة الإضراب الشامل في مناحي الحياة الرئيسية القصد منه إشعار من بيدهم الأمر بخطورة اختياراتهم في حكم البلاد، وعليه ضرورة إلغاء مثل هذه السياسات التي يراها الشعب أنها خاطئة.

وانتقد عودة موقف الإدارة السياسية في عدم استجابتها لمطالب المعارضة وإصرارها على تحديد موعد للانتخابات البرلمانية على الرغم من المطالبة بتأجيلها، مشيرًا إلى أن مؤسسة الرئاسة ضربت عرض الحائط بطلبات المعارضة ونفذت ما قاله قيادات حزب الحرية والعدالة.

وقال عودة إن العصيان المدني لا يمثل هدمًا للدولة كما يدعي البعض لأنه لا يتعلق بالمؤسسات القومية بالدولة، وإنما هو محاولة لإجبار الحكومة أو الإدارة السياسية لتغير قواعد النظام السياسي، لافتًا إلى أن كثيرًا من الرؤساء قاموا بتغييرات داخل الأنظمة السياسية للدولة في نوع من التصحيح للأوضاع السياسية ومنهم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والرئيس أنور السادات.

وأضاف عودة أنه من فطنة القيادة السياسية أنها في وقت الأزمات يجب أن تقوم بتغيير قواعدها ولا تقاوم ضد التيار حتى لا تنهار، مشيرًا إلى أن العناد والتجاهل من قبل السلطة يخلق الغضب الذي يتحوّل في النهاية إلى ثورة للإطاحة بالنظام.

وطالب عودة الرئاسة المصرية بأن تتسم بالعقلانية في مواجهة هذه الدعوة، محذّرًا بالعواقب الوخيمة حال عدم الاستجابة والإصرار على تنفيذ القرارات السياسية دون وضع اعتبار لنتائجها.

وشدد السياسي المصري المعارض على ضرورة أن يعلم الرئيس «أنه لا يحكم لصالح فرقة واحدة وأن هناك مجموعات سياسية وطبقات مختلفة في الشعب المصري يجب رعايتها وتحقيق توافق معها».

وتمنى عودة أن يرتبط هذا العصيان بمؤسسات المجتمع وليس مؤسسات الدولة لكي لا يحدث انهيار للدولة، لافتًا إلى أن انتقال العصيان لمؤسسات الدولة أمر وارد حال فشل عصيان مؤسسات المجتمع في إجبار الحكومة على الاستجابة لمطالب المصريين. كما حمّل عودة، مرسي جزءًا كبيرًا من مسؤولية الاضطراب السياسي الذي تشهده الدولة.