رغم طوفان المبادرات السياسية التي تقدمت بها العديد من القوى السياسية في مصر منها الموالي للنظام والمعارض له، ورغم الحراك الماراثوني لاحتواء الأزمة التي تعد الأعنف منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك إلا أن الأزمة «محلك سر» بسبب غياب الثقة والتخندق الأيديولوجي.
ومع صبيحة كل يوم تولد مبادرة جديدة للخروج من الأزمة الراهنة، تواكب تحركات سياسية حزبية حثيثة من أجل تطويق الأزمة الراهنة التي تعد الأعنف منذ سقوط نظام مبارك.
واللافت أن كافة الأطراف بلا استثناء طرحت مبادرات سواء من الأحزاب المؤيدة للنظام أو المعارضة له، إلا أن جميع تلك المبادرات لم تفلح في أن تجمع الأحزاب على مائدة واحدة للحوار، فالجميع اختلفت أسبابه لكن النتائج جاءت متشابهة.
المعارضة وعلى رأسها جبهة الإنقاذ التي تضم أطيافا واسعة، عزت عدم مشاركتها في الحوار، وإن أظهرت ترحيبا مشروطا، إلى غياب الضمانات التي تكفل تحقيق نتائج الحوار.
كذلك فإنها نددت بنتائج الحوار السابق والذي التف عليه مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) بالتعلل: «أن نتائج الحوار غير ملزمة له»، ما حدا بجبهة الإنقاذ التساؤل بشأن مصير أي حوار جديد إذا لم يكن هناك ضمانات لتنفيذه؟».
شروط خمسة
وتمسكت «جبهة الإنقاذ» بشروطها الخمسة لإجراء حوار مع الرئاسة على رأسها تشكيل حكومة توافق وطني ولجنة لتعديل المواد الدستورية محل الخلاف، وتوجيه دعوة للجبهة بصفة رسمية وشخصية ووضع معايير للانتخابات المقبلة، واحترام القانون ممثلا في السلطة القضائية مع الحرص على التغيير».
وما يستدعي الانتباه أن حزب النور وهو ثاني أكبر حزب في عدد مقاعد البرلمان (المنحل) والذي يعد الشريك الرئيس لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين انضم إلى جبهة الإنقاذ في مطالبها إزاء تشكيل حكومة ائتلاف وطني جديدة، بل ذهب معها في تغيير النائب العام المستشار طلعت إبراهيم. وشدد الحزب في مبادرته التي جاءت على لسان الناطق باسمه نادر بكار أن مبادرته ترمي إلى إقرار هدنة سياسية لمدة محددة «قد تكون عاما تعكف فيها الحكومة والرئاسة والقوى السياسية المختلفة على تنفيذ أجندة تشريعية واقتصادية تتفق على ملامحها الرئيسية من أجل النهوض بالاقتصاد القومي وإنعاشه واستعادة ثقة العالم بالاقتصاد المصري».
لا شروط مسبقة
لكن الرئاسة من جانبها ردت على تلك المبادرات من جبهة الإنقاذ وحزب النور بأن الحوار : «لا يجب أن يشترط على شروط مسبقة». وبينما أبدت تحفظا على بندي: «تشكيل حكومة ائتلافية وتغيير النائب العام»، أبدت مرونة في إمكانية النقاش بشأن كافة القضايا حتى وإن تطلب ذلك مناقشة هذين البندين، والخطوة التي وإن رحب بها بعض المراقبين إلا أنهم أبدوا قلقا إزاء عدم وجود ضمانات لتنفيذ ما تؤول إليه نتائج الحوار. وهو السبب الذي دفع حزب مصر القوية الذي يتزعمه عبدالمنعم أبوالفتوح إلى الانسحاب من الحوار رغم حضوره الجلسة الأولى، عازيا الخطوة إلى أن الرئاسة لم تقدم ضمانات كافية للاستمرار في الحوار الوطني.
وما تزال الرئاسة تكثف حراكها من أجل تطويق الأزمة، وفي آخر مساعيها أفادت تقارير مطلعة أن الرئيس محمد مرسي باتجاه تكليف زعيم حزب غد الثورة أيمن نور بتشكيل حكومة جديدة حال تم الاستغناء عن حكومة هشام قنديل.
حراك حزبي
في هذه الأجواء، دخل الحراك الحزبي على الخط من أجل محاولة نزع فتيل التوتر. إذ التقى رئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني بالمعارض البارز محمد البرادعي، ورئيس حزب الوفد السيد البدوي. كما التقى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى بزعيم حزب غد الثورة أيمن نور.
هذا الحراك الماراثوني يكشف عن حجم الأزمة التي تعصف بالمشهد السياسي في مصر، وإلى أي مدى الفرقاء تنتابهم حالة من غياب الثقة أدت إلى التخندق الأيديولوجي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: «إلى متى سيظل الفرقاء يتناحرون في ظل تهاوي الاقتصاد» وتراجع الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية، وحالة الغضب والغليان في الشارع المتململ.
%9
كشف البنك المركزي المصري عن تراجع الاحتياطيات الأجنبية في نهاية يناير الماضي إلى 13.6 مليار دولار.
وتشير بيانات البنك المركزي على موقعه على الانترنت إلى أن احتياطيات مصر من العملة الصعبة انخفضت خلال يناير 9.4 في المئة عن 15.01 مليار في نهاية ديسمبر الماضي.
