استمرارا لموجة العنف الغير مسبوقة التي تجتاح مصر، اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن ومتظاهرين في مدينة طنطا بمحافظة الغربية أسفرت عن إصابة 19 شخصا، تزامنا مع توالي الانسحابات من الحوار الذي دعت إليه الرئاسة، إذ أعلن حزب «مصر القوية» تعليق مشاركته في جلسات الحوار بسبب عدم وجود أية آليات ملزمة لنتائج الحوار.
واندلعت الليلة قبل الماضية اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن ومتظاهرين مصريين بمدينة طنطا بمحافظة الغربية والتي تبعد 93 كيلومترا شمال غرب العاصمة القاهرة.
وقذف المتظاهرون الشماريخ والألعاب النارية والحجارة لتنسحب الشرطة من أمام ديوان عام المحافظة بمحيط شارع البحر الرئيسي وتعود مرة أخرى إلى مكانها بمبنى مديرية الأمن. وأدى تصاعد الاشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين بمدينة طنطا إلى حرق المتظاهرين مدرعة تابعة لقوات الأمن المركزي بعد هروب المجندين منها.
وتشهد مدينة طنطا حالة من الانفلات الأمني والكر والفر بين المتظاهرين وقوات الأمن بمحيط مديرية الأمن ومبنى محافظة الغربية من جانب وأمام قسم ثان طنطا من جانب آخر.
وقال رئيس هيئة الإسعاف محمد سلطان إن عدد المصابين فى الاشتباكات بلغ 19 مصابا تم نقلهم لمستشفى طنطا الجامعي لتلقى العلاج بينهم رائد شرطة وثلاثة مجندين.
أزمات وطن
في سياق متصل، نظَّمت جماعة «قدامى المحاربين» وقفة احتجاجية أمام ضريح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر اعتراضاً على «الأزمات العنيفة» التي تعصف بمصر.
وطالب عشرات من قدامى المحاربين خلال وقفة احتجاجية نظموها أمام ضريح عبدالناصر المجاور لمقر وزارة الدفاع بالكشف عن ملابسات مقتل زملائهم من الضابط والجنود بمنطقة رفح الحدودية. وذكرت جماعة «قدامى المحاربين» في بيان إن المحاربين القدماء غير مستعدين اليوم لرؤية الوطن وهو يتداعى تحت وطأة رغبة فصيل سياسي أيّاً كان في السيطرة على مقاليد الدولة مهما كان الثمن الذي يدفعه المصريون.
واعتبرت الجماعة أن مصر في الوقت الراهن الذي تمر فيه بأعنف أزماتها، في حاجة إلى تكاتف كل أبنائها للنهوض من تلك الكبوة قبل أن تأتي على الأخضر واليابس.
وأعلنت أن أعضاءها سيطلبون عقد لقاء عاجل مع وزير الدفاع «لعرض مطالبهم ولتوصيل رسالة باسم كل المحاربين القدامى وشهداء الحروب التي خاضتها مصر بأنهم شاركوا فى كل الحروب بدءًا من حرب 56 إلى نصر 73 وبذلوا الدماء وقدموا أرواحهم من أجل رفعة مصر».
ويشارك أعضاء جماعة «قدامى المحاربين» التي تتشكل من مجموعة من ضباط وجنود جيش سابقين من مختلف الرتب العسكرية، في جميع المظاهرات والاعتصامات الرافضة لحُكم جماعة الإخوان المسلمين، ولما يُعرف إعلامياً بمحاولات "أخونة البلاد"، ويطالبون بمشاركة جميع الأطياف السياسية والفكرية في إدارة شؤون البلاد.
وكان 16 ضابطاً وجندياً لقوا حتفهم بهجوم من مجهولين جنوب منطقة رفح الحدودية أوائل آب/أغسطس 2012، ولم يتم الكشف عن هوية منفذي الهجوم حتى الآن.
يأتي ذلك، فيما ساد الهدوء الحذر ميدان التحرير وسط العاصمة القاهرة.
الحوار الوطني
في الحراك السياسي، أعلن عضو المكتب السياسي لحزب «مصر القوية» محمد عثمان أن الحزب علق مشاركته فى الحوار الوطني بسبب عدم وجود أية آليات ملزمة لنتائج الحوار بين الأحزاب المشاركة مما سيساهم فى إثارة الوضع السياسي.
وأضاف عثمان أن الرئاسة عليها الاستجابة للمبادرات المختلفة التي أعلنها كل من رئيس الحزب عبدالمنعم أبوالفتوح وحزب النور وشباب الأزهر وغيرها من المبادرات الجادة التي يمكن الانتقال بها لحالة حوار سياسي.
وأكد عثمان أن حزبه لن يشارك فى حوار إلا إذا اتسم بالجدية وإلزام لجميع الأطراف المشاركة بالنتائج، والبدء فى تحقيقات جادة لمحاسبة المسؤولين عن أحداث العنف الأخيرة.
تقارير عن عصيان الجيش قراراً لمرسي بإطلاق النار على المتظاهرين
الشارع المصري ينام ويصحو على وقع تقارير إخبارية ما تلبث أن تنفيها الجهات الرسمية بعدها بدقائق. آخر فصول تلك التقارير كشفت عن عصيان القوات المسلحة لـ«قرارات الرئيس محمد مُرسي بشأن إطلاق النار على المتظاهرين أو إحلالها محل قوات الشرطة»، وهو ما نفته الرئاسة، مشددة على أن مرسي صرح مراراً بأنه «لن تطلق رصاصة واحدة على المتظاهرين، وأن قوات الأمن ستعتمد في فض التظاهرات على الآليات السلمية المعروفة».
ونفت مصادر مطلعه بالرئاسة المصرية ما أثير حول عصيان القوات المسلحة لقرارات مُرسي أو صدور أوامر منه بإطلاق النار أو الرصاص الحي على المتظاهرين، مؤكدة أن مرسي شدّد مراراً وتكراراً على أنه لن تطلق رصاصة واحدة على المتظاهرين وأن قوات الأمن ستعتمد في فض التظاهرات على الآليات السلمية المعروفة لفض التظاهرات عند حدوث أعمال عنف أو ما إلى ذلك.
وعقد مرسي أخيراً، اجتماعاً مع قيادات الجيش في مقر وزارة الدفاع بالقاهرة. وفيما لم يصدر بيان رسمي عن رئاسة الجمهورية حول الاجتماع وأسبابه، أعلن متحدث عسكري لقناة «سي بي سي»، أن الجيش لن يكون بديلاً للداخلية في مواجهة المتظاهرين.
وذكر التلفزيون الرسمي أن مرسي ناقش مع المجلس العسكري الأوضاع الأمنية، وتأثير التظاهرات وتصاعد الأحداث السياسية وعلاقتها بالأمن القومي خلال الفترة الراهنة الداخلية والإقليمية والمخاطر الخارجية التي تواجهها مصر في ظل تصاعد احتجاجات الغضب في الشارع.
يأتي ذلك في الوقت الذي تناقلت فيه صحف أميركية تصريحات من دبلوماسيين غربيين، أكدوا قيام الجيش بعصيان قرار لمرسي أمر فيه بانضمام فرقة من المجندين لقوات الأمن المركزي واستخدام الرصاص الحي في فض التظاهرات.
واكبت هذه التقارير والتصريحات، بحسب مراقبين، ما يمكن تسميته «مغازلة» من قبل الولايات المتحدة، لقوات الجيش المصري وكفاءته، وذلك خلال الحفل الذي أقامته السفارة الأميركية لدى القاهرة على شرف تسليم مصر مقاتلات حديثة متعددة المهام من طراز «إف 16» من قبل واشنطن.
وفي سبيل مغازلتها للجيش المصري الذي اعتبره مراقبون إحدى حلقات «شهر العسل» بين واشنطن والجيش المصري، تقول مساعد قائد القوات الجوية الأميركية للشؤون الدولية هايدي جرانت: إن القوات المسلحة «أظهرت حرفية عالية جداً طيلة الفترة الماضية منذ الاستعانة بهم عقب قيام الثورة وحتى الآن»، ونجحت في التعامل مع الشارع في ظل الظروف والمعطيات الراهنة، مشيدة بأوجه التعاون العسكري التاريخي بين الولايات المتحدة والمؤسسة العسكرية في مصر.
وفي بيان صحافي لها، أكدت سفيرة الولايات المتحدة بالقاهرة، آن باترسون، أن بلادها «لديها إيمان راسخ بأن مصر القوية هي في مصلحة الولايات المتحدة والمنطقة والعالم»، في تصريحات اعتبرها مراقبون «مغازلة سياسية للقوات المسلحة»، في ظل تداول أنباء بشأن رفضها المثول لقرارات مُرسي.
