انعكست الأحداث التي صاحبت ما يسمى بالربيع العربي على جميع الأقطار العربية بل تعداها إلى بعض بلدان العالم لاسيما وان محرك تلك الثورات هم الشباب الذي يبحث عن الحرية والكرامة، معلناً تمرده على أنظمة "عششت" في سدة الحكم ولم تخلف إلا تخلفا في المجتمعات التي حكمتها بالحديد والنار.
الثورات العربية الشبابية التي تنظر الى النماذج الاسلامية في عدد من البلدان، حيث الوسطية والاعتدال دون الغلو والتطرف لاتزال متعطشة لنموذج يحفظ كرامة الانسان ويعيش فيه الجميع سواسية بحرية العقيدة والدين، دون النظر إلى العرق والجنس واللون، خاصة بعد اعتلاء معظم الدول التي شهدت ثورات الربيع العربي أنظمة إسلامية تسعى إلى فرض ما تؤمن به بعد سنوات من القمع.
وأحدثت الثورات العربية انقلابا في كافة موازين القوى في المنطقة، إذ يرى المحللون ان المستقبل سيكون منفتحا إلى حد ما في ظل الزخم المتزايد على ساحات العمل السياسي وبالأخص في ظل حرية إنشاء الأحزاب، وان مستقبل الحركات الإسلامية موقوف على مدى فاعلية دورها في الحياة السياسية في المرحلة المقبلة، وكيفية تعاملها مع الفصائل السياسية التي تختلف معها في الأفكار والتوجهات والمعتقدات.
في الكويت شدد أستاذ العلوم السياسية الدكتور إبراهيم الهدبان على ضرورة أن يتم ممارسة الديمقراطية بعد الثورات العربية بشكل صحيح وسليم، مشيرا إلى أن نتائج الحراك الشعبي للثورات هو فوز التيار الإسلامي في الانتخابات بسبب الخبرة التاريخية والتضحيات التي قدمها التيار الإسلامية خلال الفترة الماضية بالإضافة إلى القدرة التنظيمية والمرونة السياسية.
وأوضح الهدبان ان وصول أي تيار سياسي سواء كان اسلاميا أو ليبراليا إلى سدة الحكم لن يكون مشكلة في حال تم وفق نظام انتخابي عادل ونزيه، لافتا إلى انه من حق الشعوب تجربة ما هو موجود في ساحتها الداخلية ومن حقها أيضا إقصاء أي حركة من خلال صناديق الاقتراع، وأضاف ان الثورات العربية لاتزال في بداياتها ولابد من إعطائها الوقت الكافي لجني الثمار، خاصة وأن غالبية الشعوب التي شهدت تلك الثورات عانت من الدكتاتورية لعقود من الزمن.
وقال استاذ العلوم السياسية دكتور شفيق الغبرا إن العالم العربي يعيش لحظة ثورية لها تأثيرها في كل المجتمعات، مشيرا إلى ضرورة التمعن في المشهد السياسي العربي وتطوراته التي أتت بجماعات إسلامية، وتساءل: "هل نحن أمام توطين الاخوان أو غيرهم من الجماعات الاسلامية أم دمقرطة حركة الاسلام السياسي في العالم العربي؟
وفي ظل التغيير هناك فرصة كبرى لتحقيق الديمقراطية بشكل حقيقي، ولا مشكلة من صعود التيارات الإسلامية إلى سدة الحكم ونستطيع القول ان الوضع في العالم العربي هو عبارة عن ثورات تضع الأساس للانتقال نحو الديمقراطية والدول التي لم تشهد ثورات الى الآن هي بين خيارين لا ثالث لهما إما الإصلاح أو الثورة.
من جانبها، أوضحت أستاذة العلوم السياسية في جامعة الكويت والخبيرة الاستراتيجية دكتورة ندى المطوع ان مسيرة الديمقراطية وحرية إبداء الرأي في بعض الدول العربية، أخذت منحى جديداً بعد الثورات التي أسقطت الأنظمة الدكتاتورية السابقة، تكمن في الاستقطابات بين مختلف التيارات والأحزاب لجذب المرشحين المستقلين لاستبدال أغلبية شعبية بأغلبية أخرى، ولاتزال أغلبية المجتمعات في طور التجارب الديمقراطية.
وشعوب الثورات تعيش نشوة ونسائم الحرية والتجربة الجديدة، لذا لا خوف من التجارب الجديدة مادامت تسير وفق الدستور وعدم إقصاء الآخر، والمهم ضرورة استيعاب دروس الماضي وما أدت إليه من تخلف، حتى يستطيع القادة واللاعبون الجدد صناعة مستقبل تسوده العدالة والمساواة.
