كالعادة، وعقب كل أزمة طاحنة على المشهد السياسي المصري، تلجأ رئاسة الجمهورية بقيادة د. محمد مرسي، عقب فترة صمت منها تطول أو تقصر، إلى الحوار، بوصفه الخلاص الأمثل والأنسب، لانتشال الأمة المصرية والقوى السياسية المُتناحرة من بحر الأزمات التي سقطت فيها وسقطت معها البلد، وكالعادة أيضاً لا يأتي ذلك الحوار بجديد عمل يستشعره المواطن المصري في سبيل حسم الخلاف بين القوى السياسية المختلفة.
الحوارات الوطنية التي أجريت في مصر عقب تولي مرسي مهام الرئاسة جاءت جميعها في سيناريوهات مُعادة ومتكررة، إذ راحت رئاسة الجمهورية كعادتها تُصدر تعهدات ووعود بالاستجابة لنتائج الحوار الوطني، في الوقت الذي رفض فيه السواد الأعظم من القوى المعارضة الممثلة في جبهة الإنقاذ المصرية بقيادة الثلاثي القوى (د. محمد البرادعي، وحمدين صباحي، وعمرو موسى)، وخاصة أن لكل منهما تصورات سابقة عن الحوار، ومحاور بعينها.
وفي الحوار الوطني الذي يجري الآن - وأعلنت القوى المعارضة رفضها له، وعدم مشاركتها فيه- تعهّدت الرئاسة بتشكيل لجان من أجل حسم تعديلات بعينها على مواد الدستور الذي تم الاستفتاء عليه مسبقاً وتمريره بفرمان رسمي من الشارع المصري، وهو ما اعتبره المشاركون في الحوار خطوة جيدة من أجل تحقيق مطالب المتظاهرين في مصر أخيراً، رغم رفض المعارضة للدستور ككل.
اشتراط إقالة
المعارضة «ممثلة في جبهة الإنقاذ» اشترطت أن يتم إقالة النائب العام المصري، كما أنها اشترطت أيضاً الإطاحة بالدستور الذي تم تمريره أخيراً، فضلاً عن تشكيل حكومة ثورية بدلاً من حكومة قنديل التي وصفتها بصاحبة الأيادي المرتعشة، وهي المطالب التي لم يتطرّق إليها الحوار الوطني الذي تشهده مصر، وذلك وفق ما يؤكده الناشط السياسي البارز المشارك في الحوار د. أبوالعلا ماضي.
إيجابيات حوار
وأكد ماضي أنه من إيجابيات الحوار الوطني، هو أنه تم إقرار تشكيل لجان لم يتحدد أفرادها ورؤساؤها يقومون بصياغة تعديلات الدستور في ضوء ما تم من مناقشات سابقة بشأن عدد من المواد الخلافية، التي عزَّزت من حالة الجدل الدائرة على الساحة السياسية في مصر، وحركت مطالب المتظاهرين والقوى المعارضة.
ومن جانبه، قال نائب رئيس حزب الدستور، د. أحمد البرعي، إن جبهة الإنقاذ وضعت شروطاً مسبقة للحوار لبيان نية رئاسة الجمهورية من الاستجابة، ولكنها لم تستجب، ومن ثم فإن رفض الجبهة للحوار ليس في المطلق ولكنه كان مشروطاً في الأساس بتحقيق عدة مطالب، لم تحققها، ومن ثم لم تشارك، قائلاً: وضعنا جملة من المقترحات غير مرة ولم يتم الاستجابة لمطالب الشارع للأسف، ومن ثم فإن الحوار الوطني الذي تجريه مؤسسة الرئاسة حالياً هو حوار مع النفس أو مع قوى أصحاب مصالح مشتركة، ولا يأتي أبداً في صالح الوطن.