اتهم القيادي في حركة «نداء تونس» د. محسن مرزوق حكومة الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس، والتي يرأسها حمادي الجبالي، بالسعي للانفراد بالسلطة وعدم التخلي عنها، لافتاً إلى أن «النهضة» تغض الطرف عن نشاط السلفيين في تونس، ما أدى إلى أن تصبح تونس، على حد قوله، «من أكبر مصدري المقاتلين في اتجاه الجبهات في الدول العربية».

واتهم القيادي في «نداء تونس»، وهو الحزب المرشح للفوز في الانتخابات المقبلة في تصريحات لـ«البيان» حكومة الجبالي بإرسال مجموعات كبيرة من المقاتلين إلى مالي وسوريا، وأنها تقوم بتدريبهم.

وشبه مرزوق «رابطات حماية الثورة» بـ«الحرس الثوري الإيراني» التي تستخدمها الحكومة لإرهاب معارضيها، لافتاً إلى أن «النهضة» منقسمة على نفسها، بين من أسماهم «لابسي الأكفان» ويشكلون الأغلبية و«دعاة التقدم»، وهم يشكلون الأقلية.

وحذر مرزوق من إن «الاخوان سيحاولون تطبيق استراتيجيتهم في الخليج وهم مسنودون من إخوانهم الذين باتوا يحكمون مؤخرا في بعض الدول». وإلى نص الحوار:

شاعت أنباء عن تعديل حكومي نهاية الأسبوع الجاري، ما هي توقعاتكم لتلك التعديلات؟

نأمل أن يعلن عن هذا التعديل في وقته هذه المرة لأن الأخبار حول هذا الموضوع مطروحة منذ سبعة شهور تقريبا، ولم ينجح الائتلاف الثلاثي الحاكم المشكل من النهضة والمؤتمر والتكتل في استقطاب أحزاب أخرى لتشترك معها في الحكومة، وخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية القائمة في تونس وفشل السياسات التي انتهجتها الحكومة منذ تأسيسها.

المشكلة هي أن التعديل الوزاري الجديد لن يكون فيه أي إضافة جديدة لعمل الحكومة، ولن يلبي مطالب الأحزاب السياسية الأخرى في تونس، لأنه وبكل أسف مواصلة لنهج المحاصصة الحزبية، بينما المطلوب تشكيل حكومة من كفاءات وطنية لها القدرة على إدارة هذه المرحلة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.

ما التعديلات التي يتحدث عنها الجبالي رئيس الحكومة التونسية؟

المناصب الوزارية التونسية أصبحت وكأنها تباع في المزاد العلني، حيث يتم الالتجاء إلى شخصيات غير معروفة قريبة من الإئتلاف الحاكم. ما سيحدث هو تعديلات بسيطة وشكلية لن تمس جوهر العمل الحكومي، ولا تأثيره، ولن تخفف من العزلة الكبيرة التي يعيشها الائتلاف الحاكم اليوم .

الحريات العامة

هل تتوقعون أن يضمن الدستور الجديد الحريات العامة في تونس؟

أجمع أغلب خبراء القانون الدستوري في تونس، وأغلبية السياسيين، على أن مسودة الدستور الحالية المتداولة تتضمن مؤشرات خطيرة، يمكن أن تؤشر إلى استبداد جديد في تونس.

وهذه المسودة قد تكون، حتى أسوأ من الدستور القديم الذي وقع إلغاءه، لأن المسودة الراهنة ليس فيها إقرار واضح باعتبار كل المواثيق الدولية تشكل مرجعية. أما الصيغة الجديدة والتي تتحدث عن القيم الإيجابية الكونية والإسلام، فهي مبهمة خاضعة للتأويل. ونحن كمسلمين، الإسلام في قلوبنا.

مؤخرا دعت أحزاب المعارضة الرئيسية وحزبكم منها، لإنهاء المرحلة الانتقالية في تونس في اقرب وقت واعتبار مسودة الدستور لا تستجيب إلى تطلعات الشعب التونسي ومطلب الثورة ...إذا لم يستجب لمطالبكم فما هي خطوتكم المقبلة؟

نحن منذ البداية دعونا إلى التوافق وإلى التقاء كل القوى الوطنية التونسية على أرضية واحدة، حتى ولو كانت في الحدود الدنيا، ولكن هناك تعنت من الطرف الموجود في السلطة، وكأنه أمسك بغنيمة ولا يريد أن يتخلى عنها، ولكن رغم ذلك نحن مانزال متفائلين، وأرجو أن لا نحتكم إلى موازين القوى في الشارع، أو إلى نوع من التعبئة لتصحيح مسار الثورة التونسية الذي وقع الانقلاب عليه، حسب رأيي، منذ الأشهر الاولى التي اعقبت انتخابات أكتوبر من عام 2011.

حظوظ وانتخابات

ما هي حظوظ حزب «حركة نداء تونس» في انتخابات 2013؟

كل استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسات دولية ومحلية في تونس أظهرت أن حزبنا يحتل المرتبة الثانية مباشرة بعد «حزب النهضة» بفارق نقطة أو نقطتين خلال الخمسة أشهر الماضية مع التذكير بأن عمر حركة النهضة40 عاماً، وعمر حزبنا خمسة إلى سته أشهر فقط.

وأنا أعتقد أنه إذا ما تخلت «حركة النهضة» عن التعبئة الهادئة للجماعات العنيفة المسماة بـ«روابط حماية الثورة»، والتي تشبه الحرس الثوري الإيراني. بما تشيعه من احتقان في الحالة السياسية، وسمحت بحرية التعبير، فإن حظوظنا كبيرة للفوز في الانتخابات.

هل أبدت الحكومة أي استجابة لمطلب حل «رابطات حماية الثورة»؟

الحكومة التونسية الحالية متشبثة بشكل كبير بـ «رابطات حماية الثورة» لأنها تقوم بدور أساسي في استراتيجيتها في عدم التخلي عن السلطة وتحويل مسار الانتقال الديمقراطي.

أحد أقطاب الائتلاف الحاكم استقبل عدداً من أعضاء هذه «الرابطات»، ودورهم الأساسي هو الهجوم و استعمال العنف ضد كل الأطراف السياسية المعارضة للحكومة. لم يتركوا مدينة أو قرية في تونس إلا ومارسوا العنف فيها بشكل بفوق في بشاعته ومنهجيته ما كان يقوم به نظام بن علي السابق.

هل تلمح إلى أن «رابطات حماية الثورة» أصبحت الذراع الأمنية للحكومة التونسية الراهنة والتي قد تستخدمها في المرحلة المقبلة لفرض واقع ما وبالقوة ؟

في الواقع هي استراتيجية إخوانية عربية كتلك الموجودة في مصر، وهذه الجماعات لا تهاجم إلا معارضي «حركة النهضة فقط» فهي إذن امتداد لها وهي تحميها.

ورغم أن راشد الغنوشي اعتبرهم ضمير الثورة، فإنني في الواقع أعتبر أن ليس لهم علاقة بالثورة لا من قريب ولا من بعيد، أغلبهم خريجو سجون، وجزء كبير كانوا من أزلام النظام السابق الذي كان يستعملهم ولكن بصورة أقل كثافة من الآن لإرهاب خصومه .

مرشح للخارجية

يقال بأنك مرشح لتولي منصب وزير الخارجية إذا ما فاز حزب «حركة نداء تونس» في الانتخابات المقبلة؟

أنا وكثير من أعضاء «حركة نداء تونس» قلنا بشكل واضح وصريح بأننا لسنا معنيين إلا بمواصلة العمل من أجل إخراج تونس من عنق الزجاجة، وأرجو أن تكون الحكومة التونسية المقبلة حكومة مبنية على كفاءات تونسية متميزة وأفضل ما خرجته الجامعات التونسية، وإن شاء الله نخرج من العاصفة التي نحن موجودون فيها اليوم.. المهم بالنسبة لنا الخروج بتونس مما هي فيه الآن.

كيف تنظر إلى محاولات الإخوان زعزعة الاستقرار في عدد من البلدان الخليجية مؤخرا، وهل الإخوان في تونس يشكلون أيضاً خطرا على أمن الخليج؟

طبعا هم جزء من حركة كاملة، فالحركة الإخوانية حركة دولية ولها قيادة دولية تتجاوز الدول، ومشروعهم هو التدخل في كل مكان. ومخطئ من يعتقد أن استراتيجيتهم مقتصرة على منطقة المغرب العربي أو دول شمال أفريقيا، هم سيحاولون تطبيق استراتيجيتهم في الخليج وهم مسنودون من إخوانهم الذين باتوا يحكمون مؤخرا في بعض الدول.

وبالنسبة لنا في تونس هذا غير مقبول فالثورة صارت في تونس من أجل تونس وحول تونس، وأي قيادة تفرزها الثورة التونسية والقيادة التونسية يجب أن تقوم علاقاتها الدولية وخاصة مع البلدان العربية على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل فيها مهما كان الأمر.

حملة الأكفان

أين تقف «حركة النهضة» برأيكم، مع حملة الأكفان أم مع دعاة التقدم والحداثة؟

«حركة النهضة» منقسمة، والجزء الأكبر من منتسبيها عقولهم لابسة أكفان منذ مدة طويلة، وللأسف الأقلية منهم تريد نقل حزب النهضة من التطرف الحالي إلى مستوى التقدم والمشاركة في الشأن الوطني، وهم في انقسام واضح، وأرجو أن يختاروا طريق التقدم وإلا ستكون النتيجة سيئة على هذه الحركة بشكل عام .

النهضة دعت السلفيين، بعد حادثة مسجد النور التي ظهر فيها شيخ سلفي مرتديا كفنه، للتعقل، والكثيرون يتساءلون، إذا كانت حركة النهضة قادرة على تحييد التيار السلفي وإقناعه بهذه السرعة بالتعقلّ، فلماذا لم تفعل ذلك منذ أشهر عندما تعرضّ العديد من السياسيين ورجال الفكر والثقافة إلى اعتداءات من قبل السلفيين؟

 

 

 

اهتمام

 

 

 

طلب القيادي في حزب حركة «نداء تونس» محسن مرزوق من الأشقاء العرب أن يولوا اهتماما لما يجري في تونس، وأن يقرأوا جيدا الوضع في تونس والتغيرات الحاصلة فيها، مثمناً كل الجهود التي تسعى لإخراج تونس من التجاذبات السياسية و إبعادها عن محاولة إيقاعها في محاور، واستعمالها للتدخل في شؤون الدول العربية.