مع اقتراب الذكرى الثانية لثورة 25 يناير اتضح عند العام والخاص أن الثورة التي أسقطت نظام الرئيس حسني مبارك لم تحقق ما كان يأمله الشارع من إصلاحات بمختلف الصعد، فراح الثوار يتخبطون على مدار عامين مناديين بتحقيق مطالب الثورة، والانتصار لدماء «الشهداء».
وتأتي هذه الذكرى لتكون شاهدة على صف ثوري مُنشق، وقوى سياسية متصارعة، تجمعهم حرب واحدة هي حرب الاستحواذ على أكبر نسبة تواجد بالمشهد المصري، من خلال دعم ظاهرة الاستقطاب السلبي، فيما تشتتوا حول مصالح الوطن ومطالب الثورة، وراحوا يلتفون حولها آملين في احتكار الثورة لأنفسهم والحديث باسمها.
تحل الذكرى الثانية من ثورة يناير والمشهد المصري على موعد مع تساؤلات متعددة، إذ هل هي ذكرى للاحتفال أم للتأبين ورثاء؟ ما بلغته الأوضاع في مصر بشكل عام عقب عامين تدهورت فيهما الأوضاع، سواء خلال المرحلة الانتقالية برعاية المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو خلال فترة حكم الإخوان المسلمين من خلال محمد مُرسي.. ومن ثم انقسم المصريون، حيث يرى البعض أنها مناسبة جيدة لإحياء الثورة من جديد، رافعين شعارات «الثورة مُستمرة»، وآخرون رأوا أنها ذكرى لتأبين الثورة.
فجوة هائلة
وما بين ذكرى الميلاد والتأبين فجوة هائلة، عبّرت عنها صرخات الاستغاثة التي لا تزال يُطلقها محدودو الدخل في مصر، وهم أكثر المتضررين من حرب تكسير العظام الدائرة على المشهد السياسي، التي دفعت الإدارة المصرية الحالية لتركيز اهتماماتها على الصراع السياسي وتناست أولويات الوطن والمواطن في حياة سعيدة كان يأملها عقب الثورة.
ومن ثم فإن عماد 25 يناير المقبل هم فقراء مصر المتضررون من الحالة الاقتصادية الرثّة، سواء عبّروا عن حالتهم من خلال المشاركة في تظاهرات استكمال الثورة منددين بسياسة مرسي وجماعته (الإخوان المسلمون)، أو كانوا في صفوف المعارضين للتظاهرات والذين يرون أنها تُعطل مسيرة الإصلاح في بلد بحجم مصر، وتتحمل مسؤولية ما آلت إليه أوضاعهم من تدهور مستمر.
تضامن غير مباشر
أما على مستوى القوى والفصائل السياسية المختلفة، فراحت المعارضة تتضامن (بصورة غير مباشرة) مع أنصار النظام السابق وتتوحد معهم في ثورتهم ضد الإخوان ومرسي الذي أتى بشرعية يعتبرونها «منقوصة» لكون غالبية الشعب المصري لم يدل بصوته في الانتخابات الرئاسية له، في الوقت الذي أدلى فيه البعض بأصواتهم له مضطرين..
ويجمع الطرفين حلمٌ واحدٌ هو إنهاء دولة الإخوان المسلمين ومشروعهم في المنطقة، ومن ثم أعلنوا الحرب على النظام الحالي وأكدوا أن يوم 25 يناير المقبل سوف يكون علامة فارقة في التاريخ المصري.
وقد أعلنت جبهة الإنقاذ (التي تجمع تحالف قوى المعارضة المصرية بشكل عام) نيتها الاعتصام في 25 يناير لحين استكمال مطالب الثورة، والإطاحة بالدستور الذي تم تمريره أخيرًا واعتبروه يخالف مبادئ الثورة الرئيسية.
