المالكي وسياسة العصا والجزرة

تتزايد الأزمة السياسية الحالية التي يمر بها العراق تعقيداً، وتنعكس اضطراباً على الشارع والبرلمان وجلسات الحكومة، حيث تبادل الاتهامات والتهديدات ينذر بعواقب وخيمة مع غلق العراق أمس لمنافذه الحدودية مع الاردن وسوريا ووصل الاحتقان إلى البرلمان حيث تبادل نواب ائتلاف دولة القانون والصدر (الشريكان في الائتلاف الوطني) اللكمات تحت قبة البرلمان.. وتواصلت المظاهرات الاحتجاجية غرباً وشمالاً في حين خرجت مظاهرات مقابلة في محافظات جنوبية دعمًا لرئيس الوزراء نوري المالكي الذي دعا ائتلافه إلى جلسة برلمانية طارئة، بالتزامن مع تشكيل لجنة وزارية لدراسة طلبات المحتجين.

وشهدت جلسة مجلس النواب أمس اشتباكًا بالأيدي وتبادلاً للكمات بين نواب التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، وائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي، ما اضطر رئيس المجلس اسامة النجيفي إلى رفع الجلسة لمدة ساعة وإبقاء الجلسة مفتوحة إلى اليوم الأربعاء.

وبدأت مشادة كلامية بين النائب عن دولة القانون علي الشلاه ونواب كتلة الأحراز الصدرية علي التميمي وجواد الشهيلي وعواد العوادي على خلفية تهجم الشلاه على كتلتهم والتيار الصدري لتصويتهم بالموافقة على مقترح تقدم به النائب عن القائمة العراقية سلمان الجميلي حول تشكيل لجنة للتحقيق في تصريحات النائب عن القائمة العراقية احمد العلواني المسيئة للشيعة وسرعان ما تطورت المشادة إلى تبادل للكمات .

واتهمت القائمة العراقية الكتل التي عطلت انعقاد جلسة البرلمان بمحاولة منع قراءة تقرير صفقة السلاح الروسي، وتعطيل القراءة الأولى لقانون تحديد ولاية الرئاسات الثلاث بدورتين.

وقالت في بيان لها إن أعضاء ائتلاف العراقية حضروا جلسة مجلس النواب الاعتيادية، بعد الجلسة الاستثنائية قبل يومين، التي كاد أن يتحقق فيها النصاب بفرق نائبين أثنين فقط، وان نواب دولة القانون حاولوا مجددا عدم تحقيق النصاب من خلال خروجهم من الجلسة، إلا أن النصاب تحقق

لجنة وزارية

في الأثناء، أعلنت الحكومة العراقية عن تشكيل لجنة وزارية لاستلام مطالب المحتجين ودراستها لتنفيذ ما لا يتعارض منها مع الدستور.. في وقت قاطع وزراء القائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي جلسة مجلس الوزراء .

وأضاف بيان للحكومة إنه «في الوقت الذي تتابع الحكومة المظاهرات التي خرجت في بعض المحافظات وانطلاقاً من حرصها الشديد على متابعة شؤون المواطنين المشروعة منها، وعملاً بمسؤولياتها في حفظ أمن العراق وسيادته واستقراره والتصدي للأجندات التي تراهن على أستقرار البلاد بطرح شعارات معادية لتطلعات الشعب العراقي، قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة وزارية تضم وزراء العدل والدفاع وحقوق الإنسان والموارد المائية والبلديات والأشغال العامة والدولة لشؤون مجلس النواب والأمين العام لمجلس الوزراء ووكيل وزارة الداخلية»

وأشارت الحكومة إلى أن مهمة هذه اللجنة ستكون تلقي طلبات المتظاهرين المشروعة، والتي لا تتعارض مع الدستور، وتصنيفها حسب اختصاص الجهات المسؤولة عن تنفيذها (مجلس النواب - مجلس القضاء الأعلى- الحكومات المحلية - الوزارات) وتقديمها بتوصيات ومقترحات محددة إلى مجلس الوزراء. ودعت المتظاهرين وأصحاب المطالب إلى انتخاب لجان تمثلهم لحمل مطالبهم وتسليمها إما إلى مجالس المحافظات أو إلى اللجنة مباشرة، والتي ستبقى في اجتماع دائم حتى إنهاء عملها وتحقيق المطالب التي تقع في اختصاصها.

اغلاق المعابر الحدودية

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع العراقية غلق المنافذ الحدودية مع الاردن وسوريا موضحة أن الإغلاق يأتي بسبب قطع الطريق الدولي من قبل المعتصمين في محافظة الأنبار وما سببه من اضطراب لحركة التجارة الدولية.

واصدر وزير الدفاع سعدون الدليمي أمراً بإغلاق المنافذ الحدودية مع سوريا والأردن حتى إشعار آخر لأسباب أمنية ولن تتمكن الشاحنات القادمة من البلدين من الدخول إلى العراق .

تظاهرات مؤيدة ومناهضة

إلى ذلك، تواصلت التظاهرات والاعتصامات في مدن عراقية ضد سياسات المالكي، وبدأ أهالي الشرقاط في جنوب الموصل اعتصاما مفتوحا، كما شهدت جامعة تكريت مظاهرة للاحتجاج على سياسة الحكومة العراقية.

وقد أثار تدخل قوات الأمن العراقية ضد المتظاهرين في الموصل توترا بالمدينة التي شهدت ومدن أخرى مزيدا من الاحتجاجات تطالب بإصلاحات سياسية وقانونية.

من جانبه، فتح محافظ نينوى وأعضاء من مجلس المحافظة بفتح ساحة الأحرار بوسط الموصل أمام المعتصمين بعد أن قامت قوة من الجيش تابعة لقيادة عمليات نينوى، بطرد المعتصمين منها وإغلاقها.

وقال فاروق المحمداوي أمير عشيرة البومحمد في العمارة جنوب العراق إنهم سيواصلون اعتصامهم، مؤكدا عدم وجود توجه طائفي لهم. وأضاف في حديث للجزيرة أن الحكومة العراقية لا زالت متعنتة ولم تحقق أيا من مطالب المعتصمين.

في المقابل، شهدت محافظات العراق الجنوبية، مثل: البصرة والكوت وكربلاء والديوانية والسماوة تظاهرات تأييد لللمالكي ومناهضة للطائفية، وداعية الى انتخابات مبكرة. ورفع المتظاهرون لافتات وشعارات منددة بما أسموه الخطابات الطائفية لمتظاهري الأنبار، وطالبوا بإجراء انتخابات مبكرة وحل الحكومة والبرلمان رافضين إلغاء قانوني مكافحة الإرهاب واجتثاث البعث.

وشدد المشاركون في مظاهرات الدعم للمالكي على ضرورة العمل من اجل الحفاظ على وحدة العراق وأمنه وترسيخ الوحدة الوطنية بعيدًا عن الخطابات الطائفية وتنافس السياسيين.

جلسة طارئة

في الأثناء، دعا ائتلاف دولة القانون مجلس النواب إلى عقد جلسة استثنائية لمناقشة ما اسماه بـ «الشعارات الطائفية»التي رفعت خلال تظاهرات الاحتجاج التي تشهدها البلاد حاليًا.

واشار القيادي في الائتلاف ياسين مجيد خلال مؤتمر صحافي في بغداد امس الى أن المتظاهرين رفعوا شعارات خطيرة تسيء إلى الشيعة ومنها «زاحفون إلى بغداد والقادسية الثالثة وبغداد لنا وما ننطيها». وحذر من أن شعارات المتظاهرين في الرمادي والموصل والفلوجة تهدد الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي العراقي.