انتفضت عواصم دول غربية في وجه تل أبيب وسياساتها امس، حيث استدعت وزارات الخارجية البريطانية والفرنسية والسويدية سفراء إسرائيل في لندن وباريس وستوكهولم وقدمت احتجاجات على القرارات الإسرائيلية بتوسيع البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة، فيما وصفت وسائل الإعلام الإسرائيلية ذلك بـ«الأزمة السياسية» في العلاقات بين إسرائيل والدول الأوروبية.

واستدعت كل من باريس ولندن صباح امس السفير الاسرائيلي لديها، لكنهما لم تؤكدا نيتهما استدعاء سفيريهما في اسرائيل، في ما قد يشكل سابقة ان تم ذلك.

واستدعي يوسي غال ودانيال توب سفيرا اسرائيل لدى فرنسا وبريطانيا بالتوالي صباح امس لابلاغهما بـ«استياء» باريس و«قلق» لندن من مشاريع توسيع المستوطنات.

واكدت العاصمتان بعد ذلك على «العقبات» التي يشكلها مثل هذا المشروع في طريق حل الدولتين للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني.

وقال ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية: «اي قرار بخصوص أي اجراءات أخرى قد تتخذها المملكة المتحدة سيعتمد على نتيجة مناقشاتنا مع الحكومة الإسرائيلية وشركائنا الدوليين بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي». ونقلت صحيفة هآرتس الاسرائيلية عن دبلوماسي اوروبي قوله: «هذه المرة لن يكون الأمر مجرد إدانة. ستتخذ اجراءات حقيقية ضد اسرائيل». فيما قالت وزارة الخارجية السويدية إن استوكهولم استدعت السفير الاسرائيلي في ستوكهولم لعقد اجتماع، وابدت قلقها من الخطط الاسرائيلية لتوسيع مستوطنات يهودية على أرض محتلة.

تهديد بريطاني

على الصعيد ذاته، قالت شبكة «سكاي نيوز» إن لندن قد تهدّد باتخاذ إجراء دبلوماسي ضد إسرائيل.

ونقلت سكاي نيوز، عن مصادرها الخاصة، أن بريطانيا تدرس سحب سفيرها من إسرائيل، وأن «جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، ومن بينها إمكانية سحب السفير البريطاني لدى إسرائيل وتعليق الاتفاقيات التجارية معها».

وأضافت المصادر إن «هناك ميلاً لدى وزارة الخارجية البريطانية لاتخاذ إجراء يمكن أن يأخذ أيضاً شكل إعادة النظر في الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل».

انتقاد غربي

من جانبها، حضت ألمانيا تل ابيب على الامتناع عن التوسع في البناء الاستيطاني، بينما قالت روسيا انها تنظر بقلق شديد الى خطط بناء منازل جديدة في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، فيما جددت الصين معارضتها التوسع الاستيطاني، داعية إسرائيل إلى تهيئة الظروف الضرورية لاستئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين في أقرب وقت.

استعجال «الجنائية»

من جانبه، اعلن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبدربه ان قرار الحكومة الاسرائيلية يعجل بلجوء الفلسطينيين الى المحكمة الجنائية الدولية.

وافاد: «حكومة اسرائيل هي المسؤولة عن تسريع ذهابنا الى المحكمة الجنائية الدولية لأن هذا القرار الأخير (توسيع مستوطنة معاليه ادوميم) الذي يقضي على حل الدولتين في عرف القانون الدولي جريمة حرب». وأضاف: «ولا يسمح القانون الدولي إحلال سكان من الدولة المحتلة في اراضي دولة اخرى خاضعة للاحتلال الذي يتحمل الآن تبعات كل خطوة سوف نقدم عليها في المستقبل اذا لم تتوقف جرائمه عند حدها».

واستطرد ان «القرار الاسرائيلي بالتوسع الاستيطاني الاخير في مشروع «إي1» الذي يشطر الضفة الى قسمين بمثابة حكم بالإعدام على حل الدولتين».

توقع ومعارضة

إلى ذلك، زعم وزير المالية الإسرائيلي يوفال شطاينيتس ان الاحتجاجات الشديدة من جانب دول أوروبية «كانت متوقعة»، فيما قالت رئيسة حزب الحركة تسيبي ليفني إن حكومة بنيامين نتانياهو «تشكل خطرا على إسرائيل».

وقال شطاينيتس «لم يكن لدينا شك بأن الأوروبيين والأميركيين سيسمعوننا أصوات احتجاج ضد القرار بالبناء في منطقة إي1 وأنا مقتنع بأنهم جميعا يدركون أنه تعين علينا أن نرد وليس معقولا أن ندير خدنا الآخر للخطوة الفلسطينية»، في إشارة إلى قبول فلسطين دولة مراقبة غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة.

وعقبت ليفني على هذه التطورات بالقول إن «الأنباء الأخيرة حول فرنسا وبريطانيا تثبت مرة أخرى أن الخطوات الديبلوماسية للحكومة سيئة لإسرائيل».

 

فلسطين تلوذ بالمؤسسات الدولية لمواجهة ابتزاز الاحتلال

 

أعلن عضو الوفد الفلسطيني المفاوض محمد اشتيه امس أن السلطة الفلسطينية ستتوجه للمؤسسات الدولية لمواجهة سياسة الابتزاز الإسرائيلية في حجز عائدات الضرائب الجمركية.

وقال «إذا حاولت إسرائيل مقايضة السياسة بالمال، وأن تبتز السلطة فنحن لدينا طريق آخر، والآن بات بمقدورنا عمل الكثير لدى المؤسسات الدولية».

وأضاف اشتيه ان «اي تمادٍ إسرائيلي سيدخلنا في مناحٍ أخرى متعلقة بالقانون الدولي والإجراءات التي يمكن أن نأخذها على المنصات الدولية لوقف الابتزاز الإسرائيلي الحاصل». واعتبر اشتيه الإجراء الإسرائيلي المتمثل بتجميد اموال بمثابة ابتزاز ومحاولة من إسرائيل لحفظ ماء وجهها بعد تهديداتها الكبيرة عقب التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة والحصول على اعتراف بدولة فلسطين.

لكن اشتيه استبعد أن يتعدى حجز إسرائيل للأموال الفلسطينية الإطار الزمني المعلن، قائلا إن «إسرائيل لا تستطيع الاستمرار بهذا الإجراء إلا إذا أرادت أن تنهار السلطة وعندها المجتمع الدولي لن يسمح بذلك».

وأشار إلى أن الدول العربية سبق وتعهدت بتوفير شبكة مالية بمبلغ 100 مليون دولار للسلطة الفلسطينية شهريا في حال نفذت إسرائيل تهديداتها بحجز أموال الضرائب، التي تشكل ثلث الموازنة الفلسطينية.

وقال: «سنقوم بمخاطبة الجامعة العربية من أجل إيفاء الدول العربية بالتزاماتها، كما سنطلب من المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لدفع ما يستحق عليها للسلطة». وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها قررت عدم تحويل عائدات الرسوم الضريبية التي تجمعها إسرائيل لحساب السلطة الفلسطينية لهذا الشهر.

وقال وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتينيتس في بداية انعقاد الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية اول من امس إنه سيتم تجميد 460 مليون شيكل (حوالي 92 مليون يورو) كان يفترض تحويلها خلال الشهر الحالي، ردا على رفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة الخميس الماضي.

- «تسونامي» أوروبي ضد إسرائيل