بعد جلسة ماراثونية استمرت 19 ساعة ووسط جدل قانوني وسياسي وشعبي عاصف، صادقت الجمعية التأسيسية المصرية أمس على مشروع الدستور الجديد الذي سيعرض على الرئيس محمد مرسي اليوم السبت لإقراره في استفتاء شعبي، في وقت أكد مرسي مجدداً أن الاعلان الدستوري الذي أثار اسوأ ازمة سياسية منذ توليه السلطة «مؤقت وينتهي العمل به» بمجرد أن يقر الشعب المصري مشروع الدستور في استفتاء شعبي ولحين عودة التشريع للبرلمان، معتبراً أن هناك مندسين وسط الثوار.
وأعلن رئيس الجمعية التأسيسية، التي يهيمن عليها الاسلاميون، حسام الغرياني، إن أعضاء الجمعية أقروا بنود الدستور الـ234 التي طرحت عليهم في جلسة ماراثونية استمرت لمدة 19 ساعة بدأت بعيد ظهر اول من امس واستمرت طوال الليل الى صباح أمس. ووافقت الجمعية على كل مواد مسودة الدستور بما في ذلك المواد التي تحدد سلطات الرئيس ووضع الاسلام ودور الجيش ومدى احترام حقوق الإنسان في البلاد في فترة ما بعد مبارك. وسيقدم النص الذي أقر بالإجماع الى مرسي اليوم السبت لينظم خلال أسبوعين استفتاء للمصادقة عليه حتى يحل محل الدستور السابق الذي ألغي بعد سقوط نظام حسني مبارك.
مشاحنات وجدل
وكانت مشاحنات بين الغرياني وإسلاميين في الجمعية بشأن مواد الدستور تسببت في إعاقة سير الجلسة عدة مرات. وتم تعديل العديد من المواد في الجلسة قبل أن يتم التصويت عليها. وقال الغرياني: «هذا دستور ثوري».. قبل ان يطلب من أعضاء الجمعية التأسيسية بدء حملة على مستوى مصر لشرح الدستور وعزف النشيد الوطني المصري في القاعة بعد ذلك. وذكر الغرياني أن الجمعية التأسيسية ستقوم بأعمال ذات طابع إداري للإعداد للاستفتاء الشعبي الذي سيدعو له الرئيس المصري بعدما يقرأ المسودة النهائية للدستور.
تغييرات تاريخية
وتنطوي المسودة النهائية للدستور على سن تغييرات تاريخية في نظام الحكم بمصر. فهي على سبيل المثال تقصر فترة بقاء الرئيس في الرئاسة على ثمانية أعوام. وتوفر المسودة درجة من درجات المراقبة على المؤسسة العسكرية حتى وإن كانت غير كافية للمنتقدين. وتقضي مادة في الدستور الجديد بأن يأخذ رئيس الجمهورية رأي مجلس الدفاع الوطني بالاضافة الى موافقة البرلمان لإعلان الحرب. ولم يكن الدستور القديم الذي كان معمولا به في عهد الرئيس السابق يقتضي من الرئيس سوى الحصول على موافقة البرلمان. لكن المادة الجديدة تتيح لمجلس الدفاع الوطني الذي يضم كبار القادة العسكريين والمدنيين اتخاذ موقف رسمي في مثل هذه القرارات.
موقف مرسي
في هذه الاجواء، أكد الرئيس المصري مجدداً أن الاعلان الدستوري الذي أثار أسوأ أزمة سياسية منذ توليه السلطة «مؤقت وينتهي العمل به» بمجرد أن يقر الشعب المصري مشروع الدستور في استفتاء شعبي.
وقال مرسي في مقابلة مع التلفزيون الرسمي بثت فجر أمس: «هذه مرحلة استثنائية جداً، نحن في مرحلة انتقالية وهذا الاعلان الدستوري في إطار تسيير الحال في المرحلة الانتقالية». وأضاف أنه «منصوص في الاعلان الدستوري على أن ينتهي مباشرة العمل به بمجرد أن يصوت الشعب على مشروع الدستور».
ونفى مرسي أن يكون الإعلان الدستوري فيه تكريس للديكتاتورية، واستنكر تشبيهه بالرئيس المخلوع حسني مبارك قائلا: «لست ديكتاتوراً ولا مجال للحديث عن الدكتاتورية، أنا عانيت مثلكم من الاضطهاد والظلم». وشدد على أن الوضع الآن هو رئيس منتخب بإرادة شعبية وهو مسئول أمامه. وأضاف: «أنا لا أصدر أحكاما ولا أتخطى مهمتي حتى يتم تحقيق مطالب الثورة»، منوهاً إلى أن الوضع الاستثنائي سيستمر حتى طرح الدستور على الشعب وموافقته عليه. وأشار إلى أنه في حال رفض المواطنين للدستور فإنه سيعيد الكرة بتشكيل جمعية تأسيسية جديدة لوضع دستور جديد. ورداً على سؤال بشأن إقالة النائب العام في الإعلان الدستوري أجاب مرسي إن «إقالة النائب العام جاءت تلبية لمطالب الثوار وكان ثوريا وهو تأخر بعض الشيء بسبب طبيعة المرحلة الانتقالية».
سعيد بالتظاهرات
وتعليقا على التظاهرات الحاشدة التي خرجت احتجاجا على هذا الاعلان الدستوري، قال مرسي: «أنا سعيد جداً إن الشعب المصري في حالة ممتازة، نعبر عن رأينا نقول ما نريده ولكن نحافظ على بلدنا ومصالحنا». وتابع: «المشهد الذي أراه صحي جداً وإيجابي جدا ويجب أن نكون سعداء بهذا المشهد، المعارض يقول رأيه والمؤيد يقول رأيه ويتحمل المسؤولية صاحب القرار». غير أنه تدارك «يعز علي أحيانا أن أرى من كان فاسدا في النظام السابق أو رموز الفلول يندس في وسط الثوار».
