شنّ القضاء المصري هجوماً ضارياً على الإعلان الدستوري الأخير الذي أصدره الرئيس محمد مرسي واصفاً الإعلان بأنه «اعتداء غير مسبوق على استقلال القضاء وأحكامه»، فيما علق القضاة في عدد من المحاكم عملهم احتجاجاً على قرارات مرسي.

وأوضح مجلس القضاء الأعلى في بيان أمس أن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس يتضمن «اعتداءً غير مسبوق على استقلال القضاء وأحكامه».

وشدّد بيان صدر عن المجلس عقب اجتماعه الطارئ على أنّ «إن المجلس وهو المعني بكل شؤون القضاء والقضاة يعلن أسفه لصدور مثل هذا الإعلان». وأهاب المجلس برئيس الجمهورية المصرية البعد بهذا الإعلان عن كل ما يمس السلطة القضائية واختصاصاتها أو التدخل في شؤون أعضائها أو ينال من جلال أحكامها.

وفي أولى الدعاوى ضد الإعلان الدستوري رغم تضمينه بنداً ضد الطعن عليه أقامت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أول دعوى قضائية لوقف تنفيذ وإلغاء الإعلان الدستوري الأخير.

وذكرت الدعوى أن الإعلان لا يرتقي لمصاف الإعلانات الدستورية بل هو مرسوم بعدد من القرارات الإدارية التي يجب أن تخضع لرقابة قضاء مجلس الدولة. وجاء في الدعوى أن ثورة 25 يناير قامت من أجل التأسيس لشرعية جديدة نتاجها دستور يرسي ركائز الحكم الرشيد وتلبية طموحات الشعب إلا أن مرسي استحوذ على جميع السلطات بموجب هذا الإعلان المزعوم، فضلاً عن تدخله لتقويض دعائم السلطة القضائية بهدم استقلاليتها تارة وحجب ولايتها تارة أخرى ومنع المحاكم من استكمال نظر دعاوى معروضة عليها.

وأوضحت الدعوى أنه «لا يجوز تسمية القرارات الأخيرة بالإعلان الدستوري لأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أصدر الإعلانات الدستورية منذ اندلاع الثورة» بوصفه سلطة حكم على قاعدة الشرعية الثورية وليس بوصفه سلطة إدارة مما يسحب وصف الإعلان الدستوري فقط على الإعلان الصادر في 30 مارس وما تبعه من تعديلات فيه حتى تم انتخاب سلطات تشريعية.

ورداً على ما يثار من أن قرارات الرئيس سيادية وغير قابلة للطعن قضائياً أفادت الدعوى أن الأعمال السيادية هي الأعمال السياسية في النطاق الداخلي أو النظام الخارجي لكن القرارات الصادرة أخيراً لا تتضمن أحكاماً تتعلق بنظام الحكم أو إدارة الدولة سياسياً بل هي تتضمن جملة أحكام استبدادية نالت من استقلال السلطة القضائية. وشددت الدعوى أن هذه القرارات تشكل في مجموعها «عملاً مادياً صدر من رئيس الجمهورية بوصفه سلطة إدارة لا سلطة حكم ومن دون عماد قانوني يقوى على حمله»، الأمر الذي يجعله لا يرقى لمرتبة النصوص الدستورية أو القانونية.

تعليق عمل محاكم

وفي هذه الأجواء التصعيدية، ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن نادي القضاة بمحافظة الإسكندرية الساحلية أعلن تعليق العمل بالمحاكم والنيابات في المحافظة ومحافظة البحيرة المجاورة احتجاجاً على الإعلان الدستوري. وقال رئيس نادي قضاة الاسكندرية المستشار محمد عزت عجوة إن تعليق العمل سيستمر لحين إلغاء الإعلان الدستوري.

وأوضح عجوة بعد اجتماع مغلق أن القضاة قرروا تعليق العمل لحين انتهاء الأزمة التي أثارها ذلك الإعلان الدستوري الذي وصفه بـ«المنعدم».

في السياق، أفادت مصادر بنادي قضاة مصر أن محكمة استئناف أسيوط قررت أيضاً تعليق العمل بالمحكمة احتجاجاً على الإعلان الدستوري لما يمثله من اعتداء على استقلال القضاء.

وذكرت مصادر مطلعة أن كل الجمعيات العمومية بجميع محاكم مصر ستنعقد في القريب العاجل وجميعها ستتخذ قرارات بتعليق العمل بالمحاكم.