كشف ناشطون سوريون امس النقاب عن تشكيل لواء عسكري في دمشق وريفها، يتكون من عناصر القوات الخاصة في الجيش الحر، استعدادا لـ«المعركة الفاصلة» في دمشق، في وقت استمر قصف قوات النظام المكثف على مدينتي داريا والزبداني بريف العاصمة السورية التي تعرض حي السفارات ومكتب نائب الرئيس فاروق الشرع فيها الى قذائف هاون مجهولة المصدر.

ونقلت شبكة «سكاي نيوز عربية» عن الناطق باسم شبكة «شام» الإخبارية تميم الشامي امس أن اللواء «يضم عدة كتائب مختارة، كما ينضوي تحته لواء استخباراتي مهمته كشف الاختراقات، التي قد تقع في صفوف الجيش الحر بتدبير من النظام»، لافتا إلى أن اللواء «يعد الاول من نوعه بمنطقة دمشق وريفها».

وقال الشامي ان الجهاز الجديد «يضم قوة ضاربة وكتيبة للمهمات الخاصة، وغرفة عمليات وفرعين- داخلي وخارجي - ومكاتب في مناطق سورية مختلفة، ومكتباً للدعم اللوجيستي».

داريا والزبداني

الى ذلك، قال نشطاء معارضون ان الطائرات الحربية قصفت مدينة داريا الواقعة على الطرف الجنوبي الغربي لدمشق مع تواصل المعارك العنيفة لليوم الثاني على التوالي عند مشارف المدينة.

وقصفت طائرات «ميغ» داريا الواقعة وسط اراض زراعية قرب الطريق السريع الجنوبي حيث يقاتل الثوار وحدات من الحرس الجمهوري انتشرت حول المنطقة التي تعد مركزا رئيسيا للمعارضة في الانتفاضة المندلعة منذ 20 شهرا.

وقال ابو كنان، وهو ناشط معارض مازال موجودا في داريا في اتصال هاتفي مع وكالة «رويترز»: «يبدو المشهد العسكري مختلفا عن اغسطس. النظام يدفع بالقوات تحت حماية المدفعية والطائرات لكنها لم تتقدم حقا داخل داريا».

وأضاف: «في المرة السابقة قرر مقاتلو المعارضة الانسحاب بعد ان قتل قصف الجيش عددا كبيرا من المدنيين. مازال هناك مدنيون في داريا لكن الاغلبية فرت والمقاتلون يتمسكون بمواقعهم». وذكرت مصادر المعارضة ان سبعة مدنيين وثلاثة مقاتلين قتلوا في المعارك والقصف في داريا.

يشار الى ان 1000 شخص قتلوا في اغسطس الماضي خلال هجوم كبير لطرد مقاتلي الجيش الحر من داريا بعد ان سيطر الثوار على المدينة وشكلوا ادارة محلية وبدأوا يهاجمون اهدافا لقوات بشار الاسد في العاصمة السورية. وفي سياق متصل، اشار المرصد السوري الى مشاركة الطيران الحربي في قصف مدينة الزبداني في ريف دمشق.

واشارت لجان التنسيق المحلية في بيان الى ان «غمامة سوداء تغطي مدينة الزبداني بالكامل نتيجة قصف من حواجز تابعة لقوات النظام».

كما أفاد المركز الإعلامي السوري بمقتل خمسة وإصابة أكثر من أربعين بجروح في قصف الحجر الأسود بدمشق، في حين تجدد القصف على بلدات الغوطة الشرقية وأحياء دمشق الجنوبية.

سفارات ومكتب

وبالتوازي، سقطت للمرة الاولى قذيفة على حي ابو رمانة الراقي في العاصمة السورية الذي يضم مقار السفارات والقريب من مكاتب المقر الرئاسي، ما تسبب بمقتل شخص واصابة آخرين بجروح.

ولم يذكر المرصد السوري لحقوق الانسان مصدر القذيفة، الا ان مصدرا امنيا في العاصمة السورية ادعى ان مصدرها الثوار. وذكر شاهد عيان لوكالة «فرانس برس» ان «طوقا امنيا فرض على المنطقة» بعد اطلاق القذيفة.

وذكر شاهد آخر ان «سيارة مسرعة مرت في المكان واطلقت النار بعد انفجار القذيفة»، مضيفا: «سيطرت حالة من الارتباك في المنطقة التي لم يكن احد من سكانها يتوقع حصول ذلك هنا». وقال شاهد رافضا الكشف عن هويته كذلك: «هناك حواجز في كل مكان تحسبا لاي انفجار، الا ان هذه الحواجز لا تمنع القذيفة من السقوط والدليل امامنا». وكانت قذيفتان اصابتا اول من امس مبنى وزارة الاعلام في غرب دمشق من دون ان توقعا قتلى.

كما اعلن التلفزيون الرسمي السوري استهداف حديقة المدفع في حي أبو رمانة بقذيفة هاون، علما ان الحديقة تقع في الشارع المقابل لمكتب نائب الرئيس فاروق الشرع.

وضع حلب

وفي محافظة حلب، أعلن الجيش الحر سيطرته عل سريتين في الكتيبة 111 للدفاع الجوي قرب قرية الشيخ سليمان التابعة لناحية دارة عزة في ريف حلب. كذلك، وقعت اشتباكات بمطاري النيرب ومطار منغ العسكري، وسجلت انشقاقات بالأمن العسكري وأمن الدولة والمشاة.

كما أعلن الجيش الحر بدء الحصار على سد تشرين الواقع شرقي مدينة منبج بريف حلب. بدورها، احبطت القوات النظامية هجوما للثوار على كتيبة الدفاع الجوي في منطقة الشيخ سليمان في ريف حلب الغربي كانوا يحاصرونه منذ اسابيع، حيث سيطرت ايضا على محيط الكتيبة.

 

 

النازحون السوريون يجدون في الرقة ملاذاً آمناً

 

 

 

 

 

يقول أهالي الرقة، التي تقع في شمال وسط سوريا والبالغ عدد سكانها نحو مليون شخص، إنهم حين يسيرون في شوارع وأحياء المدينة المكتظة بالسكان هذه الأيام، يبلغ إلى مسامعهم أصوات لهجات محكية سورية متعددة لم تعتدها آذان القاطنين المحليين.

ويؤكدون أن السكينة النسبية التي تنعم بها المدينة دفعت العائلات المنكوبة من كل أصقاع سوريا إلى أن تتخذها وجهة لها، هاربين من ويلات الدمار والقصف.

وبحسب السكان، استقبلت المدينة أكثر من مليون نازح من كل صوب موزعين بين الريف والمدينة، حيث احتل سكان حمص ودير الزور وحلب صدارة الوافدين، بعدما تدفقت منذ بداية الثورة دفعات أهلي حمص إلى المدينة، متوزعين على المنازل التي كانت توفر لهم من قبل اللجان الإغاثية والأهالي.

ويشير إبراهيم ياسين الذي يعمل في مجال الإغاثة: «كانت تردنا المعلومات من اللجان المختصة في حمص حول استقبال العائلات المنكوبة قبل مجيئهم، وعليه، أسرعنا إلى توفير البيوت والمؤن الغذائية، وجمع ما يمكن من الأموال لسد حاجياتهم، وحينما يصلون إلى المدينة نكون وفرنا لهم متطلباتهم الرئيسية».

وتسارعت وتيرة حركة النزوح بدون سابق الإنذار حين قصد سكان دير الزور وحلب المدينة بأعداد هائلة، الأمر الذي لم يترك للجان الإغاثية الأهلية المنتشرة سراً فرصاً لأخذ التدابير اللازمة، حيث يقول الناشط نفسه: «قسم منهم كان ميسور الحال، فاستأجروا المنازل بأنفسهم، والقسم الآخر من الأغلبية احتموا بالمدارس ومعسكر الطلائع، حيث يتكفل الاهالي رعايتهم حالياً».

استغلال و«شبيحة»

ولم يمنع هذا التدفق صوب الرقة التجار ذوي ضعاف النفوس من أن يمارسوا الاستغلال بحق المنكوبين. فالشريحة التي استأجرت المنازل كانت صيدا ثميناً لهؤلاء، حيث يقول مدير المكتب الإعلامي للثورة أيهم الخلف: «ثمة تجار يملكون أكثر من 15 منزلاً، ويشترط على استئجار منزله دفع مبلغ تصل قيمته إلى ألفي دولار».

ويضيف: «بعض المنكوبين وقعوا فريسة بيدهم، لكن سرعان ما تقلصت هذه الفئة بسبب تهديد الجيش الحر لأصحاب النفوس الضعيفة وتكسير بيوتهم ومحلاتهم».

ويقول النشطاء إن الذين قصدوا المنازل ليسوا وحدهم ضحية ضعاف النفوس و«الشبيحة»، ففي إحدى المدارس الواقعة في أطراف المدينة من الناحية الشرقية، جلب أحد الشبيحة سيارات الأمن وقوات الجيش لإخراج عائلات بالكامل من المدرسة، تحت مقولة: «تعليم أولادنا أهم منكم».

أغذية الأهالي

وإزاء تدهور أوضاع النازحين في المدارس، بادر سكان الرقة ذاتياً بتجهيز الطعام بشكل دوري وتوزيعه على النازحين. ففي حي الثكنة الذي يحتضن عشرات العائلات المنكوبة، تقوم نسوة الحي بتجهيز الوجبة الرئيسية، حيث تقول إحدى السيدات: «ما نفعله أقل ما يمكن القيام به تجاه إخواننا، همنا واحد، ومصيرنا مشترك، ولن يشفى غليل الأمهات إلا مع سقوط بشار الأسد».

ومع اقتراب فصل الشتاء، أطلق المتطوعون الشباب حملة في جمع البطانيات والألبسة الشتوية على النازحين في المدارس، لا سيما أن مادة المازوت ومواد التدفئة تكاد تكون معدومة في المدينة.

 

 

مناطق متفرقة

 

 

 

تجدد قصف قوات النظام السوري امس على اللجاة وبصر الحرير وداعل والشيخ مسكين في ريف درعا. وفي حمص، سقط عدد من الجرحى، بينهم أطفال ونساء جراء قصف قرية الغنطو بريف حمص الشمالي، فيما تعرضت أحياء مدينة دير الزور الى قصف عنيف وسط اشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام وغارات على مدينة البوكمال. وفي إدلب، هزت الانفجارات مدن سرمين ومعرة مصرين، كما تجدد القصف على مدينة معرة النعمان.