بدأ الموفد العربي والدولي الى سوريا الأخضر الإبراهيمي أمس مهمته في سوريا، مستهلاً زيارته إلى دمشق قبل لقاء الرئيس بشار الأسد اليوم بالتأكيد على أن الأزمة في سوريا «كبيرة» وهي «تتفاقم» بعد 18 شهراً من اندلاع الثورة، وفيما اعتبر المجلس الوطني السوري المعارض أن مهمة الإبراهيمي «محكومة بالآليات القديمة التي تتحكم في مجلس الأمن»، وهو ما يهدد فشلها. أكد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان نظام الاسد «زائل لا محالة ومن المستحيل ان يبقى».

وعبر الابراهيمي بعد وصوله الى دمشق أمس عن اعتقاده بأن الأزمة في سوريا «تتفاقم»، مشدداً على ضرورة «وقف النزيف»، بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا). وقال الابراهيمي بحسب «سانا»: «قدمنا الى سوريا للتشاور مع الاخوة السوريين، فهناك أزمة كبيرة .. وأعتقد أنها تتفاقم».

أضاف في تصريحات له لدى وصوله إلى مطار دمشق الدولي: «أعتقد أنه لا أحد يختلف على ضرورة وقف النزيف وإعادة الوئام إلى أبناء الوطن الواحد ونأمل بأن نوفق في ذلك».

وكان الناطق باسم الابراهيمي، احمد فوزي أعلن في بيان: «وصل الموفد المشترك الى سوريا الاخضر الابراهيمي الى دمشق»، مضيفاً انه سيجري محادثات مع «الحكومة ومع ممثلين عن المعارضة والمجتمع المدني». وكان دبلوماسي عربي اعلن أول من أمس ان الابراهيمي سيلتقي الرئيس السوري اليوم، بينما يتكتم المسؤولون السوريون حول موعد اللقاء.

تفاؤل رسمي

وافادت صحافية في وكالة «فرانس برس» ان الابراهيمي وصل الى الفندق الذي سينزل فيه في وسط العاصمة السورية، ولم يتحدث الى الصحافيين المتجمعين في المكان.

وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الذي كان يرافق الابراهيمي للصحافيين: «نحن واثقون بان السيد الابراهيمي يتفهم بشكل عام التطورات وطريقة حل المشاكل على الرغم من التعقيدات». واضاف: «نحن متفائلون ونتمنى للابراهيمي كل النجاح». والتقى الابراهيمي وزير الخارجية السوري وليد المعلم من دون ورود تفاصيل عن مجريات اللقاء.

المجلس الوطني

من جهته، اعتبر رئيس المجلس الوطني السوري، الدكتور عبد الباسط سيدا، أن مهمة الإبراهيمي إلى سوريا «محكومة بالآليات القديمة التي تتحكم في مجلس الأمن»، وهو ما يهدد فشلها.

وطالب بفرض مناطق الحظر الجوي لحماية المدنيين في كل المناطق، التي توفر ملاذًا آمنًا، مشيرًا إلى أن هذه المناطق من دون شك تستوجب استخدام القوة، وإلا هذا النظام خبير في إفراغ كل المبادرات من مضامينها ولا يمكن أن نصل إلى المطلوب الذي يصل إلى حماية المدنيين من القتل. وردًا على غموض مبادرة الإبراهيمي إلى سوريا، قال سيدا: «هذه المبادرة غير واضحة المعالم».

وأضاف: «الآن هو في سوريا وسيتواصل مع المعنيين هناك، ونحن سنلتقي به عند عودته وسنبحث معه مختلف التوجهات»، مستدركًا بالقول: «إذا كانت هذه المبادرة خاضعة للآليات القديمة التي يتحكم فيها مجلس الأمن المشلول أصلاً نتيجة الفيتو الروسي فالإمكانيات أمام هذه المبادرة ضئيلة جدًا»..مضيفًا: «إذا تمكن الأخضر الإبراهيمي من الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن معناه أنه قد حقق إنجازًا ونحن نراقب ولنرى ماذا يكون».

الأسد زائل

إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بغداد ان نظام بشار الاسد «زائل لا محالة ومن المستحيل ان يبقى». وقال هيغ في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي هوشيار زيباري: «نحن متأكدون من ان نظام الاسد زائل لا محالة وانه من المستحيل ان يبقى (..) بعد ان ارتكبت العديد من الجرائم». واضاف انه ناقش مع زيباري «الحاجة للتحول الى سوريا اكثر ديمقراطية واستقرارا، وهذا الطريق الوحيد لتجنب حرب اهلية طويلة او انهيار الدولة السورية او وقوع عدد اكبر من القتلى وزيادة اعداد اللاجئين». وتابع: «نؤيد تشكيل حكومة انتقالية تعيد السلام والاستقرار الى سوريا».

وقال زيباري في المؤتمر الصحافي: «اتفقنا على عملية انتقال سياسي ديمقراطي وتحقيق نظام ديمقراطي تعددي ممثل لكافة فئات الشعب السوري (...) وان يقرر الشعب السوري مصيره بنفسه من دون تدخل اجنبي». وشدد على ان العراق وبريطانيا يدعمان مهمة الابراهيمي.

تحذير أوروبي

على الصعيد ذاته، حذّر البرلمان الأوروبي أمس، من مغبّة زيادة عسكرة النزاع في سوريا الاستقرار في المنطقة، مؤكّداً دعمه إنشاء ملاذات آمنة على طول الحدود السورية - التركية وفتح معابر إنسانية من قبل المجتمع الدولي، داعيًا في الوقت ذاته المعارضة السورية إلى التوحّد وتشكيل حكومة موقتة شاملة. وتبنى البرلمان الأوروبي في جلسة مكتملة الأعضاء، قراراً جرى التصويت عليه اليوم، شدّد فيه على أنّ «العسكرة المتزايدة للنزاع السوري لا تجلب إلا المعاناة للشعب السوري، وسيكون لها تداعيات لا يمكن التنبؤ بها على أمن واستقرار المنطقة برمّتها».

وحضّ البرلمان الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية كاثرين آشتون على بذل قصارى جهدها لممارسة ضغط دبلوماسي فعّال على روسيا والصين.

دراسة أمنية

توقع المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن أن تكون منطقة الشرق الأوسط معرضة لمخاطر أمنية كبيرة بسبب الصراع في سوريا. وقال مدير المعهد جون شيبمان لدى عرضه للتقرير السنوي عن العام 2012 في لندن إن هناك عدداً كبيراً من المؤشرات على وجود مخاطر تحدق بسوريا والمنطقة المحيطة بها، مبينا أن هذه المخاطر لو تحققت فسيكون لها تأثير كبير للغاية على المنطقة. وواصل شيبمان القول إن «خطورة وقوع الأسلحة الكيماوية الموجودة في سوريا بيد الطرف الخطأ واحتمال انتقالها عبر الحدود هو السبب الاستراتيجي المهم الذي يدفع الدول الخارجية إلى التأكيد على ضرورة إيجاد حل سياسي للمشكلة السورية». لندن- د.ب.أ