مثلت أحداث رفح «المسمار الأخير»، أو «القشة»، التي قصمت ظهر العسكر في مصر. فما إن اندلعت الأحداث التي راح ضحيتها مجندون على الحدود، حتى وجهت القوى السياسية والشعبية الاتهام إلى المؤسسة العسكرية كونها المنوطة بحماية الحدود وتطهيرها من الجماعات الجهادية المسلحة.

ما شكل فرصة سانحة للرئيس محمد مرسي بالشروع في «حملته التطهيرية» بعزل قائد الحرس الجمهوري ورئيس الشرطة العسكرية ومدير جهاز الاستخبارات ومحافظ شمال سيناء لتتوج هذه القرارات بالإطاحة بوزير الدفاع المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان.

وعقب أن اتخذ مرسي بعض القرارات الحاسمة تجاه قائد المخابرات ومحافظ سيناء والتي وجدت تأييدًا واسعًا لها في الشارع الذي رأى الرئيس يرتدي العباءة الثورية، خارجًا عن نطاق فلسفة السياسة الإصلاحية المحافظة، باتت فكرة عزل قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهي المُتسببة في الأحداث تتبعه، في ظل مطالب عدد من القوى السياسية والثورية له بذلك.

وفوجئ الجميع باتخاذ جملة من القرارات الجريئة التي أقال فيها مجموعة من القادة العسكريين على رأسهم المشير طنطاوي وسامي عنان؛ ليكتب بذلك نهاية لـ«حكم العسكر» الذي ظل الهتاف الأبرز لكثير من القوى السياسية والثورية خلال المرحلة الأخيرة.

من جانبه، يقول الخبير الأمني والاستراتيجي محمود صبري إن قرارات مرسي كانت بمثابة المفاجأة للجميع ومرتبطة بالتأكيد بأحداث سيناء الأخيرة، وعقب مرور أسبوع واحد فقط من تلك الأحداث والتي كان «المخطئ الرئيسي فيها هو المؤسسة العسكرية».

ويردف صبري القول يبدو أن مرسي تنبه إلى أن مشهد قتل الجنود على الحدود بهذه الطريقة «لا يليق أبدًا بالقوات المسلحة» وكان لابد من عملية «تغيير دماء» لتلك المؤسسة وهي الخطوة التي وجدت ترحيبًا عامًا من الجميع، على حد قوله.

ويشير صبري إلى أن القرارات الأخيرة دعمت المشهد السياسي بمجموعة من القيادات الأقوياء الجدد المشهود لهم بالكفاءة بالقوات المسلحة، فضلا عن سمعتهم الطيبة، ما يؤدي إلى إعادة تنشيط تلك المؤسسة، والثأر للجنود الذين قتلوا، مؤكدا أن المشهد السياسي الآن «تغيّر ليصب في اتجاه الثورة»، عبر تلك القرارات التي كانت أحداث رفح «كلمة السر» فيها أو المتسبب الرئيسي فيها والتي أعطت الوازع والمُبرر للرئيس مرسي لاتخاذها.

وفي المقابل، يصف الخبير العسكري اللواء إبراهيم شكيب القرارات أنها «مفاجأة للجميع» وحملت في طياتها جملة من علامات الاستفهام حول فلسفة مرسي في الإدارة خاصة أن القوات المسلحة كانت ماضية في عملية تطهير سيناء من العناصر الجهادية المسلحة.

وقطعت شوطًا كبيرًا في ذلك وأسقطت بالفعل جملة من الأشخاص، فكيف في كل تلك الأجواء والعمليات التي يقوم بها الجيش أن يتم تغيير قادته، قائلاً لا يجوز مطلقًا لأي جيش يخوض حربًا أن يأتي في نصف حربه ويغير قادته بهذا الشكل، معتبرًا تطهير سيناء «بالحرب المهمة».

ويردف شكيب القول إن أحداث سيناء «هي التي أعطت المُبرر للرئيس في اتخاذ مثل تلك القرارات»، خاصة أنه لو كانت هناك نية لإقالة المشير طنطاوي مثلاً لما قام مرسي بالسماح له منذ قسمه اليمين الدستورية بأن يكون وزيراً للدفاع في حكومة هشام قنديل مطلقًا.

مشددا أن قرارات مرسي «تحمل نوعًا من الغموض»، خاصة أنه أقال فور وقوع الحادث عددًا من المسؤولين وأيده الشعب في ذلك تأييدًا موسعًا، كما اجتمع مع المجلس العسكري وبحث تطهير سيناء بعدها ما يعني أن عملية التطهير العملي على أرض سيناء بدأت ولا داعي لمثل تلك القرارات.