غدت القلعة القديمة التي تقع في قلب حلب، ثاني كبريات المدن السورية، قريبة المنال من أيدي قوات الجيش الحر، في معركتها من أجل السيطرة على المدينة.
وبينما تزحف المعارضة نحوها، يمكنها أن ترى على مرمى البصر الجدران الحجرية للحصن الذي بني قبل 800 عام على تل تكسوه الأعشاب على بعد 200 متر فقط.
ويقول أحمد، وهو شاب نحيل من مقاتلي الجيش الحر: «يوماً ما قريباً سنسير داخلها.. سنصل إلى قلب المدينة». ويضع احمد يده فوق عينيه من ضوء الشمس وهو ينظر نحو القلعة التي كانت يوماً ما رمزاً للقوة العسكرية للعرب وكانت مؤخراً مقصداً للسياح، بينما كان يقف في شرفة صدئة بشقة سكنية مهجورة. ويردف القول: «في المساء عندما يصبح الجو لطيفاً يبدأ القتال، يحلقون بطائرات الهليكوبتر ويستهدفوننا بنيران القناصة من القلعة ونحن نتحصن في مواقعنا ونرد عليهم بإطلاق النار».
ويقول مقاتلو المعارضة الذين يقاتلون في الانتفاضة المستمرة منذ 17 شهراً ضد الرئيس السوري بشار الأسد، إن الأراضي التي سيطروا عليها «تثبت أنهم يتقدمون نحو قلب أكبر مدينة في سوريا».
تفوق كبير
وتتفوق قوات الأسد بشكل كبير من حيث التسليح على قوات المعارضة لكن الأخيرة تعتقد أن ما ينقص القوات الحكومية هو إرادة النصر. ومن أعمق نقطة لهم داخل المدينة في حي باب الحديد يجوب مقاتلو المعارضة المسلحين الشوارع وهم يحملون السلاح ويغطون وجوههم بالكوفيات. وتسير السيارات مسرعة على الشوارع الرئيسية إلى الميدان مروراً بموقعين أقام فيها مقاتلو المعارضة متاريس من أكياس الرمل. ويختبئ مقاتلو المعارضة في الحواري حاملين قذائف صاروخية وبنادق.
ويردف أحد هؤلاء المقاتلين: «جنود النظام في مكان ما على هذا الطريق على بعد بضع مئات من الأمتار فقط». ويبدو هذا المقاتل هادئاً لكنه أبداً لا يخفف قبضته على قاذفة الصواريخ المضادة للمدرعات التي يحملها على كتفه.
وأغلق مسلحو الجيش الحر الطرق المؤدية إلى ساحة باب الحديد بصناديق خشبية ومكاتب معدنية انزلوها إلى الشوارع. ومن هناك وعلى مسافة قصيرة، يقع وسط المدينة التاريخي.
وأصيبت البوابة الحجرية المؤدية إلى الساحة والتي نجت على مدار مئات السنين من الحكام المتعاقبين، بطلقات في القتال الجاري حالياً.
وفي حرارة الظهيرة، لا يسمع في المدينة سوى أصوات السيارات العابرة والرجال الذين يتبادلون التحية في الشوارع.
تقدم ببط
وعلى الطريق الرئيسي نحو القلعة، يقول مقاتلون معارضون إنهم تقدموا ببطء لبضع أمتار في اليومين الماضيين. ويحدد المقاتلون نهاية أرضهم بحافلة حمراء محترقة عبر الطريق يرفرف فوقها علم الانتفاضة بألوانه الأبيض والأخضر والأسود.
ويقول محمد، 23 عاماً، إن قناصة الحكومة «ليسوا بعيدين».
ويشدد: «نحن نقف في نقطة الدفاع الأولى للثوار ولحلب المحررة.. من هذه النقطة هنا الساحة الرئيسية بالمدينة، توجد منطقة سعد الله الجابري على بعد نحو 700 متر من هنا. وتقع أغلب المصالح الحكومية في منطقة سعد الله الجابري، ما يجعلها الهدف الاستراتيجي النهائي، كما يقول ربما أكثر من القلعة الجميلة التي أعلنتها منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة «اليونيسكو» موقعاً للتراث العالمي.
