أرسل الرئيس الأميركي باراك أوباما في عامه الأول في البيت الأبيض خطاباً إلى الرئيس السوري بشار الأسد ينشد فيه بداية جديدة للعلاقات المتأزمة منذ فترة طويلة بين بلديهما. وفي عامه الثالث في الرئاسة، طالب تنحي الأسد.
واليوم ومع قرب انتهاء فترة رئاسته الأولى وإجراء انتخابات جديدة في نوفمبر المقبل، يتحرك أوباما بحذر باتجاه تقديم مساعدة أكبر للمعارضين السوريين مع تداعي الجهود الدبلوماسية الدولية التي كانت الخيار المفضل للرئيس الأميركي.
وفيما أصدر البيت الأبيض توجيهاً رئاسياً يجيز تقديم مساعدة سرية أكبر للمعارضين لكن لا يسمح بتسليحهم، فإنه لم يتضح ما إذا كان وقع الوثيقة. وأحجم مسؤولون أميركيون عن التعليق على الأمر.
لكن إدارة سيد البيت الابيض أشارت في الأيام الماضية صراحة إلى أنها تخطط لتقديم المزيد من المساعدة للمعارضين. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الثلاثاء الماضي: «علي أن أقول إننا سنزيد أيضا جهودنا لمساعدة المعارضة».
زيادة إمداد
ويسعى البيت الأبيض إلى سبل لمساعدة معارضي الأسد عن طريق زيادة إمدادهم بمعدات اتصال وتبادل المعلومات بشأن تحركات قوات النظام. وأرسلت الولايات المتحدة بالفعل أجهزة لاسلكي مشفرة.
وتحاول الإدارة أيضا مساعدة المعارضين ليكونوا أكثر تنظيماً وليخططوا لما بعد سقوط الأسد وتراقب باهتمام مخزونات الأسلحة الكيميائية في سوريا لضمان أنها آمنة، خاصة مع تهديد دمشق باستخدامها في حال الهجوم عليها.
وألمحت كلينتون هذا الأسبوع إلى أنه إذا استطاع المعارضون السيطرة على قطاع من الأرض السورية يمكنهم العمل فيه، فإن دعماً أكبر من الولايات المتحدة وحلفائها سيأتي.
وقرار تقديم دعم لوجيستي وسياسي أكبر للمعارضين السوريين هو أحدث خطوة يتخذها أوباما في شأن الصراع السوري الذي اختار فيه ألا يتدخل بالقوة العسكرية الأميركية.
حذر شديد
ويتهم البعض أوباما بالتحرك بحذر شديد بينما تذبح قوات النظام المسلحة جيدا المدنيين. ويقول معارضون: إن أكثر من 18 ألف شخص قتلوا منذ اندلاع الانتفاضة ضد حكم الأسد في مدينة درعا في مارس من العام الماضي، في حين تلوح في الأفق مذبحة محتملة أخرى في مدينة حلب.
ويشير رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي مايك روجرز، وهو عضو في الحزب الجمهوري: «اتسمنا بالبطء الشديد وعدم التنظيم حيال هذا الأمر. حتى استخباراتنا كانت بطيئة في جمع معلومات بشكل أفضل». وتابع: «اتسمنا بالبطء حتى في الوصول إلى نقطة اتخاذ قرار بشأن استخدام أدوات وقدرات أميركية أخرى لا أملك حرية الكلام عنها». ومن الأمور الدالة على أن الإدارة الأميركية لا ترى خيارات جيدة كثيرة في سوريا، عدم وجود اختلاف واضح في السياسة بين مستشاري أوباما. وقال مسؤول كبير في الإدارة: «كان هناك اختلاف أكبر فيما يتعلق بمصر وليبيا».
الأقل سوءاً
وأكد دينيس روس، الذي كان مستشاراً لأوباما لشؤون الشرق الأوسط: «نواجه أحيانا مجموعة خيارات لا يكون أي منها جيدا ونختار ما نعتقد أنه الخيار الأقل سوءا أمامنا»، مضيفاً: «في سوريا، أعتقد أن الخيار الذي اتخذته الادارة هو تبني الخيار الأقل سوءا». ولم يكن هناك قط تأييد كبير من جانب كبار مستشاري أوباما لخطوة تسليح الجيش الحر.
مخاطر مواجهة
ودخول واشنطن بشكل مباشر في الصراع قد يجلب أيضا خطر حدوث مواجهة بين قوى كبرى نظرا لأن روسيا حليف قديم للأسد. ولا يتوق الرئيس الاميركي لصراع جديد في الشرق الأوسط بينما يسعى لطي صفحتي حربي العراق وأفغانستان.
وتزداد حدة الانتقادات في وقت تستعد الولايات المتحدة لانتخابات رئاسية هذا العام. فمرشح الحزب الجمهوري مت رومني، الذي سيخوض الانتخابات أمام أوباما، اتهم الرئيس الأميركي أن زعامته تتسم بـ«التنازل» فيما يتعلق بأزمة سوريا.
وقال السناتور الجمهوري جون ماكين الذي يدعم تسليح الجيش الحر: إن الإدارة «لا تنتهج سياسة محددة وأعتقد أنها تنتقل فقط من مستوى من الخطابة إلى مستوى آخر. نفذت لديها العبارات والأوصاف بينما يحتاج الموقف بشدة لزعامة أميركية غائبة تماما»، مضيفاً: «التقيت بزعماء في المنطقة قالوا إنهم بحاجة لزعامة أميركية من الواضح أنها غائبة».
تنحي
ذكر نائب مستشار البيت الأبيض للأمن القومي بن رودس أن مطالبة الرئيس الاميركي باراك اوباما للرئيس السوري بشار الاسد بالتنحي، والذي جاء بعد خمسة شهور من بدء الثورة، «كان أصعب من المتصور». واردف: «يظن الناس دائما أن من السهل مطالبة زعيم بالتنحي. الأمر ليس كذلك. فهذا يعني في الواقع أنه لن يكون هناك تعامل أبداً مع هذه الحكومة».
