للمرة الأولى منذ بدء الثورة السورية، نظم المحتجون في عدد من أحياء حلب تظاهرات بحماية الجيش الحر، المؤلف من جنود منشقين، في جمعة «انتفاضة العاصمتين». وقصفت القوات الموالية للنظام بالمدفعية والطائرات أحياء سكنية يسيطر عليها الثوار، حيث تحاول قوات الرئيس بشار الأسد قطع خطوط الإمداد عن الجيش الحر، الذي عزز صفوفه بمقاتلين من المحافظات الأخرى وأسر نحو 100 من جنود النظام وشبيحته، في وقت يستعد فيه الطرفان لـ«المعركة الكبرى» التي يحشدان لها في المدينة، فيما قتل 90 شخصاً على الأقل في معظم أنحاء سوريا برصاص القوات النظامية.

وقال ناشطون: إن مدينة حلب شهدت تظاهرات بحماية مباشرة من الجيش الحر وذلك للمرة الأولى. وأضافوا أن أحياء صلاح الدين والشعار والفردوس خرجت فيها تظاهرات حاشدة في جمعة «انتفاضة العاصمتين» في إشارة إلى كل من دمشق (العاصمة السياسية) وحلب (العاصمة الاقتصادية). ونقلت مراسلة «سكاي نيوز عربية» من حلب لقطات مباشرة لمظاهرة شارك فيها الجيش الحر الذي يسيطر على 40 في المئة من المدينة وفقاً لما أفاده الناشطون الميدانيون.

أم المعارك

وقال أبوعمر الحلبي، أحد قادة الجيش السوري الحر المنتشر بالقرب من حي صلاح الدين في تصريحات لوكالة الانباء الالمانية :«مستعدون لأم المعارك». ويخوض الجانبان قتالاً منذ مطلع الاسبوع الماضي من أجل السيطرة على حلب التي تعد المركز التجاري لسوريا. وقال الحلبي: إن أكثر من ثلاثة آلاف من المقاتلين الثوار من أنحاء سوريا انضموا بالفعل الى الثوار الموجودين في حلب والبالغ عددهم أربعة آلاف.

واعترف مصدر أمني بوصول نحو «1500 الى ألفي مقاتل من خارج المدينة لدعم حوالى ألفي مقاتل» من الثوار موجودين في المدينة، مشيرا الى ان هؤلاء ينتشرون في الاحياء الجنوبية والشرقية على أطراف حلب، لاسيما صلاح الدين والجوار. وتدفع الحكومة بتعزيزات إلى المدينة وتقصف مروحياتها الحربية ومدفعيتها المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، بحسب ما ذكره نشطاء المعارضة. ويجري الدفع بالقوات إلى المنطقة من إدلب بالقرب من الحدود مع تركيا.

قصف مروحي

وفي السياق، تعرضت عدة أحياء في حلب لإطلاق نار من رشاشات مروحيات القوات الموالية للنظام. وقال المرصد في بيان تلقت وكالة «فرانس برس» نسخة منه: إن «أحياء صلاح دين والاعظمية وبستان القصر والمشهد والسكري تعرضت لإطلاق نار من رشاشات الطائرات الحوامة». وتحدث عن دوي انفجارات في حيي الفردوس والمرجة واشتباكات في محطة بغداد وحي الجميلية (وسط حلب) وساحة سعد الله الجابري.

وفي حي صلاح الدين يستعد مئات المقاتلين المعارضين لمواجهة هجوم كبير تعد له قوات النظام من اجل استعادة الاحياء التي خرجت عن سيطرتها والتي تشهد اشتباكات منذ اسبوع. وشاهد مصور لوكالة «فرانس برس» تحصينات من أكياس الرمل وحافلة تعترض طريقاً لإغلاقها ومراكز للعلاج اقيمت في أقبية مدارس وفي مساجد في الحي نفسه. وتحلق مروحيات فوق المباني وتطلق نيران الرشاشات بينما يفر سكان الحي وخصوصا النساء والاطفال على متن شاحنات صغيرة في اغلب الاحيان.

وقال قائد للثوار خارج حلب يدعى أنور: «يقومون بقصف عشوائي لبث حالة من الخوف». وقال قائد للمعارضين: إن المقاتلين هاجموا قافلة لدبابات تابعة للجيش النظامي كانت تتجه نحو المدينة في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة جلب قوات من مناطق اخرى في البلاد لتعزيز قواتها هناك.

وكان مصدر أمني سوري صرح لوكالة «فرانس برس» ان «تعزيزات من القوات الخاصة انتشرت من الجهة الشرقية للمدينة، كما وصلت قوات إضافية ستشارك في هجوم مضاد شامل» على حلب. وبانتظار هذا الهجوم يشن المعارضون المسلحون برشاشات هجومية كلاشنيكوف وبنادق رشاشة وقذائف وقنابل يدوية الصنع هجمات صغيرة على مراكز للشرطة والمخابرات. وقال مراسل لوكالة «فرانس برس » في حلب: إنهم يستعدون «للمعركة الكبرى»، وأعدوا مراكز لتقديم العلاج للجرحى في أقبية المدارس والجامعات.

قصف دمشق

وفي العاصمة دمشق، قالت مقيمة إن اربع طائرات هليكوبتر حلقت أمس فوق مناطق جنوبية بالمدينة واطلقت وابل بنادق آلية ثقيلة على حيي الحجر الاسود والتضامن ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين.

واضافت عبر الهاتف: «يمكنني رؤية اثنتين (طائرتين هليكوبتر) فوقي الآن وتتجهان نحو (حي) الحجر الاسود». وكان يمكن سماع صوت اطلاق النيران في الخلفية. وكانت طائرات الهليكوبتر تحلق على ارتفاع منخفض وكانت تستهدف مباني محددة على ما يبدو.

قذائف المورتر

 

قال ناشطون في المدينة: إن قوات حكومية متمركزة على مشارف حلب أطلقت وابلاً من قذائف المورتر الثقيلة في أحياء في غرب حلب، كما قصفت طائرات هليكوبتر روسية الصنع من طراز ام.اي-25 مناطق في الشرق.

وقال ناشط يدعى أبا محمد الحلبي عبر الهاتف من حلب: «المعارضون ماهرون حتى الآن والمدنيون يمثلون أغلب ضحايا القصف». وقال ماجد نور، وهو ناشط آخر، إن المعارضين هاجموا موقعاً أمنياً في حي بستان الجوز القريب من وسط حلب.

وأضاف: «المعارضون موجودون في شرق المدينة وغربها ولهم موطئ قدم في مناطق بالوسط. تسيطر قوات النظام على مداخل حلب وعلى الشوارع الرئيسية والتجارية وتقصف الأحياء السكنية التي يسيطر عليها المعارضون».