في وقت يعيش الجانب الإسرائيلي حالة من الذعر بشأن تطورات الأوضاع بالشارع العربي عقب ثورات الربيع العربي التي أسقطت أنظمة حليفة لتل أبيب، فإن الشارع الإسرائيلي يغلي لافظًا سياسات حكومة بنيامين نتانياهو التي اندلعت ضدها مئات التظاهرات الاحتجاجية التي عمت أرجاء إسرائيل على مدار العام الماضي كله وحتى الآن، في محاولة لتكرار «الربيع العربي» مرة أخرى لكن في تل أبيب. فأضرم أحد الاسرائيليين، ويدعى موشيه سليمان، النار في نفسه منذ أيام، وتبعه آخر، اعتراضًا على تراكم الديون عليه، والحالة الاقتصادية الصعبة، على خطى «بوعزيزي التونسي»، في محاولة لاستلهام تجربة الربيع العربي مجددًا.
كما يبدو أن ميدان التحرير المصري أصبح ثقافة عالمية في الإضرابات والاعتصامات؛ الى درجة أن المعتصمين الإسرائيليين تبنوا نفس التجربة عندما اشتعلت حدة المظاهرات والاعتصامات بتل أبيب، اعتراضًا على ارتفاع أسعار المساكن، فضلا على الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة، وارتفاع أسعار بعض السلع مثل الألبان، وتفاقم أزمة الديون، ما هدد نظام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بعد أن طالب بعض المتظاهرين بإسقاطه.
ومع تواصل وتتابع اعتصامات المئات من الإسرائيليين بأكثر من 15 ميدانًا، أقام هؤلاء عددًا من الخيام، ودخل بعضهم في إضراب مفتوح عن الطعام حتى تتحقق مطالبهم، وهي الاحتجاجات التي بدأت منذ أكثر من عام بتل أبيب، ومستمرة حتى الآن.
ازمة اقتصادية
ويؤكد محللون أن الاحتجاجات التي تشهدها إسرائيل ناتجة في الأساس عن تفاقم الأزمة الاقتصادية هناك، وقد شجعتهم التطورات بالمنطقة العربية، على القيام بمثل تلك الاحتجاجات بشكل عام، للخروج من المأزق الحالي، والضغط على المسؤولية.
من جانبه، أوضح الخبير السياسي بالإسرائيليات بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عماد جاد لـ«البيان»، أن إسرائيل دولة ديمقراطية، ومن الممكن أن يتغير فيها النظام السياسي والحكومة بسهولة، وأن تسهم الاحتجاجات هناك في تعــــجيل الانتخابات البرلمانية على سبيل المثال، دون أن تحــدث ثورة، فالدول الديمقراطية لا تحتاج إلى ثورة، مقارنة بدول الربيع العربي، التي كان يحكمها أنظمة قمعية ديكتاتورية، ومن الصعب تغيير النظام فيها.
أضاف أنه من الممكن أن تكون دول الربيع العربي قد صدرت الاحتجاجات بالفعل للشباب الإسرائيلي المتضرر من سياسات نتانياهو، لكنها في الوقت ذاته لم تستطع تصدير الثورة نفسها؛ لأن الظروف السياسية تختلف، فإسرائيل تتمتع بمناخ ديمقراطي بخلاف دول الربيع العربي قبل ذلك.
ضغوط هائلة
بدورها، نوهت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن الاحتجاجات الأخيرة تعد «ضغوطًا هائلة» تؤثر في وضع حكومة نتانياهو، بعد أزمة وصفتها بـ«العميقة» في إسرائيل، هي أزمة السكن، التي جعلت السكان يرفضون وزير المالية يوفال ستينيت، ويطالبون بإقالته، الأمر الذي انتقل تدريجيًا للمطالبة بإقالة الحكومة بأكملها.
وكانت الصحيفة نشرت منذ شهور نتيجة استطلاع رأي أجرته بين المواطنين الإسرائيليين كشف عن أن 32 في المئة فقط من الإسرائيليين راضون عن أداء نتانياهو، فيما يلفظه 68 في المئة من الإسرائيليين.
انتقاد
انتقدت رئيسة حزب «كاديما» المعارضة الإسرائيلية ووزير خارجية إسرائيل السابقة تسيبي ليفني خطوات حل المشكلات المتراكمة بتل أبيب، قائلة: «بنيامين نتانياهو يسعى لإزالة خيم الاعتصام وليس لبناء المنازل»، في إدانة منها لمحاولته لتهدئة المحتجين فقط عبر خطاباته، دون خطوات إيجابية جادة في هذا الصدد. واتهمت نتانياهو بتبني حلول «هامشية» لتهدئة الأوضاع فقط، دونما وجود سياسة واضحة لحل المشكلات.. في الوقت الذي قال فيه مصدر بارز بحزب الليكود إن «نظام نتانياهو قد يسقط قريبًا».
