شدد الرئيس المصري محمد مرسي الذي يزور الرياض اليوم، بدعوة من العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، على أن أمن الخليج خط أحمر بالنسبة لبلاده، وفيما نفى البيت الأبيض وجود توقيت للقاء ثنائي بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ومرسي، دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون القادة المصريين إلى إجراء حوارٍ مكثف لإنهاء الأزمة القائمة في البلاد، فيما أعربت ألمانيا عن ثقتها بأن مصر ستحل أزمتها السياسية، وتعهدت برلين بمساعدة القاهرة على استعادة أموالها المنهوبة. وأكد الرئيس المصري متانة العلاقات المصرية-السعودية، وثمن جهود العاهل
السعودي في دعم القضايا العربية، وقال: «نكن كل التقدير والاحترام لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والشعب السعودي، ونثمن جهوده المخلصة لدعم التعاون العربي ودوره في تأييد القضايا العربية». وشدد مرسي على أن «أمن الخليج هو خط أحمر بالنسبة لمصر». واستطرد «مصر والمملكة تعملان لصالح الأمة العربية وحل الخلافات ودعم التضامن العربي، لأن قوتهما هي قوة للعالمين العربي والإسلامي».
علاقات متميزة
وأوضح مرسي في تصريحات لصحيفة «عكاظ»، وفق الإجراءات البروتوكولية، أن القاهرة تدعم وتؤيد أي تقارب عربي-عربي. وأضاف أن «العلاقات السعودية ـ المصرية متميزة، ونموذج للتعاون العربي ـ العربي، ولا يمكن في مصر أن ننسى مواقف المملكة أبداً التي دائماً وأبداً تقف مع البلدان العربية». وأشار مرسي إلى «أهمية واستراتيجية العلاقات بين المملكة ومصر». واصفاً إياها «أنها دائماً وأبداً تسير إلى الأفضل».
وهذه الزيارة المقرر لها اليوم، هي الأولى لمرسي خارجياً بعد توليه مهام منصبه نهاية الشهر الماضي، وسيجري خلالها مباحثات مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز حول سبل تعزيز العلاقات بين البلدين.
إلى ذلك، قال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني، رداً على سؤال عما إذا كان أوباما سيلتقي مرسي: «أعتقد أن ثمة تقريراً مبالغاً فيه، أتوقع أن يجد الرئيس فرصة للقاء أو رؤية الرئيس مرسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكن لم نعمل على التفاصيل بعد وإنما نتوقع أن يتمكن من رؤيته». وأضاف «لم يتم العمل على أي اجتماع ثنائي مخطط له مع أي زعيم، والأمر لا يتعلق بمصر فقط».
حديث كلينتون
وفي ظل الأزمة السياسية والدستورية التي تعيشها مصر؛ قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون: «أحض على إجراء حوار مكثف بين أصحاب الشأن بهدف تحديد مسار واضح». وشددت كلينتون خلال مؤتمر صحافي، بعد مباحثات أجرتها في فيتنام، على «أهمية إجراء حوار وبذل جهود منسقة من جانب جميع من يحاولون معالجة المشكلة التي يمكن فهمها، ولكن ينبغي حلها لتفادي أي صعوبة يمكن أن تحرف العملية الانتقالية عن مسارها».
وأضافت كلينتون «من حق المصريين أن يحصلوا على ما ناضلوا من أجله وما صوتوا من أجله، وأي حكومة منتخبة تتخذ قرارات بهدف تقدم البلاد». وتابعت «من المهم التشديد على أن الديمقراطية ليست فقط مسألة انتخابات».
وقالت كلينتون: «المطلوب إجراء حوار سياسي دينامي يشمل الجميع والاستماع إلى المجتمع المدني وإقامة علاقات جيدة مع المسؤولين المدنيين والعسكريين بحيث يعمل كل شخص لخدمة مصالح المواطنين». وختمت الوزيرة الأميركية: إن «الولايات المتحدة تظل ملتزمة بالعمل مع مصر، مع الحكومة والمجتمع المدني على السواء لمساعدة هذا البلد على إنجاز الانتقال الديموقراطي».
تفاؤل ألماني
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيليه، عن ثقته بأن مصر ستتجاوز الأزمة القانونية والسياسية التي تعيشها حالياً.
وأوضح فسترفيليه عقب لقائه مرسي في القصر الرئاسي، أمس، إن «الرئيس المصري أكد له أنه يحترم سلطة المحكمة الدستورية العليا رغم المرسوم الذي أصدره بإعادة صلاحيات مجلس الشعب». وصرح الوزير الألماني، الذي يعتبر أول مسؤول غربي يزور القاهرة بعد الانتخابات الرئاسية: «لدي انطباع أنه يمكن إيجاد حل». وأضاف «ليس هناك ضمان أن الطريق نحو الديمقراطية ستكون مكللة بالنجاح، لكننا نريد القيام بما يمكننا لضمان نجاحها».
وتابع «أكد لي الرئيس الجديد، وهو الأول الذي ينتخب ديمقراطياً في مصر، أن هدفه ليس التشكيك في قرار المحكمة الدستورية بل كيفية تنظيم تطبيق القرار. وأعتقد أن الطريق نحو حل لتجاوز الأزمة سينجلي».
كذلك، نقل الوزير الألماني إلى مرسي دعوة من المستشارة أنجيلا ميركل لزيارة ألمانيا، لافتاً إلى أن الرئيس المصري قبل الدعوة، على أن يحدد موعد الزيارة لاحقاً.
الزيارة تؤكد حتمية العلاقات بين قطبي العالم العربي
يقول محللون إن زيارة الرئيس المصري إلى السعودية كوجهة أولى إثر انتخابه تؤكد حتمية العلاقة بين قطبي العالم العربي وحاجتهما المتبادلة للتعاون رغم الحساسيات التي برزت بعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك.
ويقول المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي، إن «الزيارة تأتي بعد تحول كبير في مصر لتأكيد أن العلاقة بين البلدين مستمرة بغض النظر عمن يحكم في القاهرة، فالمملكة ليس لديها تحفظات حيال حكم الإخوان المسلمين». ويتابع «هناك إشارات عديدة من المصريين أنهم يقدمون علاقاتهم مع دول الخليج خصوصا السعودية على العلاقات مع إيران».
ويضيف خاشقجي «لا أعتقد أن مصر مهتمة بعلاقات خاصة مع إيران إنما تتجه الى علاقات محورية مع تركيا والسعودية، فإيران بلد غارق بحاجة الى من يساعده ولا يستطيع أن يقدم شيئا بالنسبة لمصر، ليست هناك أي فوائد في العلاقة مع طهران».
من جهته، يوضح رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في جدة أنور عشقي، أن «علاقة الإخوان المسلمين في مصر بإيران أمر يخصهم وحدهم.. لا اعتراض على ذلك لكن عليهم ألا يقبلوا بدور أو تدخل إيراني في مصر أو غيرها من الدول».
ويتابع عشقي «يجب التذكير بأن الزيارة الأولى لمحمد نجيب أول رئيس لمصر بعد ثورة العام 1952 كانت إلى السعودية أيضا، فأصبح الأمر أشبه بتقليد».
بدوره، يقول رئيس مركز الخليج للأبحاث عبد العزيز بن صقر، إن «الاستقرار السياسي في مصر أمر مهم بالنسبة للمملكة، لأن تداعياته تنعكس عليها سلباً أم إيجاباً». ويضيف، إن «موقف مصر من القضية الفلسطينية مهم وأساسي لكن هل سيتخذ مرسي موقفا مختلفا ومتطورا إزاء حماس، أم أنه سيكتفي في الإبقاء على المواقف السابقة؟». ويتابع إن «إيران تريد تخويف الدول الأخرى وإيهامها بأن التغيير في مصر يأتي نجاحا لثورتها والإسلام السياسي».
تشكيلة حكومية
قال القائم بأعمال الناطق باسم الرئاسة المصرية ياسر علي، إن الرئيس محمد مرسي يواصل مشاوراته وصولًا للشكل الأمثل، حيث سيعلن قريباً عن تكليف إحدى الشخصيات بتشكيل الحكومة الجديدة. وكانت أنباء ترددت عن إعلان مرسي التكليف الحكومي قبيل مغادرته إلى الرياض اليوم، إلا أن ياسر علي نفى توقيت الإعلان بالتكليف الحكومي وربطه بالزيارة.
