لا تزال موجة «تسونامي» تضرب الساحة السياسية المصرية حتى في أوساط أهل الدستور والقانون على خلفية قرار الرئيس المصري محمد مرسي بعودة البرلمان للانعقاد!.. وبينما وصف البعض القرار بأنه «سياسي» في المقام الأول ويدخل في نطاق القرارات الثورية التي لا تتعارض ورغبة رجل الشارع، عارض البعض القرار معتبرا أنه «أهدر بشكل واضح أحكام القضاء» وأنه تعدٍ صريح على حكم المحكمة الدستورية العليا التي قضت ببطلان انتخابات مجلس الشعب.

من جانبه، يدافع المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة أحمد أبو بركة عن قرار مرسي بعودة البرلمان، معتبرًا أنه «خطوة لاستعادة الرئيس لصلاحياته التي نزعها منه المجلس العسكري في إطار الإعلان الدستوري المكمل»، مشيرا إلى أن القرار «أعاد تصحيح قرار المجلس العسكري»، والذي أعطى لنفسه الحق في حل البرلمان دون أن تكون لديه سلطة واضحة لاتخاذ هذا القرار في الإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011، بالشكل الذي يهدف إلى سد الفراغ التشريعي في البلاد.

ويرفض أبو بركة القول بأن هذا القرار «يمثل إهدارًا لأحكام المحكمة الدستورية العليا»؛ و ذلك «لأنه لم يتعرض لحكم المحكمة ببطلان انتخابات مجلس الشعب، بل تعرض إلى قرار المجلس العسكري الذي أعطى لنفسه الحق بحل البرلمان دون وجه حق»، ومن ثم كان على الرئيس بحكم الصلاحيات الممنوحة له إلغاء هذا القرار استجابة لرغبة الشعب الذي هو مصدر السلطات، بحسب أبو بركة.

صلاحيات

ويتفق مع وجهة النظر السابقة عدد من الفقهاء الدستوريين بينهم نائب رئيس محكمة النقض السابق المستشار أحمد مكي، ورئيس اللجنة التشريعية في البرلمان المستشار محمود الخضيري ورئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار ضياء حسنين، مؤكدين أن القرار «سياسي» في المقام الأول ورسالة إلى المجلس العسكري بأن الرئيس قادر على انتزاع الصلاحيات التي سلبت منه، رافضين إقحام القضاء والمحكمة الدستورية في القرار؛ لأن القرار بحسبهم، «لم يتعرض إطلاقًا للحكم الصادر من المحكمة الدستورية»، التي أصدرت حكمها فقط بعدم دستورية مجلس الشعب لكنها لا تملك حله، بدليل أن رئيس المشير محمد طنطاوي هو من حل مجلس الشعب استنادًا إلى الحكم ثم جاء الرئيس ليلغى قرار العسكري ويعيد تصحيح الأمور.

تعد صريح

لكن في موازاة ذلك، يرى رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار أحمد الفقي أن قرار عودة مجلس الشعب «ضرب بأحكام القضاء عرض الحائط ويعد تعديًا صارخًا على الأحكام القضائية» خاصة أنها صادرة من المحكمة الدستورية العليا، مشيرًا إلى أن قرار المحكمة قضى ببطلان مادتين وفقرتين من مرسوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي على أساسه صدر قرار بطلان مجلس الشعب.ويتوقع الفقي أن يؤدي قرار مرسي فيما سماه «بلبلة في الأوضاع القانونية»، مؤكدًا أنه حال تم الطعن على القوانين والتشريعات التي سيصدرها البرلمان فإنها «ستكون معرضة لصدور قرارات ببطلانها؛ لأن هذه التشريعات ليست لها صفة قانونية».

بدوره، يصف الفقيه الدستوري إبراهيم درويش القرار بأنه «يوم حزين في تاريخ مصر» حيث سيكتب التاريخ أن أحكام الدستورية العليا بتاريخها العريق أهدرت على يد رئيس الجمهورية، موضحًا أن القرار يصب في مصلحة جماعة الإخوان المسلمين وبمثابة انقلاب إخواني على السلطة.

 

 

 

فجيعة

 

 

 

رفض عدد كبير من الفقهاء الدستوريين تسييس القرار، مؤكدين أنه «طعنة للسلطة القضائية» وهدم لسيادة القانون.ويصف الفقيه الدستوري يحيى الجمل القرار «بالفجيعة»، مؤكدًا أن الرئيس فعل «ما لم يفعله الرئيس السابق حسني مبارك في حق القضاء»، فالأخير رغم سطوته لم يستطع أن يهدر حكم الدستورية العليا بحل البرلمان في عهده، وهو ما فعله مرسي الذي بدأ مشواره الرئاسي بإهدار أحكام القضاء.