يحتفل السودانيون الجنوبيون اليوم الاثنين بمرور عام واحد على انفصالهم عن الدولة الأم السودان وسط تحديات تواجهها، أبرزها الأمن وترسيم الحدود ووضع منطقة أبيي المتنازع عليها مع الجارة الشمال. وبهذه المناسبة، قال نائب رئيس جنوب السودان رياك ماشار إن في مثل هذا الوقت من العام الماضي احتفل الجنوبيون بالاستقلال وعمت الافراح كل بقاع اراضيه الخصبة والكل كان يحدوه الامل بأن تنعم الدولة الفقيرة من الظاهر والغنية في باطنها بالأمن والرفاه، إلا أن العام مر ولم يتحقق من ذلك شيئ، فالنزاعات القبلية الداخلية لا تزال هي المسيطر على الحياة والفقر والعوز هو السمة البارزة لمواطني الدولة الوليدة، وأبناء الجنوب الذين شردتهم الحروب التي امتدت لأكثر من 20 عاما عادوا إلى موطنهم واصطدموا بالواقع القاسي ...كل ذلك ولا تزال القضايا العالقة في انتظار الحل.
الخرطوم تحمل
في المقابل يبدو أن الخرطوم تحمل الجنوبيين مسؤولية ما آلت إليه أوضاعهم حيث اعتبر المحلل العسكري والسياسي اللواء عبدالرحمن ارباب ان الحروب القبلية التي يشهدها الجنوب والفساد والأطماع الشخصية من قبل بعض قادة الحكومة بجانب سيطرة الجيش الشعبي على مقاليد الأمور كانت سبباً مباشراً في خيبة الأمل التي يعيشها المواطن الجنوبي، باعتباره سعى إلى الاستقلال بزعم ان الشمال هو المتحكم في شؤونه، ويضيف ارباب قائلاً:« الجنوبيون كانوا يعتقدون ان الشمال هو من يضطهدهم ويسرق ثرواتهم ويظلمهم تنمويا وسياسيا، الا ان الحقائق تكشفت لهم بعد عام واحد فقط من الاستقلال بعدما عرفوا ان الجيش الشعبي هو الذي يضطهدهم، حيث ارتفعت وتيرة النزاعات وانتهكت حقوق المدنيين وتم اعتقال العديد ممن يعارضون السياسة التي يفرضها الجيش الشعبي هناك».
الخلافات والاتهامات
اما اذا توقفنا على شكل العلاقة بين الشمال والجنوب فنجد ان الخلافات والاتهامات المتبادلة هي الطابع الأساسي الذي يميز تلك العلاقة، منذ قبل انفصال الجنوب بشهر بدأت شرارة الحرب في ولاية جنوب كردفان بعد توقف دام لأكثر من ست سنوات عمر اتفاقية السلام. وبحكم ان الولاية تقع علي الحدود مع الدولة الجديدة ومن يقود الحرب كان احد القادة الذين كان لهم دورهم في الجيش الشعبي الجنوبي، وهو عبدالعزيز الحلو، فان أصابع اتهام الحكومة توجهت من غير تردد إلى الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب بانها من قدمت العون والسند لاشعال الحرب في الشمال.
وردت الحركة الشعبية الاتهام عنها باتهام بمضاد لحكومة الخرطوم باعتبارها تقدم الدعم للمتمردين الجنوبيين ضد حكومة جوبا. ونجد ان هذا التراجع في العلاقات بين الطرفين هو بالضبط ما أسف له نائب رئيس الجنوب مشار غير انه اعرب عن امله في ان يتم التوصل الى تسوية سلمية للاوضاع المتأزمة بين البلدين من خلال المفاوضات التي تجري بين الخرطوم وجوبا باديس ابابا دون التوصل لأي نتائج حتى الآن.
حيث اعتبر مشار الخلاف الاكبر يتمثل في قضايا الامن وترسيم الحدود ووضعية منطقة ابيي المتنازع عليها .ويرى اللواء الارباب أن الخاسر الوحيد في تلك المعارك السياسية والعسكرية التي تخوضها الوليدة هو المواطن الجنوبي باعتبار ان هناك حوالي مليون مواطن عادوا للجنوب دون أن يجدوا المأوى، ويضيف الارباب بأن الوضع المأساوي الذي يعيشه المواطن بالجنوب هو الذي جعل النخب هناك تشعر بعقدة الذنب وتأنيب الضمير في.
تحديات باقية
ويقول مراقبون ان عاما انقضى من عمر دولة جنوب السودان ولا تزال هناك العديد من التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه بقائها كدولة مستقلة، تتمثل الداخلية في كيفية خلق ارضية صالحة لبناء مؤسسات الدولة المدنية واخرى تنموية تتعلق بتوفير غذاء وتعليم وصحة ووضع حد للصراعات القبلية المنتشرة، إلى جانب تلك الخارجية التي تتمثل في خلق قاعدة ثقة بينها والسودان الشمالي.
