تحبس ليبيا أنفاسها مع ترقبها لنتائج أول انتخابات أجرتها منذ أكثر من أربعة عقود، حيث أعلن الليبراليون تقدمهم في النتائج الأولية غير الرسمية التي رفضت مفوضية الانتخابات تبنيها، مع الأنباء التي تواترت عن تحقيق تحالف القوى الوطنية بقيادة المسؤول السابق في المجلس الانتقالي محمود جبريل مكاسب كبيرة، على عكس التوقعات التي رجحت كفة الإسلاميين، في حين أعلن عن مشاركة أكثر من مليون و700 ألف ناخب في الاستحقاق وبنسبة تجاوزت 60 في المئة.
وأكد ائتلاف الليبراليين أمس أن التقارير الأولية أشارت إلى تقدمه على منافسيه بمعظم دوائر ليبيا في الانتخابات التي جرت أول من أمس. وقال الأمين العام لتحالف القوى الوطنية، الذي يقوده محمود جبريل عضو المجلس الانتقالي السابق ويضم أكثر من 40 حزبا، فيصل الكريكشي إن «التقارير الأولية للائتلاف أشارت إلى تقدمه في معظم الدوائر الانتخابية».
وأضاف انه يفضل انتظار النتائج الرسمية التي ستصدرها المفوضية العليا للانتخابات، قبل الإدلاء بمزيد من المعلومات.
بدوره، أقر زعيم ابرز حزب إسلامي في ليبيا بأن الليبراليين سجلوا تقدما واضحا في مدينتي طرابلس وبنغازي.
وقال زعيم حزب العدالة والبناء الإسلامي المنبثق من الإخوان المسلمين محمد صوان بعد ساعات على بدء عملية فرز الأصوات أن «تحالف القوى الوطنية حقق نتائج جيدة في بعض المدن وأحرز تقدما ملحوظا في طرابلس وبنغازي».
وتخص هذه النتائج الأولية المقاعد المخصصة للوائح الحزبية التي تتنافس على 80 مقعدا من اصل 200 سيتألف منها المؤتمر الوطني العام. أما المقاعد الـ120 الباقية، فمخصصة لمرشحين أفراد غير أن التوقعات كلها ترجح أن يكون المنحى هو نفسه ذلك أن هؤلاء المرشحين مدعومون في الغالب من أحزاب.
من جهتهم، اكد أفراد شاركوا في مراقبة الانتخابات أن الليبراليين احرزوا انتصارا ساحقا في العديد من الدوائر والمراكز الانتخابية، مشيرين إلى أن نسبة تقدمهم تصل في بعض الأماكن إلى 90 في المئة كما هي الحال في حي أبو سليم في العاصمة الذي كان شهد مجزرة سجنه العام 1996.
موقف المفوضية
يأتي ذلك في وقت أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة تجاوزت 60 في المئة. وقال رئيس المفوضية نوري العبار أن عدد الليبيين الذين أدلوا بأصواتهم في انتخابات المؤتمر الوطني فاق مليوناً و700 ألف من أصل مليونين و800 ألف يحق لهم التصويت.
وأشار العبار في مؤتمر صحافي أن النتائج الأولية قد يعلن عنها خلال اليوم الثلاثاء أو غداً الأربعاء نظرا لأن الناخبين في منطقة السدرة أدلوا بأصواتهم الليلة قبل الماضية نتيجة تأخر مستلزمات التصويت في الوصول إليهم.
واعتبر في هذا الخصوص أن هذه النتيجة تعد نجاحا كبيرا، مبيناً أنه لم يتم تسجيل أي حوادث أو أضرار تذكر تمس بالعملية الانتخابية.
ولفت إلى أن موعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات غير محدد بشكل نهائي، داعيا وسائل الإعلام إلى عدم التسرع في إعلان النتائج قبل الإعلان النهائي عليها من قبل المفوضية.
ورفض العبار إعطاء أي معلومات حول تقدم أي من الكيانات السياسية في هذه الانتخابات، مؤكدا أن المفوضية ليس لديها في الوقت الحاضر أي مؤشرات على تقدم أي من المرشحين.
انفاق الداخلية
في غضون ذلك، كشف مسؤول أمني كبير أن وزارة الداخلية أنفقت أكثر من 700 مليون دينار لتأمين الانتخابات وتجهيزها بالمعدات الأمنية.
وأشار وكيل وزارة الداخلية عمر الخذراوي إلى أن الخطة الأمنية التي وضعت كانت تتوافق مع المعايير التي وضعتها الأمم المتحدة، معتبرا أن عملية الاقتراع بالدوائر الانتخابية في كل مدن طرابلس والمناطق الغربية والجنوبية سارت على ما يرام وأنه لم تحدث بها أي اختراقات أمنية.
فرحة عارمة
وفي هذه الاثناء، تسود المدن الليبية عامة والعاصمة طرابلس على وجه التحديد منذ إغلاق صناديق الاقتراع مساء أول من أمس حالة من الفرح بإجراء أول انتخابات عامة تشهدها البلاد منذ نحو نصف قرن من الزمن.
وتكدست مئات السيارات في شوارع طرابلس مطلقة العنان لأبواقها، وحاملة الأعلام الليبية في جو احتفالي صاخب، في حين تدفق الآلاف إلى ساحة الشهداء وسط عاصمة ليبيا للاحتفال بهذا العرس الانتخابي النادر في ليبيا، وهي نفسها الساحة التي كان يستخدمها العقيد معمر القذافي للحشد والتعبئة ضد خصومه السياسيين.
ودوت أصوات الرصاص في أركان طرابلس، وأطلقت الألعاب النارية في سماء المدينة الساحلية وتعطلت حركة المرور تقريبا بسبب كثافة الحركة وبشكل خاص نحو الطرق المؤدية إلى ساحة ميدان الشهداء.
أوباما يرحب
اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما تنظيم الانتخابات «خطوة مهمة أخرى وعلامة فارقة» في انتقال البلاد نحو الديمقراطية. ووصف أوباما في بيان الانتخابات بأنها «تاريخية»، بقوله: «إنها تظهر أن مستقبل ليبيا صار بين أيدي الشعب بعد أكثر من 40 عاما كانت ليبيا خلالها تحت قبضة ديكتاتور».
حدث مميز
اعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ حدثاً مميزاً وخطوة تاريخية اتخذها الليبيون تجاه الحرية. وقال هيغ في بيان إن الليبيين مارسوا لأول مرة منذ 42 عاماً حقوقهم الديمقراطية باختيار قادتهم، واتخذوا خطوة تاريخية تجاه الحرية ومساءلة قادتهم، مهنئاً السلطات الليبية على سرعتها باتخاذ الاستعدادات اللازمة بدعم من بعثة مساعدة ليبيا لتنظيم الانتخابات.
انتخابات تاريخية
وصفت مسؤولة السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون الانتخابات بأنها «تاريخية»، مشيدة «بجو الحرية» الذي جرت فيه. وفي بيان مشترك مع المفوض الأوروبي المكلف بشؤون توسيع الاتحاد وسياسة الجوار ستيفان فوله، أكدت آشتون أن انتخابات المؤتمر الوطني التي جرت أمس من شأنها أن ترسي بداية عهد جديد من الديمقراطية في ليبيا.
منعطف حاسم
وصفت إيطاليا الانتخابات التي جرت في ليبيا، بأنها منعطف حاسم، مؤكدة أن الأمر يتعلق بمرحلة مصيرية في هذا البلد نحو إرساء الديمقراطية.
وقال وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرزي في بيان إن الانتخابات الليبية تشكل منعطفا حاسما في تاريخ البلاد ومرحلة مصيرية نحو ترسيخ العملية الديمقراطية.
المرزوقي يهنئ
هنأ الرئيس التونسي المنصف المرزوقي رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل بنجاح الانتخابات التأسيسية.
وجاء في بيان للرئاسة التونسية أن المرزوقي أجرى مكالمة هاتفية مع عبدالجليل مهنئا إياه وكافة الشعب الليبي بالانتخابات التأسيسية التي جرت في جو اتسم عموما بالهدوء وبالإقبال المكثف للمواطنين.
