عادت أزمة «الاختيار الطائفي» التي اندلعت عند تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، لتشتعل مجدداً في أثناء مناقشة تشكيل الحكومة المصرية الجديدة، والتي يؤكد المراقبون أن الرئيس مرسي في حيرة من أمره بشأن تشكيلها، فيما دعا حزب «المصريين الأحرار» إلى اعتماد الكفاءة في اختيار أعضاء الحكومة والابتعاد عن المحاصصة الحزبية.

وفي الوقت الذي تعج فيه الساحة السياسية بحملات التشكيك والتخوين لعدد من الشخصيات البارزة، تثار هذه الإشكالية أيضاً في تشكيل الفريق الرئاسي المعاون للرئيس مرسي، سواء ما يتعلق بنوابه أو مستشاريه أو حكومته، فهو مطالب الآن بوجود وزراء أقباط في الحكومة الجديدة، فضلاً عن ضرورة أن يشمل الفريق الرئاسي الخاص به نوابا ومستشارين أقباطًا، وذلك وفقا لما أكده الناطق الإعلامي باسم الكنيسة الإنجيلية، القس إكرام لمعي، في تصريحات خاصة لـ«البيان»، والذي أكد مطالبة الأقباط بوجود من يمثلهم بمؤسسة الرئاسة وبالحكومة الجديدة.

معضلة الأقباط

وكان نظام الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، يهتم بإشراك الأقباط في الحكومات المختلفة، ليشمل تشكيل الحكومة 2 أو 3 وزراء أقباط، كان أبرزهم في حكومة الدكتور أحمد نظيف، وزير المالية، بطرس غالي. في غضون ذلك، يؤكد مراقبون إمكانية أن يثير تشكيل مؤسسة الرئاسة والحكومة أزمة طائفية في مصر، وخاصة في ظل تأكيدات بعض النشطاء السلفيين على ضرورة ألا يكون للرئيس نائب قبطي. وشدد القيادي السلفي عبدالمنعم الشحات، على أنه لا يجوز تعيين أي نائب قبطي أو وزير قبطي إلا بالرجوع إلى مجمع البحوث الإسلامية أولاً ليقدم فتوى صحيحة في مدى توافق ذلك مع الشريعة الإسلامية، مؤكدًا في السياق ذاته على رفضه الشخصي التام لاختيار أي نائب أو أي عضو قبطي في مؤسسة الرئاسة أو الحكومة.

وكان حزب النور السلفي، قد حذّر رسميًا من اختيار نائب قبطي لرئيس الوزراء، بداعي أن ذلك من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام الاختيار الطائفي في مؤسسة الرئاسة عقب ذلك.. ويأتي هذا في الوقت الذي يطالب الأقباط بضرورة وجود من يمثلهم بمؤسسة الرئاسة، ما يجعل الأمور تتأزم، وتزيد العقبات في طريق الرئيس مرسي.

دعوة لاعتماد الكفاءات

من جانب آخر أكد حزب «المصريين الأحرار»، حاجة البلاد الملحة لحكومة وطنية تضم كفاءات وخبرات عالية وقادرة على إنقاذ الاقتصاد من الانهيار ومواجهة المشاكل الأساسية للمواطنين وإصلاح البنية الأساسية المتداعية برؤية علمية وواقعية، وبدون اللجوء للمسكنات والحلول الجزئية المتعجلة.

وأعلن بيان للحزب أمس، عن رفضه الاتجاه إلى توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة، على الأحزاب بمنطق اقتسام الغنائم، كل بحسب نفوذه السياسي أو وزنه الانتخابي، مشدداً على ضرورة إعطاء الأولوية للأكثر كفاءة وخبرة والأفضل رؤية حتى لا تتكرر محنة جمعية الدستور مرة أخرى، والتي قامت على أساس المغالبة وليس المشاركة والتوافق الوطني، مؤكداً ضرورة تعامل، مؤسسة الرئاسة، بشفافية كاملة مع كل القضايا الرئيسية وخاصة الموقف من قرار المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب وإنهاء الجدل حول هذا الموضوع نهائيا والتأكيد على الاحترام الكامل لقدسية أحكام القضاء.

معايير جديدة

وطالب الحزب، رئيس الجمهورية بإعلان معايير عملية لإعادة بناء جهاز الشرطة في مصر بما يحافظ على هيبته ودوره الوطني، وأيضاً على علاقة مع الشعب تحترم الكرامة وحقوق الإنسان.، منبهاً إلى أن تطبيق القانون بحزم على الجميع هو الكفيل بإعادة الأمن، وعودة النظام والنظافة للشارع المصري، لافتا إلى أن قيام الدولة ومؤسساتها بدورها الرقابي وفى مكافحة الفساد هو الكفيل بحل أزمات الطاقة وارتفاع أسعار السلع أو اختفائها. وأعرب الحزب عن تطلعه لأن يبدأ الرئيس مرسي على الفور بتنفيذ رؤية استراتيجية شاملة لإعادة بناء أركان ومؤسسات الدولة المدنية الحديثة، دولة العدل والقانون، كونه رئيساً لجميع المصريين في أكبر دولة بالمنطقة.