دشن الليبيون المقيمون في الخارج أمس عملية التصويت في أول انتخابات برلمانية تشهدها البلاد منذ نصف قرن لاختيار ممثليهم في المؤتمر الوطني العام (المجلس التأسيسي) الذي ينتظر أن يكون أول سلطة تشريعية منتخبة بعد ثورة 17 فبراير، وسط مظاهرات مؤيدة وأخرى معارضة للعملية الانتخابية في شرق البلاد من جهة وتأكيدات وزارة الدفاع على تأمين السير الحسن لها رغم الصعوبات والعراقيل.

ومن المقرر أن تبدأ العملية الانتخابية بليبيا في 7 من الشهر الجاري بعد أن سجل للتصويت فيها أكثر من 2.8 مليون ناخب، وهو ما يمثل نحو 80في المئة من عدد الناخبين المفترضين.

وبينما يتنافس في هذه الانتخابات ما يقارب أربعة آلاف مرشح من بينهم 2639 مرشحا فرديا، بالإضافة إلى 1202 ترشحوا ضمن قوائم الكيانات السياسية التي تصل هي الأخرى إلى 374 كيانا سياسيا تقدموا بقوائم للمشاركة في الانتخابات الحالية... تسود حالة من الغضب في المناطق الشرقية للبلاد بسبب توزيع مقاعد المجلس التأسيسي، وتجلى ذلك في قيام بعض الغاضبين بمهاجمة مقر مفوضية الانتخابات في بنغازي الأحد الماضي، وإحراق بيانات ووثائق تخص العملية الانتخابية.

وأقدم مخربون على تكسير حواسيب وجدوها في مقر المفوضية معبرين عن رفضهم لاستحواذ الغرب على 100 مقعد من إجمالي مقاعد المؤتمر الوطني، مقابل 60 مقعدا لشرق البلاد و38 للجنوب.

في الأثناء اتسعت دائرة الغضب في الشرق، وقال ناشطون إن:«ما يقارب ألف متظاهر في مدينة طبرق رفعوا شعارات ضد انتخابات المؤتمر الوطني المكون من 200 عضو، وهتفوا بهتافات ضد رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل وطالبوا برحيله».

مظاهرات مؤيدة

بالموازاة،دعمت هتافات وشعارات آلاف المتظاهرين بمدينة بنغازي إجراء الانتخابات في موعدها المحدد واعتبرت أكبر رد على اقتحام نحو 300 رافض لتوزيع مقاعد المؤتمر الوطني مقر مفوضية الانتخابات بالمدينة وتخريب محتوياتها، وهو ما يمنح فرصة كبيرة لنجاح أول استحقاق تاريخي في عهد ليبيا الحديث بمناطق الشرق.

ولم يتوقف الدعم عند الهتافات والتنديد بمحاولة تخريب الانتخابات، بل وزعت بالمظاهرة التي نظمت أمام فندق تيبستي -مقر إقامة الصحافيين والهيئات الدبلوماسية دعايات المرشحين وقبعات مفوضية الانتخابات. وناشطون إنهم ارتضوا الاحتكام للانتخابات وصندوق الاقتراع سبيلا حضاريا «لا تنازل عنه ولا تفريط فيه لنيل حقوقنا وإدارة الحياة العامة»، مؤكدين أن أي انتقاص من هذا الحق أو مصادرة له بوجه من الوجوه سوف يقابل بالرفض والمقاومة. وأكد بيان الحقوقيين والسياسيين أنه «لا بديل أمامنا لإنجاز عبور آمن بليبيا صوب الحلم والأمل إلا بالانتخابات النزيهة والشفافة».

طوق نجاة

وبينما رفضت جماعة الإخوان المسلمين استخدام العنف في فرض الآراء وتحقيق المطالب قائلة إنه خطر كبير على الوحدة الوطنية سيقود البلاد لمزالق خطيرة، دعا تجمع ليبيا الديمقراطية الليبيين للتوجه نحو إتمام انتخابات المؤتمر الوطني من منطلق القناعة الراسخة بأن هذه الانتخابات باتت تمثل طوق النجاة.

وقال رئيس التجمع يونس فنوش:«بهذه اللحظة التاريخية تزداد قناعتنا بأننا وصلنا بمسيرة الثورة وبناء الدولة لطريق مسدود، نتيجة فشل المجلس الوطني والحكومة الانتقالية في اتخاذ التدابير اللازمة للعبور بالبلاد بسلام وأمان حتى نهاية المرحلة الانتقالية، وتزداد قناعتنا بأن ذلك نتيجة لازمة لأن المجلس كيان لا يتمتع بالشرعية الحقيقية». وفي حين حملت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا الحكومة الانتقالية ووزارتي الداخلية والدفاع مسؤولية ما وصفته بـ«الفراغ الأمني الذي كشفت عنه حادثة اقتحام مقر المفوضية أمس في بنغازي وتمزيق محتوياتها».

وأشارت إلى أن الحكومة تتولى مسؤولية تأمين الانتخابات وتوفير الحماية الكاملة لطواقمها ومعداتها....أكد وزير الدفاع الليبي أسامة الجويلي جاهزية بلاده لإجراء انتخابات المؤتمر الوطني وذلك رغم استمرار انتشار بعض المظاهر المسلحة في بعض المناطق ، محملاً مسؤولية تأمين المقار الانتخابية لوزارة الداخلية بالأساس وبدعم من وزارة الدفاع في إشارة منه لاعتداء على مفوضية الانتخابات ببنغازي.